بداية ولاية ترامب الثانية تحبط توقعات وول ستريت

11 فبراير 2025
متعامل في بورصة نيويورك يعبر عن فرحته بفوز ترامب، 6 نوفمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت بداية ولاية ترامب الثانية تباطؤًا في الصفقات المالية، مع تهديدات للميزات الضريبية لصناديق التحوط وزيادة المساءلات على البنوك بشأن إغلاق حسابات العملاء.
- أظهرت الجهات التنظيمية الجديدة موقفًا صارمًا تجاه الاندماجات، مما زاد من عدم اليقين حول التعرفات الجمركية وتكاليف الاقتراض، مع توقعات بزيادة النشاط المالي لاحقًا.
- واجه ترامب ضغوطًا سياسية بشأن إغلاق حسابات مصرفية بناءً على معتقدات العملاء، بينما تسعى الإدارة لإلغاء "خصم الفائدة المحملة"، مما يؤثر على مديري الاستثمارات.

لم تفِ بداية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الثانية بتوقعات وول ستريت حتى الآن، إذ شهد شهر يناير/كانون الثاني أبطأ وتيرة لإبرام الصفقات في أكثر من عشر سنوات، وتعرّضت ميزة ضريبية مفضّلة لصناديق التحوّط وشركات الأسهم الخاصة للتهديد، كما خضعت البنوك الكبرى لمساءلات مكثّفة بشأن ما إذا كانت قد أغلقت حسابات عملاء معينين بناءً على توجهاتهم. ولم تكن هذه التعقيدات جزءًا من الخطة عندما فاز ترامب في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، وهو الحدث الذي أثار جولة من التوقّعات المتفائلة بشأن ازدهار عمليات الاندماج والاستحواذ، وتخفيف اللوائح، وتبنّي نهج أكثر ودية تجاه الشركات المالية الكبرى في واشنطن العاصمة. لكن بدلاً من ذلك، اختتم المصرفيون شهر يناير بأدنى عدد من صفقات الاندماج والاستحواذ المعلنة داخل الولايات المتحدة منذ نفس الشهر في عام 2014، وفقًا لبيانات مجموعة بورصة لندن LSEG.

وأشارت الجهات التنظيمية الجديدة المعنية بمكافحة الاحتكار في إدارة ترامب خلال الأسبوع الثاني من ولايته إلى أنها لن تمنح عمليات الاندماج الكبرى مرورًا سهلاً، حيث قامت بعرقلة الاندماج المحتمل بين شركتي "هيوليت باكارد" و"جونيبر نتوركس". وإضافة إلى ذلك، أدّت حالة عدم اليقين الجديدة بشأن خطط التعرفات الجمركية للرئيس إلى جعل العديد من الشركات أكثر تردداً في اتخاذ قرارات استثمارية كبرى، وأكثر حيرة في ما يتعلق باتجاه تكاليف الاقتراض في الأسابيع والأشهر المقبلة.

وقال سيرجيو إرموتي، الرئيس التنفيذي لمجموعة يو بي إس، خلال حديثه في مؤتمر الخدمات المالية التابع للمصرف في ميامي يوم الاثنين: "حالة عدم اليقين التي نراها من منظور جيوسياسي، لا سيما بشأن التعرفات الجمركية، تخلق بالتأكيد بعض التردد، وقد تؤثر على قدرة الجميع على تنفيذ الصفقات". كما سارع إرموتي إلى التأكيد أن "الربع الأول أو الشهر الأول لن يكون العامل الحاسم للعام بأكمله".

ومن المؤكد أن شهر يناير يمكن أن يكون بطبيعته فترة أبطأ لعقد الصفقات مقارنة بباقي السنة. وقال ديفيد سولومون، الرئيس التنفيذي لمجموعة "غولدمان ساكس"، يوم الثلاثاء خلال نفس الحدث: "ليس من المفاجئ أنه بعد شهر ونصف من الانتخابات، لا نرى بعد استجابة سريعة لذلك. أعتقد أن النشاط سيتزايد خلال العام".

وقد يكون المستوى المرتفع تاريخيًا لتقييم الشركات عاملًا آخر يساهم في تباطؤ إبرام الصفقات مع بداية عام 2025، وفقًا لما قاله سكوت سبيرلينغ، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة "THL Partners" للاستثمارات، في مقابلة مع قناة ياهو فينانس التليفزيونية. وأضاف سبيرلينغ: "هذا وضع غير معتاد، وقد يكون في حد ذاته قد أدّى إلى خفض العوائد المالية المحتملة من بعض صفقات الاندماج والاستحواذ وبعض أنواع العمليات المالية الأخرى".

