التهريب "سرطان اقتصادي" ينخر في أسواق سورية

24 ابريل 2025
مواطنون يتسوقون في سوق باب السرايعة بدمشق، 25 فبراير 2025 (حسن بلال/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد الأسواق السورية زيادة في السلع المستوردة بعد سقوط نظام الأسد، مما يعقد الأزمة الاقتصادية بسبب تدفق البضائع المهربة التي تهدد الصناعات المحلية. وأكد محمد الحلاق أن 70-80% من المواد المستوردة تدخل عبر التهريب، داعياً لمعالجة جذور المشكلة.

- أصدرت الهيئة العامة للمنافذ إجراءات لمكافحة التهريب، مثل فرض غرامات كبيرة، لحماية الاقتصاد الوطني. وأشار مازن علوش إلى أن التهريب يستنزف الخزينة ويدفع الصناعات الوطنية نحو الانهيار.

- دعا علوش لفرض ضرائب مرتفعة على المنتجات المستوردة من دول معروفة بالتهريب، وتقديم حوافز للمصانع السورية. كما اقترح تنظيم الأسواق عبر قوانين تلزم المحلات بإبراز فواتير الاستيراد وتعزيز التعاون الإقليمي للرقابة على الحدود.

 

أدى تدفق البضائع المهربة منخفضة الجودة في سورية إلى تعقيد الأزمة الاقتصادية، وباتت هذه الظاهرة سرطانا اقتصاديا يهدّد الأسواق المحلية والمصانع التي تعاني من منافسة غير عادلة تهدد استمراريتها.

وتشهد الأسواق السورية في العاصمة دمشق طفرة غير مسبوقة في توافر السلع المستوردة التي كانت غائبة لسنوات طويلة، أبرزها المياه المعدنية التركية، مكعبات المرقة السعودية، ومساحيق الحليب اللبنانية، هذه الطفرة جاءت عقب سقوط نظام الأسد، ما أدى إلى رفع القيود المفروضة على الدولار، وخفض الرسوم الجمركية الباهظة التي كانت تشكل عائقاً أمام دخول المنتجات الأجنبية إلى البلاد.

زيادة السلع المهربة

نائب رئيس غرفة تجارة دمشق، محمد الحلاق، أكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن ما يقارب 70-80% من المواد المستوردة تدخل البلاد عبر قنوات التهريب، مؤكداً أن المشكلة لا تقتصر على التهريب نفسه بل تشمل الأساليب الخاطئة التي تُهرب بها هذه المواد، ما يؤثر سلباً على جودتها.
وأضاف الحلاق أن تهريب المواد الطبية بطرق غير سليمة، مثل تخزينها بالقرب من محركات السيارات أثناء النقل، يؤدي إلى تلفها وفقدان فعاليتها.

وفي ما يتعلق بالإجراءات الجمركية الجديدة، وصفها الحلاق بأنها خطوة إيجابية لتنظيم التجارة المحلية، مشيراً إلى بعض التحديات المرتبطة بالتعرفة الجمركية، مثل آلية تحصيل الرسوم بناءً على الوزن المصفى. وحذر من الرسوم المرتفعة على المواد الغذائية مثل اللحوم والنسكافيه، معتبراً أنها قد تشجع التهريب أو تُلحق الضرر بالصناعة المحلية.
وختم الحلاق بالدعوة إلى معالجة جذور انتشار التهريب بدلاً من التركيز فقط على مكافحته، مؤكداً أهمية العمل على إيجاد حلول شاملة لدعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز الصناعة المحلية التي تواجه منافسة صعبة.

نظام جمركي جديد

ينظر الصناعيون السوريون بعين القلق إلى المنتجات الأجنبية، وعلى رأسها التركية واللبنانية، التي تدخل الأسواق المحلية بأسعار منخفضة مقارنة بتكلفة المنتجات المحلية.
ولمواجهة هذا الواقع، أصدرت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية سلسلة إجراءات تهدف إلى التصدي للتهريب، من بينها فرض غرامات تصل إلى ستة أضعاف قيمة البضائع المهربة في حال التكرار.
وقال مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، إن سورية تواجه تحديات اقتصادية جسيمة في المرحلة المقبلة بعد سقوط نظام الأسد، مشيرًا إلى ضرورة اتخاذ تدابير صارمة لمكافحة التهريب الذي بات يشكل تهديدًا للاقتصاد الوطني.

سرطان اقتصادي

وصرّح علوش في حديث خاص لـ"العربي الجديد" بأن التهريب لا يمثل مجرد إدخال بضائع غير مشروعة إلى الأسواق، بل هو "سرطان اقتصادي" يستنزف الخزينة العامة ويدفع الصناعات الوطنية نحو الانهيار.

وأضاف علوش أن النظام الجديد لمكافحة التهريب يحمل أهمية استثنائية في دعم الاقتصاد الوطني، حيث يهدف إلى حماية صحة المواطنين من أخطار السلع غير الخاضعة للرقابة الصحية والجودة، وتعزيز الإيرادات العامة، إلى جانب تشجيع نمو الصناعات المحلية التي تعاني من منافسة غير عادلة مع المنتجات المهربة منخفضة السعر. وشدّد على أن الأسواق المستقرة والخاضعة للقانون تمثل بيئة خصبة لجذب الاستثمار المحلي والأجنبي، ما يسهم في إعادة هيكلة الاقتصاد السوري وتعزيز استقلاليته.

ضرائب سورية على المنتجات المستوردة

وفي معرض حديثه عن الإجراءات المقترحة، دعا علوش إلى فرض ضرائب مرتفعة على المنتجات المستوردة من دول معروفة بتوريد سلع مهربة، وتقديم حوافز للمصانع السورية لتحسين تنافسيتها، مثل تخفيض تكاليف الإنتاج ودعم المواد الخام. كما اقترح إطلاق حملات توعية تهدف إلى تشجيع المستهلكين على دعم المنتج الوطني.

وأشار علوش إلى أن الفترة الراهنة تتطلب تنظيمًا جذريًا للأسواق السورية وإعادة ضبط آليات البيع والتوزيع، عبر تطبيق قوانين واضحة تلزم المحلات التجارية بإبراز فواتير الاستيراد وتسجيل البضائع، وتنفيذ حملات تفتيش مفاجئة بالتعاون بين الجمارك والشرطة الاقتصادية. كما دعا مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية إلى تشديد العقوبات على المخالفين بما يشمل الإغلاق وفرض الغرامات الكبيرة.

واختتم علوش حديثه بالتأكيد على أهمية التعاون الإقليمي لتعزيز الرقابة على الحدود ومنع تدفق السلع المهربة، وذلك من خلال توقيع اتفاقيات جمركية مع الدول المجاورة وتنسيق الجهود الأمنية لملاحقة شبكات التهريب. وأعرب عن أمله في أن تسهم هذه الإجراءات في بناء اقتصاد سوري مستقل وقوي بعد التحرير.