حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الجزائر بداية من سنة 1999، إذ جاء في ظروف استثنائية جدا، كيف لا؟ وهو قد جاء على أعقاب أزمة أمنية وسياسية كادت تعصف بدولة كالجزائر.
وبداية حكم بوتفليقة كانت غريبة جدا، فقد فاز بانتخابات كان مرشحها الوحيد بعد انسحاب المرشحين الستة آنذاك: (أحمد طالب الإبراهيمي، وزير سابق - مولود حمروش، رئيس حكومة سابق - مقداد سيفي، رئيس حكومة سابق - حسين آيت أحمد، مجاهد ومؤسس جبهة القوى الاشتراكية - عبد الله جاب الله، سياسي ورئيس حزب إسلامي).
فالغرابة في بداية حكم بوتفليقة هي أنه مدعوم من طرف العلبة السوداء للنظام الجزائري وهي المخابرات الجزائرية التي تم حلّها سنة 2015 علي يد بوتفليقة، بعد إقالة الجنرال توفيق محمد مدين.
وحكم بوتفليقة 20 سنة متوالية ومتتالية كوّن فيها زمرة تأتمر بأمره وتسبح بحمده وتدور في فلكه، لدرجة أنها تكرم إطار صورته بعد المرض الذي ألم به سنة 2013 واختفى تقريبا عن الأنظار وصار يخاطبه بالرسائل في سابقة خطيرة انبثقت عنها تراكمات وتداعيات أوصلت الجزائر للانسداد،
خصوصاً بعد استفراد القوى غير الدستورية كما وصفها رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس بختم الجمهورية. القوى غير الدستورية هذه ممثلة في محيط الرئيس بداية بـ"شقيقه" السعيد بوتفليقة ورجال المال والأعمال الذين فُتح لهما الباب الخزينة العمومية على مصراعيه.
وتجسيدا لمقولة "رُبّ ضارة نافعة"، هذه التداعيات أسّست لحراك شعبي عارم وجارف يعتبر الأكثر وعيا والأقوى على مدى أكثر من 57 سنة من استقلال الجزائر، فملامح هذا الحراك ظهرت بعد إعلان ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة لتتضح في جمعة 22 فبراير/ شباط 2019 والتي ارتعدت لها فرائص أزلام السلطة وكانت نقطة تحول مفصلية للشعب الجزائري.
وأعلن الرئيس بوتفليقة أو (المتحدث باسمه) قرارات عدة ظن أنها ستكون الحاسمة وتعيد ملايين الجزائريين لبيوتهم، لكنها استفزت عقول الجزائريين بطريقة مقيتة جداً، حيث أقيل أحمد أويحيى وعيّن وزير داخليته مكانه، ما اعتبره الشعب الجزائري التفافاً دنيئاً على مطالبه الواضحة للعالم وللسلطة الحاكمة والقاضية برحيل جميع رموز السلطة، بما فيها الأحزاب والشخصيات التي تلاعبت بعقول ومصير الجزائريين لسنوات.