استمع إلى الملخص
- رغم التحسن، يرى الخبراء أن الاستمرارية في السياسات الإصلاحية ضرورية لمعالجة التفاوت الجغرافي والاجتماعي في فرص العمل ومواكبة التغيرات في سوق العمل العالمي.
- تزامن انخفاض البطالة مع زيادة مشاركة القوى العاملة بفضل سياسات "السعودة"، مما قد يخفض البطالة إلى 5%-6% قبل الموعد المستهدف في رؤية 2030.
شهدت المملكة العربية السعودية انخفاضاً قياسياً في البطالة، إذ تراجعت النسبة بين السعوديين من 12.8% في عام 2018 إلى 7.1% بنهاية عام 2024، ثم إلى 7% بنهاية الربع الأول من العام الجاري، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء، وهو ما اعتبرته الحكومة إنجازاً تجاوز المستهدف في رؤية 2030 بست سنوات كاملة، ما دفعها إلى إعادة النظر في الأهداف وتحديد معدل بطالة جديد عند 5% بحلول 2030 بدلاً من 7%.
ويعزو المراقبون هذا التحسن إلى جهود الحكومة السعودية في تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط، ضمن رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تعزيز فرص العمل في القطاع الخاص، حيث أبدى 95.5% من السعوديين العاطلين عن العمل استعداداً لقبول وظائف في القطاع الخاص، ما يشير إلى تحول في التوجهات نحو هذا القطاع.
ورغم أن الانخفاض الحالي في معدلات البطالة في السعودية يمثل نجاحاً اقتصادياً، إلا أن تقديراً لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية يشير إلى أنه ليس حالة دائمة ومستقرة بعد، بل هو نتيجة لسياسات إصلاحية واسعة تتطلّب الاستمرارية والتطوير، مع ضرورة التركيز على معالجة التفاوت الجغرافي والاجتماعي في توزيع فرص العمل. ووفق التقرير، فإن استمرار التحسن في التشغيل مرهون بقدرة المملكة على الحفاظ على زخم الإصلاحات ومواكبة التغيرات السريعة في سوق العمل العالمي.
وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي حسام عايش إلى أن تسجيل الاقتصاد السعودي انخفاضاً غير مسبوق في معدل البطالة يعكس حيوية نشاط القطاعات المختلفة، ورغم التفاوت بين تلك القطاعات والمناطق والشرائح العمالية فإن هذا التراجع في معدل البطالة يعزى إلى تحسن أداء سوق العمل وتطوره.
ويلفت عايش إلى انخفاض البطالة بين النساء السعوديات إلى 11%، بعد أن كانت 30% عام 2017، أي بانخفاض 19% منذ إطلاق رؤية 2030، ما يؤشر إلى أن القطاع الخاص أصبح محركاً رئيسياً للتوظيف، بدلاً من القطاع العام، مما يمثل تحولاً هيكلياً يعكس نجاح سياسات تمكين المرأة وتنمية سوق العمل.
وتزامن الانخفاض في البطالة مع ارتفاع معدل المشتغلين السعوديين إلى 47.5% في الربع الأخير من عام 2024، بزيادة 1% عن العام السابق، كما قفزت أعداد المشتغلات السعوديات بنسبة 32%، بينما ارتفعت مشاركة القوى العاملة إلى 51%، ما يراه عايش مؤشراً على جاذبية سوق العمل وقدرته على توفير فرص متنوعة، خاصة في إطار سياسات التوطين.
وإزاء ذلك، يتوقع عايش تغيرات ديموغرافية كبيرة نتيجة تركيز القطاعات الجديدة على توظيف السعوديين، ما سيقلص الاعتماد على العمالة غير السعودية في القطاعات التقليدية، مع تحولها نحو التحديث التكنولوجي، وهذه التحولات قد تخفض البطالة إلى ما بين 5% و6% قبل الموعد المستهدف في رؤية 2030، بحسب تقديره.
وفي السياق، يعزو الخبير الاقتصادي محمد الناير ما تشهده المملكة من انخفاض في معدلات البطالة بالأساس إلى سياسات "السعودة" الفعالة التي تنتهجها المملكة، موضحاً أن رؤية 2030 اعتمدت أساساً على توطين الوظائف عبر إتاحة فرص عمل أكبر للشباب السعودي من الجنسين، بعد أن كانت تعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية في السابق.
ويضيف الناير أن المملكة اتخذت خطوات عملية لسعودة العديد من الوظائف، لافتاً إلى أن هذه الاستراتيجية المتدرجة تتوسع بشكل مستمر لتشمل المزيد من الوظائف، ما سيمكن المملكة من تقليل اعتمادها على العمالة الأجنبية في المستقبل، باستثناء المهن النادرة التي تفتقر إلى الكفاءات المحلية.
ويشير إلى أن المملكة تسعى على التوازي إلى استقطاب الخبرات الأجنبية في المهن النادرة بهدف تدريب الكوادر السعودية وإحلالها تدريجياً محل العمالة الوافدة، ويتوقع أن تشهد سوق العمل السعودية انخفاضاً أكبر في معدلات البطالة، خاصة بين الشباب، إذا استمر هذا النهج بالوتيرة الحالية.