المعدن الأصفر ملاذ آمن للسوريين وسط الأزمات الاقتصادية

23 ابريل 2025
متجر ذهب في دمشق (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية في سوريا، يلجأ المواطنون إلى الذهب كملاذ آمن لحماية مدخراتهم، حيث شهدت الأيام الماضية زيادة في الإقبال على شرائه بسبب ارتفاع أسعاره محلياً وعالمياً.

- شهد احتياطي الذهب السوري تغييرات كبيرة، حيث تراجع إلى 15 طناً في 2014 بسبب الحرب، لكنه ارتفع تدريجياً ليصل إلى 26 طناً في 2024، مع ارتفاع سعر الأونصة الذهبية عالمياً إلى 3500 دولار.

- تحول نمط الاستثمار في سوريا نحو شراء السيارات الحديثة بدلاً من الذهب، رغم أن الذهب يظل خياراً استثمارياً رئيسياً للتحوط من التضخم خلال الأزمات الاقتصادية.

وجد السوريون في الذهب ملاذاً آمناً لحماية مدّخراتهم من التقلّبات الحادة، وسط تواصل الأزمات الاقتصادية والسياسية وتداعياتها على معيشتهم. وتدافع آلاف السوريين نحو حيازة المعدن الأصفر في الأيام الماضية مع حدوث قفزات في سعره محليا وعالميا. ومع بقاء التضخم عند مستويات عالية وانخفاض قيمة العملة المحلية الليرة، يظل الذهب الخيار الأكثر موثوقية للمواطن الذي يهرول بحثا عن أداة شبه مضمونة.
وفي هذا السياق، يؤكد عضو نقابة الصاغة في دمشق محمد أمين السيد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الذهب يُعد خياراً موثوقاً مقارنة بالعملات، إذ يحافظ على قيمته نسبياً، ويشكل أداةً رئيسية لدعم الاقتصاد الوطني وحماية المدّخرات من التقلبات المالية.

ويضيف أن توفر احتياطي قوي من الذهب يسهم في ضبط سعر الصرف، ويحدُّ من تأثير التضخم على القدرة الشرائية للمواطنين، كما يشير إلى أن الحكومات تعتمد على تخزين الذهب تحوّطاً ضد الأزمات غير المتوقعة، إلى جانب التعاون الدولي لضمان استقرار الأسواق. ولفت إلى أنه رغم التحديات التي تواجه احتياطي الذهب بسبب التقلبات الاقتصادية العالمية، فإنه لا يزال يشكل ركيزة أساسية لدعم الاستقرار المالي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، إذ يعكس حجمُ الاحتياطي قوةَ الاقتصاد الوطني، ما يعزّز ثقة المستثمرين الدوليين.

وشهد احتياطي الذهب السوري تغييرات كبيرة خلال العقود الماضية، إذ بلغ عام 2000 نحو 25 طناً، وارتفع إلى 30 طناً في 2010، إلّا أن الحرب والأحداث السياسية والاقتصادية التي شهدتها البلاد بعد اندلاع الثورة عام 2011 أدت إلى تراجع الاحتياطي، ليصل في عام 2014 إلى 15 طناً فحسب، ومع محاولات الحكومة لاستعادة الاستقرار المالي، ارتفع الاحتياطي تدريجياً ليصل إلى 26 طناً في عام 2024، وفق تقديرات رسمية.

على الصعيد العالمي، ارتفع سعر الأونصة الذهبية ليلامس 3500 دولار، بينما تجاوز في السوق السورية حاجز 40 مليون ليرة (الدولار = نحو 11200 ليرة)، ويعزو الخبراء هذا الارتفاع إلى عوامل عدّة، أبرزها التوترات السياسية الدولية وسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ما دفع الأسواق إلى مزيد من الحذر وزيادة الإقبال على الذهب بوصفه ملاذاً آمناً.

يعلق الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق شفيق عربش، على هذه التطورات بقوله: "في ظل ارتفاع الأسعار، توقف العديد من الصاغة عن بيع الليرات الذهبية والأونصات بسبب الإقبال الكبير عليها، إذ يرى المدّخرون أنها الوسيلة الأكثر أماناً لحماية أموالهم من التراجع المستمر في قيمة العملة"، كما يشير إلى أن البنوك المركزية لعبت دوراً بارزاً في رفع سعر الذهب من خلال عمليات شراء ضخمة، ما أدى إلى زيادة قيمته السوقية عالمياً، كما يرى عربش في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة قد تساهم في حدوث ركود اقتصادي عالمي، ما يزيد من احتمالات نشوب حروب تجارية تؤثر على الأسواق. في المقابل، يتجه المستثمرون نحو الذهب والفضة والعملات الرقمية وسائلَ للتحوط ضد الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.

أما في سورية، فقد شهدت السوق تحولاً في أنماط الاستثمار، إذ توجّهت المدّخرات نحو شراء السيارات الحديثة بدلاً من الذهب، بينما تعاني السوق العقارية من ركود بسبب تعقيدات نقل الملكية، ما دفع المستثمرين إلى تجنب البيع والشراء خوفاً من فقدان حقوقهم القانونية.
يشير عربش إلى أن الاستثمار في الذهب يحتاج إلى خبرة ودراسة دقيقة، إذ يميل البعض إلى شرائه عند ارتفاع الأسعار قليلاً، ثم بيعه عند ارتفاعه أكثر أو انخفاضه، ما يؤدي إلى خسائر بسبب التقلبات الحادة في السوق، كما أن ارتفاع أجور الصياغة يجعل بيع الذهب غير مربح لمن اشتراه حديثاً، إذ يخسر المشتري تكاليف التصنيع عند إعادة البيع.
ورغم هذه التحديات، فإنّ الذهب يظل من أهم الأصول التي يعتمد عليها المستثمرون وسيلةً للتحوّط من التضخم، ما يعزز مكانته خياراً استثمارياً رئيسياً خلال الأزمات الاقتصادية.

المساهمون