استمع إلى الملخص
- تحديات التمويل والإنتاج - رغم أن المهرجان يوفر فرصة للفرق لعرض أعمالها أمام نقاد وصحافيين، إلا أن محدودية الإمكانات والدعم المالي تشكل عائقاً أمام استمرارية هذه الأعمال بعد انتهاء المهرجان.
- التناقض بين الطموح والموارد - يبرز التناقض بين جهود الهواة وندرة الموارد، مما يثير تساؤلات حول حدود الحرية المتاحة للمسرحيين لطرح أفكارهم في ظل أجواء ثقافية لا تحتمل الجدل السياسي.
كان نجيب سرور يؤمن أن المسرح هو ديوان الشعب، وأنه يفقد قيمته إن لم يعكس هموم الناس وأحلامهم. ولعل اختيار اسمه عنواناً للدورة الحادية والعشرين من مهرجان مسرح الهواة، الذي افتتح الأحد الماضي ويتواصل حتى مساء غدٍ الجمعة، يجعل من رؤيته هذه مدخلاً لقراءة هذه التظاهرة.
ويُطرح منذ البداية سؤال جوهري حول قدرة المهرجان على أن يكون بالفعل مسرحاً للناس، لا مجرد مناسبة احتفالية محدودة الأثر. انطلقت العروض على خشبة مسرح السامر بالقاهرة بمشاركة تسعة فرق من محافظات مختلفة، وقدمت أعمالاً تراوحت بين الدراما الواقعية والتجريب الرمزي. لم يكن اختيار المكان صدفة، فالمسرح تابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، ويُعد من القاعات القليلة المهيأة لاستقبال تجارب الهواة والفرق الحرة بإمكانات محدودة. كما أن اسمه يحمل بعداً رمزياً مستمداً من تقاليد السامر الشعبي، حيث كان الناس يجتمعون في الساحات والقرى للاحتفال والرواية. بهذا المعنى، جاء المكان متسقاً مع طبيعة المهرجان الذي يسعى، بحسب منظميه، إلى تمثيل الهامش وإعادة وصل المسرح بجمهوره الأوسع. عرض "عصا موسى" لفرقة البسمة لخدمات المعاقين افتتح الدورة، تلاه عرض آخر "مشهد في الحدوتة"، ثم "زائر الثانية عشرة"، و"الخوف"، و"بناقص نص"، ثم "الجُحر".
هذه التعددية تبرز بوضوح أن المهرجان يعمل بوابة وحيدة تقريباً لعبور الجمعيات الثقافية من الأقاليم إلى القاهرة، غير أن هذه الفكرة تظل موضع نقاش، فمع أن الفرق المشاركة تنال فرصة للعرض على خشبة مجهزة أمام نقاد وصحافيين، إلا أن هذه التجربة غالباً ما تبقى معزولة داخل نطاق أيام المهرجان، من دون أن تفتح لها أبواباً أخرى في المشهد المسرحي الأوسع. كما أن العروض التي يتم تقديمها خلال المهرجان تبقى أسيرة محدودية الإمكانات، فالدعم المالي شبه غائب، كما أشار عدد من المشاركين خلال الندوات التي أعقبت الافتتاح. كما أن الفرق تتحمل تكاليف الديكور والملابس على نفقتها، فيما يقتصر دور الجهة المنظمة على توفير خشبة العرض وإدارة الندوات النقدية. هذه الندوات تحولت إلى عنصر أساسي في التجربة، إذ تمنح المشاركين فرصة لسماع ملاحظات النقاد، لكنها لا تعوّض غياب البنية الإنتاجية التي يمكن أن تضمن استمرار هذه الأعمال بعد المهرجان.
يظهر التناقض بين جهود الهواة واقتراحاتهم وندرة الموارد
وهنا يظهر التناقض بين جهود الهواة واقتراحاتهم الفنية وندرة الموارد، على خلاف مهرجانات أخرى، مثل المسرح التجريبي، التي تستضيف عروضاً دولية وتعمل بمنطق احترافي، بينما يعتمد مسرح الهواة على الجمعيات الصغيرة التي تنشط خارج المركز. هذا البعد من شأنه أن يمنحه ارتباطاً بالبيئات المحلية، لكنه يضعه أيضاً في مواجهة سؤال آخر حول حدود الحرية التي يتمتع بها المسرحيون لطرح أفكارهم، وأي مدى يسمح له هذا الموقع بأن يتناول قضايا حساسة أو نصوصاً ناقدة للسلطة، في ظل أجواء ثقافية لا تحتمل كثيراً من الجدل السياسي؟