استمع إلى الملخص
- تواجه الخطة تحديات مثل شحّ المياه وتهالك البنى التحتية، مما يتطلب تحسين إدارة الموارد المائية وتعزيز التعاون مع تركيا وإيران، بالإضافة إلى الاستثمار في مشاريع تحلية المياه والزراعة الذكية.
- يعاني العراق من أزمة مالية تؤثر على الإنفاق الزراعي، لكن هناك مستجدات إيجابية مثل زيادة المياه المتوفرة، مما يعزز الإنتاج الزراعي ويشدد الخبراء على أهمية التخطيط لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
أعلنت وزارة الزراعة العراقية عن إضافة 1.5 مليون دونم من الأراضي لخطتها الزراعية لعام 2025، بعد تسليم أكثر من 7000 منظومة ري حديثة للفلاحين في مختلف مناطق العراق. في الوقت الذي أكد فيه خبراء أن الخطة تواجه تحديات متعددة، من بينها مشكلة شحّ المياه.
ويُعتبر القطاع الزراعي من الأعمدة الرئيسية للاقتصاد العراقي، ويشكل نحو 4 إلى 6 % من الناتج المحلي الإجمالي، ويرى مختصون أن زيادة الرقعة الزراعية بمقدار 1.5 مليون دونم ستُسهم في رفع الإنتاجية الزراعية بنسبة 20 إلى 30 % خلال السنوات المقبلة، مما يخفف من عبء فاتورة الاستيراد التي تستنزف الميزانية. وذكرت وزارة الزراعة الجمعة أن المساحات الزراعية الداخلة ضمن خطة الوزارة لهذا العام ستنتج كمية كبيرة من الغلة، وستسد جزءاً كبيراً من حاجة البلاد من محصول الحنطة وباقي المحاصيل الزراعية الأخرى. وقال وكيل وزارة الزراعة العراقية، مهدي سهر، إن وزارته عملت على تقنين استخدام المياه بالزراعة من خلال التعاقد مع وزارة الصناعة والشركات الرصينة في إطار قرض (باور النمساوي) لتجهيز الفلاحين بمنظومات الري الحقلية.
وأشار البيان الى أن "العقود المبرمة بلغت قيمتها أكثر من 800 مليار دينار، وتتضمن منظومات الري الحديثة بمختلف أنواعها والتي تغطي 60 دونماً و80 دونماً و120 دونماً"، مبيناً أن "مجموع التعاقدات على منظومات الري الحديثة بلغت حدود 12 ألف منظومة منها 5400 منظومة عقد (باور النمساوي) الذي كان بقيمة 300 مليون دولار، وبالتالي ستتم تغطية بحدود مليون ونصف المليون دونم تحت الري الحديث باستخدام المرشات".
تحديات تواجه منظومة الري في العراق
على الرغم من الطموحات الكبيرة، تواجه الخطة الزراعية تحديات متعددة، من بينها مشكلة شحّ المياه نتيجة انخفاض تدفقات الأنهار، وتحديداً تلك القادمة من الجانب الإيراني، بالإضافة إلى تهالك البنى التحتية الزراعية. وقال الباحث الاقتصادي أحمد صباح لـ"العربي الجديد" إن القطاع الزراعي من الأعمدة الرئيسية للاقتصاد العراقي، مشيراً إلى أن الخطة الزراعية تشمل تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في الزراعة، إلى جانب استخدام تقنيات متطورة في عمليات الزراعة والري والمعالجة.
وأضاف أن رفع المساحات المزرعة يعتبر خطوة ضرورية لتحقيق الأمن الغذائي، بعد تجاوز العقبات التقليدية المتمثلة بالفساد الإداري وسوء التخطيط، وأن تحقيق الأهداف المعلنة يتطلب تنفيذاً فعّالاً وبرامج متابعة دقيقة لضمان الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة. وأشار إلى أن تدفقات نهري دجلة والفرات تعاني من الهدر الكبير نتيجة البنية التحتية المتهالكة وأنظمة الري التقليدية، بالإضافة إلى عوامل التغير المناخي وتدهور مساحات كبيرة من الأراضي وزيادة الملوحة فيها.