وحتى الآن، لم يؤثر هذا التباطؤ على أسهم البنوك الكبرى، فمنذ بداية شهر يناير ارتفعت أسهم بنوك "جي بي مورغان تشيس"، و"غولدمان ساكس"، و"سيتي غروب"، و"ويلز فارغو" بنسب تتراوح بين 12% و15% حتى يوم الاثنين، بينما ارتفعت أسهم "بنك أوف أميركا" و"مورغان ستانلي" بين 6% و9%. وقد تفوّقت جميعها على المؤشرات الرئيسية للأسهم خلال تلك الفترة.

ضغوط سياسية كبيرة على ترامب

وكان من بين التطورات غير المتوقعة التي واجهتها وول ستريت في الأسابيع الأولى من ولاية ترامب الثانية الضغط السياسي المكثّف على الرئيس الأميركي، حيث واجه ترامب علنًا الرئيس التنفيذي لـ"بنك أوف أميركا"، برايان موينيهان، في المنتدى الاقتصادي العالمي بسبب ادّعاء يزداد انتشارًا في الأوساط المحافظة، وهو أن بعض العملاء يتم "إغلاق حساباتهم المصرفية" بسبب معتقداتهم الشخصية أو لأنهم جزء من صناعة العملات المشفّرة.

وبدا أن الرئيس شمل في انتقاده جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك "جي بي مورغان تشيس"، أكبر البنوك الأميركية. ونفت المؤسستان الماليتان هذه المزاعم، مؤكدتين أنهما لم تقوما بإيقاف خدماتهما للعملاء بسبب معتقداتهم الشخصية. وقال ترامب لموينيهان خلال جلسة الأسئلة والأجوبة: "لا أعلم ما إذا كان المنظمون قد فرضوا ذلك بسبب بايدن أو لأي سبب آخر، ولكن أنت وجيمي وكل الآخرين، آمل أن تفتحوا بنوككم أمام المحافظين، لأن ما تفعلونه خطأ".

وحافظ الجمهوريون على تسليط الضوء على قضية "إغلاق الحسابات المصرفية" الأسبوع الماضي خلال جلسات استماع في مجلسي الشيوخ والنواب، وأبدت السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارن من ماساتشوستس دعمها لهذا النقاش، قائلة إنها تتفق مع ترامب في هذه القضية. ومع ذلك، لا تزال البنوك متفائلة بأن حل هذه المشكلة يمكن أن يكون في النهاية مفيدًا لها، لا سيما إذا قام المنظمون بتخفيف بعض القيود التي تجبر البنوك على قطع علاقاتها مع بعض العملاء.

وجادل المصرفيون بأن القواعد الأميركية، مثل قانون سرية البنوك، تثني المؤسسات المالية عن التعامل مع العملاء الذين يُعتبرون "مرتفعي المخاطر"، وأنه يجب توفير تنظيم أكثر وضوحًا في هذا الجانب. ويضغط ممثلو الصناعة المالية من أجل تحقيق ذلك، حيث قال متحدث باسم "رابطة صناعة البنوك" في بيان: "جزء مهم من الحل يكمن في إصلاح الهيكل التنظيمي".

إضافة إلى ذلك، قد يجد ممثلو جماعات الضغط لصناعة الأسهم الخاصة وصناديق التحوّط أنفسهم منشغلين بشكل غير متوقع هذا العام، بعدما أوضحت الإدارة الأميركية أن ترامب يسعى إلى إلغاء ميزة ضريبية تُعرف بـ"خصم الفائدة المحملة". وتسمح هذه الميزة لمديري الاستثمارات بدفع ضرائب أقل على مكاسب رأس المال التي يحصلون عليها كتعويض عن عملهم. هذه ليست مسألة صغيرة، حيث تخضع معظم مكاسب رأس المال لمعدل ضريبي يبلغ 23.8%، بينما قد يصل معدل الضرائب على الدخل العادي إلى ضعف ذلك. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، الأسبوع الماضي: "الرئيس ملتزم بالعمل مع الكونغرس لإنجاز هذا الأمر".

المساهمون