استثمار سعودي يعيد الحياة إلى فندق البوابات السبع في دمشق
استمع إلى الملخص
- تسعى الحكومة السورية لجعل القطاع السياحي رافداً اقتصادياً مهماً، حيث تجاوزت الاستثمارات 21 مليار دولار، مع تسجيل خمسة ملايين زائر مؤخراً وتوقعات بزيادة العدد إلى عشرة ملايين في الصيف.
- يركز المشروع على الحرف اليدوية والصناعات التقليدية، ويشمل جداريات فنية بالتعاون مع وزارة الثقافة، مع خطط لتطوير السياحة الداخلية والخارجية وتحسين المرافق السياحية.
في خطوة وُصفت بأنها بداية مرحلة جديدة من الاستثمارات الخارجية في سورية، أعلنت وزارة السياحة السورية مساء الخميس، ضمن حفل ضمّ العديد من المستثمرين العربي والأجانب، توقيع اتفاقية مع شركة لورباك كونكورد السعودية لإعادة ترميم وتشغيل فندق البوابات السبع (شيراتون سابقاً) وسط دمشق، بميزانية تقدَّر بنحو 65 مليون دولار، ضمن حزمة استثمارات سياحية تتجاوز قيمتها الإجمالية 1.5 مليار دولار.
وقال وزير السياحة مازن الصالحاني، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن المشروع "لن يكون مجرد إعادة إحياء لفندق تاريخي"، بل سيوفر مئات فرص العمل خلال فترة الترميم والتشغيل، ويسهم في تنشيط السياحة الداخلية والخارجية، متوقعاً أن يدرّ مردوداً بالقطع الأجنبي إلى خزينة الدولة عبر استقطاب السياح والمستثمرين على حدّ سواء.
وأضاف الصالحاني أن الاتفاقية تأتي ضمن رؤية الوزارة لتحويل القطاع السياحي إلى "أحد روافد الاقتصاد السوري في المرحلة المقبلة"، مشيراً إلى أن إدخال مستثمرين سعوديين إلى السوق السورية "يمثل خطوة نوعية نحو تنويع مصادر التمويل وجذب الخبرات ورؤوس الأموال الخارجية".
وفي سياق متصل، كشف الوزير عن أن حجم الاستثمارات الملتزمة في القطاع السياحي تجاوز 21 مليار دولار منذ منتدى الاستثمار السعودي وحتى اليوم، مؤكداً تزايد الإقبال من المستثمرين العرب والأجانب والمغتربين السوريين. وأعلن تسجيل نحو خمسة ملايين زائر خلال الشهرين الماضيين، مع توقعات بأن يصل العدد إلى عشرة ملايين زائر خلال موسم الصيف المقبل.
وقال الصالحاني: "يشهد القطاع مرحلة حيوية من إعادة الإعمار والتنمية، والاستثمار في السياحة يمثل فرصة واعدة للبلاد". وأضاف أن الحكومة تسعى لتطوير السياحة الداخلية والخارجية عبر خطط طموحة تشمل تجهيز شواطئ مفتوحة على الساحل السوري، وتحسين المرافق السياحية لتلبية متطلبات مختلف الفئات، إضافة إلى إعادة إطلاق الموقع الإلكتروني لمنح تأشيرات السياحة إلكترونياً لتسهيل دخول الزوار بطريقة آمنة وفعالة.
وأشار الوزير إلى اهتمام الحكومة بإحياء السياحة الدينية، التي تشكل ركيزة اقتصادية مهمة، من خلال إعادة تأهيل المواقع الدينية وترويجها كوجهة آمنة وجاذبة للسياح من مختلف الدول. كما أكد أن هذا الجانب من السياحة له أثر إيجابي مباشر على الاقتصاد المحلي، ويدعم قطاعات الضيافة والخدمات.
وبيّن الصالحاني أن المنشآت السياحية التي تستوفي الضوابط والاشتراطات ستتمكن من الحصول على التراخيص اللازمة لاستئناف نشاطها، مشيراً إلى مشاركة شركات كبرى من دول الخليج ودول أجنبية في استثمارات واسعة لإعادة تطوير وتخطيط مواقع سياحية كبيرة.
المشروع، الذي يستغرق تنفيذه نحو عامين، سيعتمد على الحرف اليدوية والصناعات التقليدية السورية، بمشاركة "شيوخ الكار" والحرفيين المحليين، كما سيضم جداريات فنية توثق الحضارات التي مرّت على سورية، بالتعاون مع وزارة الثقافة وطلاب كليات الفنون الجميلة، ليكون الفندق أيقونة سياحية فريدة تحمل البعد الثقافي والحضاري إلى جانب الطابع الخدمي والاستثماري.
من جانبه، أكّد رئيس مجلس إدارة شركة "لورباك كونكورد" السعودية، فائز الغضيب العنزي، أن مشروع "البوابات السبع" سيكون باكورة لاستثمارات أخرى في حمص ودرعا واللاذقية، موضحاً أن شركته رصدت ميزانية كبيرة لتنفيذه "بحلّة جديدة تلبي تطلعات الزوار وتعيد دمشق إلى خريطة السياحة الإقليمية".
ويأتي هذا المشروع في وقت تسعى فيه الحكومة السورية إلى إعادة إنعاش القطاع السياحي المتضرر بفعل الحرب، ليكون رافداً للعملة الأجنبية، ومصدراً لتشغيل اليد العاملة، ومحركاً لدورة اقتصادية جديدة في بلد يواجه أزمات معيشية ومالية خانقة.
يُذكر أن فندق البوابات السبع الذي عُرف سابقاً باسم "الشيراتون"، يُعدّ من أبرز معالم دمشق السياحية منذ افتتاحه في مطلع ثمانينيات القرن الماضي. لعقود طويلة، شكّل الفندق واجهة العاصمة أمام الزوار والسياح ورجال الأعمال، بموقعه المطلّ على جبل قاسيون وقربه من وسط المدينة التاريخي.
لكنّ سنوات الحرب وما رافقها من تراجع في الحركة السياحية أثّرت بشكل كبير على نشاطه وخدماته، لتأتي اتفاقية الترميم الحالية محاولة لإعادته إلى مكانته السابقة وإطلاقه بحلّة عصرية تحافظ على هويته الأصلية.