Skip to main content
ثيودور أدورنو: بيتهوفن ضمن تاريخ الفلسفة
العربي الجديد ــ باريس
من رسمة لبيتهوفن في كتاب من القرن 19

مثّلت الموسيقى التي ألّفها لودفيغ فان بيتهوفن رافداً اعترف بفضله الكثير من المفكرين والشعراء والروائيين والتشكيليين ناهيك عن موسيقيّي الأزمنة اللاحقة. إلى جانب هذ الأثر، هل يمكن الحديث عن فكر خاص تتضمّنه موسيقى بيتهوفن؟

ذلك هو المشغل الذي انبرى له المفكر الألماني ثيودور أدورنو (1903 -1969) طوال ثلاثين عاماً من حياته، حيث كان يأمل في إنجاز عمل موسوعي حول موسيقى بيتهوفن يتتبّع كل أعماله ويستخرج منها مقولات فلسفةٍ، غير أن رحيل أدورنو المفاجئ عام 1969 قد أبقى هذا الكتاب غير مكتمل، وهذا هو السبب في بقاء هذا المشروع في الظل مقارنة بمشاريع أخرى تصدّى لها أدورنو.

مؤخراً، صدرت الطبعة الفرنسية لهذا المشروع بعنوان "بيتهوفن: فلسفة للموسيقى" بترجمة ساشا زيلبرفارب عن منشورات "شارع أولم"، وهو عمل يأتي بعد فترة قصيرة من مرور الذكرى 250 لميلاد الموسيقار الألماني في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

الصورة

يرى أدورنو أن بيتهوفن جسّد أفكار عصر الأنوار موسيقياً، وأهم هذه القيم هو الإيمان بالإنسان ودعوته لإطلاق طاقته بعيداً عن التبعية أو قوالب التراتبية الاجتماعية، والذهاب إلى أقصى نقطة في تجاوز نفسه. من جهة أخرى، يرى أدورنو أن بيتهوفن عبّر على مرحلة تبلور الليبرالية ليس كفكرة نظرية بل كممارسة يومية، حيث أصبح الفرد يؤمن بمشروعه الشخصي ويكرّس حياته له وليس للجماعة التي ينتمي إليها.

يضع أدورنو بيتهوفن ضمن تاريخ الفلسفة، فيعتبر أن الموسيقى التي قدّمها رافقت صعود نجم فريديريك جورج هيغل الذي ولد في نفس العام معه، وهذه المصادفة يجعل منها أدورنو سنداً لفهم قضية "وعي العالم"، فكل من هيغل وبيتهوفن كان يعبّر عن وعي ثقافي ألماني وقتها؛ الأول عبر الخطاب الفلسفي والثاني عبر الفن الموسيقي.