بايدن يزور أفريقيا للترويج لمشروع ينافس طريق الحرير الصيني

01 ديسمبر 2024
تدعم الصين مشروعات البنية التحتية في أفريقيا، نيروبي في 13 أكتوبر 2022 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يزور الرئيس الأميركي جو بايدن أنغولا لتعزيز العلاقات الأميركية الأفريقية، مع التركيز على مشروع سكك حديدية يربط الكونغو الديمقراطية وزامبيا بميناء لوبيتو الأنغولي، بهدف تقليل الاعتماد على الصين في المعادن المهمة.
- تواجه الدول الأفريقية تحديات اقتصادية مثل ارتفاع الديون وتراجع إيرادات السلع الأساسية، ويوصي البنك الدولي بسياسات لزيادة الإيرادات من الموارد الطبيعية، خاصة مع زيادة الطلب على معادن مثل الكوبالت والليثيوم.
- تزايد النفوذ الصيني والروسي في أفريقيا، حيث تعهدت الصين بتمويل مشاريع بقيمة 51 مليار دولار، وروسيا تعزز التعاون التجاري والاستثماري، مما يعكس اهتمام القوى الكبرى بالقارة.

يتوجه الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أنغولا اليوم الأحد، في رحلة تهدف إلى الوفاء بوعده بزيارة قارة أفريقيا خلال فترة رئاسته وينصب تركيزه خلالها على مشروع سكك ​​حديدية كبير تدعمه الولايات المتحدة ويهدف إلى تحويل وجهة المعادن المهمة بعيداً عن الصين. ويربط المشروع، الممول جزئياً بقرض أميركي، جمهورية الكونغو الديمقراطية الغنية بالموارد وزامبيا بميناء لوبيتو الأنغولي على المحيط الأطلسي، مما يوفر طريقاً سريعاً وفعالاً للصادرات إلى الغرب.

وما يهم في الأمر هو الإمدادات الهائلة من المعادن مثل النحاس والكوبالت، والتي توجد في الكونغو، وهي مكون رئيسي للبطاريات وغيرها من الأجهزة الإلكترونية. وتعد الصين اللاعب الأكبر في الكونغو، الأمر الذي أصبح مبعث قلق متزايد لواشنطن. ووقعت الصين اتفاقية مع تنزانيا وزامبيا في سبتمبر/ أيلول لإحياء خط سكة حديد منافس يتجه إلى الساحل الشرقي لأفريقيا.

وفي حين تأتي رحلة بايدن في الأيام الأخيرة من رئاسته، من المرجح أن يدعم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب المشروع ويظل شريكاً وثيقاً لأنغولا عندما يعود إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني، وفقاً لمسؤولين في إدارة ترامب السابقة. والمشروع مدعوم من شركة ترافيغورا العالمية لتجارة السلع الأساسية ومجموعة موتا إنجيل البرتغالية للبناء وشركة تشغيل السكك الحديدية فيكتوريس. وقدمت مؤسسة تمويل التنمية الأميركية قرضاً بقيمة 550 مليون دولار لإعادة بناء شبكة السكك الحديدية التي يبلغ طولها 1300 كيلومتر (800 ميل) من لوبيتو إلى الكونغو.

وتفي زيارة بايدن بتعهد واحد من ضمن مجموعة واسعة من التعهدات التي قطعها لقارة أفريقيا. ولكن هناك تعهدات أخرى لم تتحقق بعد، مثل دعم حصول أفريقيا على مقعدين دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وتعكس زيارة بايدن تحولاً في العلاقات الأميركية مع أنغولا بعد تاريخ معقد ودموي. فقد دعمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق الطرفين المتنافسين في الحرب الأهلية التي استمرت 27 عاماً في البلاد. وأقامت واشنطن علاقات مع أنغولا في عام 1993، بعد ما يقرب من عقدين من الزمان من حصولها على الاستقلال. 

وتواجه دول القارة الأفريقية تحديات اقتصادية متزايدة، أبرزها ارتفاع معدلات ديون حكوماتها، ما يفرض ضغوطاً كبيرة على مواردها المالية، ويحد من قدرتها على الاستثمار في التنمية والبنية التحتية، وتقديم الخدمات الأساسية لشعوبها. ويعتمد العديد من الدول الأفريقية على تصدير السلع الأساسية مثل النفط والمعادن، وهو ما ترتب عليه تراجع إيرادات تلك الحكومات، واضطرارها إلى الاقتراض لسد العجز في الموازنة، مع انخفاض أسعار هذه السلع.