وأفاد صباح أنه رغم إعلان العراق خطته لإضافة 1.5 مليون دونم إلى الرقعة الزراعية لعام 2025، تبقى القدرة على تحقيق ذلك مرهونة بعدة عوامل، أولها تحسين إدارة الموارد المائية من خلال اعتماد تقنيات الري الحديثة وتقليل استهلاك المياه، وتعزيز التعاون الدبلوماسي مع تركيا وإيران للوصول إلى اتفاقيات تضمن حصصاً عادلة من المياه. وأكد أن الاستثمار في مشاريع تحلية المياه واستخدام المياه المعالجة يمكن أن يشكل حلولاً مستدامة، خاصة مع التوجه نحو الزراعة الذكية التي تعتمد على التكنولوجيا لتحسين الكفاءة. وختم صباح بالقول إن "العراق قادر على تحقيق أهدافه إذا نفذ استراتيجيات شاملة لإدارة المياه والتربة، وإلا فإن هذه الخطة ستظل مجرد أمل يصطدم بواقع الجفاف المتفاقم".
أزمة السيولة
من جانبه، قال المختص في الاقتصاد الزراعي، خطاب الضامن، إن العراق يواجه أزمة سيولة مالية بسبب تضخم النفقات العامة والرواتب والتعيينات الأخيرة التي شهدتها وزارات الدولة، مما يصعب رفع مستوى الإنفاق إلا من خلال خطوات مدروسة من شأنها رفع القدرة الإنتاجية وتحقيق أعلى قدر من الإيرادات العامة، ومنها إيرادات الإنتاج الزراعي.
وأضاف الضامن لـ"العربي الجديد" أن واقع الزراعة في العراق لا يختلف عن السنوات الماضية من ناحية الاعتماد على بعض المحاصيل الزراعية المستوردة من الخارج، في ظل التحديات التي تواجه قطاع الزراعة العراقية. وبيّن أن من أهم التحديات التي يعاني منها الواقع الزراعي العراقي عدم توفر الطاقة الكهربائية لأغراض تشغيل محطات الري بالشكل المطلوب والكافي، فضلاً عن ارتفاع أسعار الوقود لتشغيل المحطات الزراعية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأسمدة والبذور.
وتحدث الضامن عن وجود مستجدات تساهم في رفع القدرة الإنتاجية الزراعية تتعلق بكميات المياه المتوفرة بشكل أكبر من السنوات الماضية من خلال تساقط الأمطار وضخ المياه من قبل الجانب التركي، مما أحدث فارقاً في مجال الإنتاج الزراعي. وأكد أن الدولة تمتلك الإمكانات المالية والفنية لرفع القدرة الإنتاجية للمحاصيل الزراعية، وإمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضراوات والمحاصيل الشتوية والصيفية، لكن الوصول لمرحلة الاكتفاء يحتاج الى التخطيط والعمل المتواصل.
وبيّن الضامن أن تحقيق الإنتاج المحلي سيؤدي إلى توفير الأموال والمحافظة على العملة الصعبة داخل البلد، كما يخلق فرص عمل لعشرات الآلاف من الأيدي العاملة التي تعمل بالزراعة والنقل والتوزيع. وطالب الحكومة العراقية بالاهتمام بالإنتاج الزراعي واستثمار الموارد المتاحة كالتربة الصالحة والأنهار والمياه الجوفية، فضلاً عن الموارد البشرية الكبيرة التي تمتلك الخبرة الكاملة في تحقيق واقع زراعي متكامل في العراق. وكانت السلطات العراقية قد قلصت في السنوات الماضية مساحة الأراضي التي تشملها الخطة الزراعية الموسمية إلى النصف، وصولاً إلى استبعاد محافظات معيّنة من الخطة بالكامل، بسبب موجة الجفاف غير المسبوقة في البلاد بتأثير قطع إيران روافد نهر دجلة.