وتختزن القارة الأفريقية ثروات طبيعية مهمة، حيث أكد مشاركون في مؤتمر عقد في العاصمة المغربية الرباط، الأربعاء الماضي، توافرها على أكثر من 70% من الاحتياطي العالمي من الفوسفات، و56% من الكوبالت، وأكثر من نصف احتياطي الذهب و30% من الألمنيوم. 

ووفقاً للبنك الدولي، فإن البلدان الأفريقية لا تجني في المتوسط سوى 40% من الإيرادات التي يمكنها الاستفادة منها بفضل مواردها الطبيعية، معتبراً أنه يمكن للدول مضاعفة إيرادات المعادن والغاز والنفط عبر تبنّي سياسات جديدة وإصلاحات لتحسين وضع الموازنة. كما يرى أن التوجه العالمي الرامي إلى تحقيق الانتقال الطاقي سيقتضي التخفيف من الاعتماد على مصادر الطاقة الأحفورية، ما سيرفع الطلب على معادن مثل الكوبالت والليثيوم والحديد، ويزيد الطلب على الأراضي التي تسمح بإقامة مشاريع الطاقة الخضراء. 

نفوذ صيني وحضور روسي في أفريقيا

وتزايد الدور الصيني في أفريقيا خلال العقدين الماضيين، وتعهد الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بزيادة دعم الصين للقارة الأفريقية الأسرع نمواً في العالم بتمويل يبلغ نحو 51 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، ودعم المزيد من مبادرات البنية الأساسية، وتعهد بخلق ما لا يقل عن مليون فرصة عمل.

وفي العام الماضي، وافقت الصين على قروض بقيمة 4.61 مليارات دولار لأفريقيا، في أول زيادة سنوية منذ عام 2016. وقال شي، في كلمته في قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي لوفود أكثر من 50 دولة أفريقية في سبتمبر/أيلول الماضي، إن الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، ستنفذ 30 مشروعاً للبنية التحتية الأساسية في أنحاء القارة الغنية بالموارد، وستقدم مساعدات مالية بقيمة 360 مليار يوان (50.70 مليار دولار).  

ويتوزع التمويل الصيني الجديد ما بين 210 مليارات يوان (29.6 مليار دولار) سيجري صرفها من خلال القروض المباشرة وخطوط الائتمان، وضخ استثمارات جديدة بقيمة 70 مليار يوان (10 مليارات دولار) على الأقل ستنفذها شركات صينية مع توفير مبالغ أصغر في صورة مساعدات عسكرية ومشروعات أخرى. وتعد الصين الآن أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يتجاوز حجم التجارة الصينية الأفريقية 200 مليار دولار سنوياً.

كما طوّرت روسيا علاقاتها مع أفريقيا، خاصة بعد عمليتها العسكرية في أوكرانية التي بدأت في فبراير/شباط 2022، وما تبعها من عقوبات أميركية وغربية على موسكو. وأكد أنتون كوبياكوف، مستشار الرئيس الروسي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن روسيا تعطي أهمية كبيرة لتعزيز التعاون مع الدول الأفريقية في مجالات التجارة والاستثمار، مشيراً إلى ضرورة إشراك الشركات الروسية في تنفيذ مشاريع البنية التحتية. وأوضح أن الاتفاقيات الخاصة بإنشاء مناطق تجارة حرة ستشكل عنصراً أساسياً في تعزيز الشراكة الاقتصادية بين روسيا والدول الأفريقية. 

وأعلن أنتون تسيتسينوفسكي، مدير التعاون الدولي والتطوير في المركز الروسي للتصدير في المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة "روسيا - أفريقيا" الشهر الماضي، أن حجم التبادل التجاري بين روسيا والدول الأفريقية شهد زيادة بنسبة 22.6% خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وأكد تسيتسينوفسكي أن حجم التجارة السنوي بين روسيا وأفريقيا تجاوز 20 مليار دولار، تُشكل الصادرات الروسية نحو 86% منها.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون