خفض الفائدة الأميركية يقلّب الأسواق ... والذهب يلتقط الأنفاس

18 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 20:36 (توقيت القدس)
متداولون في ردهة بورصة نيويورك، 3 سبتمبر 2025 (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الأسواق المالية العالمية تقلبات بعد خفض الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة، مما أدى إلى ارتفاع العقود الآجلة للأسهم الأميركية وانخفاض عوائد سندات الخزانة، مع انتعاش مؤشر "أس آند بي 500" وارتفاع مؤشر "راسل 2000".

- تبعت بنوك مركزية عالمية، مثل النرويج وكندا، قرار الفيدرالي بخفض الفائدة استجابة لضعف سوق العمل وتراجع مخاطر التضخم، وسط انتقادات لعدم كفاية القرار وتفاؤل الأسواق المبالغ فيه.

- تأثرت الأسواق العالمية بشكل متفاوت؛ تقلبات في آسيا وأوروبا، تراجع أسعار النفط والذهب، خفض الفائدة في الإمارات والسعودية، وارتفاع الأسهم الهندية بدعم التكنولوجيا.

سادت حالة من عدم الاستقرار في الأسواق المالية العالمية غداة تخفيض مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" سعر الفائدة بواقع ربع في المائة، فارتفعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية، وانخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بأربع نقاط أساس ليصل إلى 4.05%. وارتفع الدولار قليلاً، مواصلاً مكاسبه بعد قرار الفيدرالي. 
وكانت الأسهم الحساسة لأسعار الفائدة من بين أكبر الرابحين في التعاملات المبكرة، حيث قادت شركة تيسلا قائمة شركات التكنولوجيا العملاقة السبع. وساهم هذا القطاع في انتعاش مؤشر "أس آند بي 500" إلى مستويات قياسية، في حين أن احتمال خفض أسعار الفائدة عزّز أيضًا الأسهم الصغيرة، إذ ارتفعت العقود الآجلة على مؤشر "راسل 2000" بأكثر من 1%.

البنوك المركزية تتبع الفيدرالي

وخفضت بنوك مركزية عدة حول العالم سعر الفائدة عقب قرار الفيدرالي الأميركي، ومن بين تلك البنوك: المركزي النرويجي الذي خفض الفائدة كما كان متوقعًا، ويخطط لخفضها مجددًا خلال الإثنى عشر شهرًا القادمة، لكنه قد يتباطأ في الخفض أكثر حال استمرار التضخم داخل البلاد. وخفض بنك كندا المركزي أسعار الفائدة للمرة الأولى في ستة أشهر، وسط ضعف سوق العمل وتراجع المخاطر المرتبطة بالتضخم، في ظل تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النشاط الاقتصادي. 

وقال مايكل براون، استراتيجي الأبحاث في مجموعة بيبرستون المحدودة (شركة وساطة مالية عالمية مقرها في أستراليا) لموقع بلومبيرغ: "الأمر الأهم هنا هو أن يبدأ الفيدرالي الأميركي بخفض الفائدة مبكرًا وبشكل واضح. فإذا استمر ضعف سوق العمل الأميركي، فلن يتردد في مواصلة الخفض، وهذا يعني أن السياسة النقدية ستصبح ميسّرة في وقت أقرب بكثير مما كان متوقعًا".
وعبر ستيفان كيمبر، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة "بي إن بي باريبا" لإدارة الثروات عن دهشته من خطوة الفيدرالي الأميركي، وقال لبلومبيرغ: "إن خفض أسعار الفائدة مع ارتفاع التضخم إلى هذا الحد هو خطوة غير عادية". 
وفي المقابل أكد المحلل المستقل إدوارد مير لوكالة رويترز أن موقف الفيدرالي بدا "متشددًا بعض الشيء"، موضحًا أن ذلك دفع الدولار وعوائد الخزانة الأميركية إلى الارتفاع، وقد يؤدي إلى تصحيح قصير الأجل في أسعار الذهب باتجاه مستوى 3600 دولار للأوقية (أونصة). 

البنك الدولي ينتقد

وقال رئيس البنك الدولي السابق، ديفيد مالباس، إن الفيدرالي ارتكب خطأ عندما اكتفى بخفض الفائدة 25 نقطة أساس فقط. وكتب في منشور عبر منصة "إكس": "ستيفن ميران عضو مجلس محافظي الفيدرالي المعارض على حق، لأن خفض الفائدة 25 نقطة أساس فقط متأخر للغاية وضئيل جدًا". وأضاف: "الفيدرالي لا يزال مخطئًا بشأن الفائدة، والإصلاح الحقيقي الذي طال انتظاره"، كما ذكر أن الفيدرالي لا يزال متأخراً للغاية وكان عليه التحرك منذ أشهر، وخفض الفائدة 0.25% فقط لا يعوض عن التأخر".

تقلب في الأسهم

وأوضح محللون لرويترز أن الأسواق اختلفت في تفسير قرار الفيدرالي الأميركي، فبينما اعتبره البعض خطوة "حمائية" تجاه سوق العمل، رأى آخرون أن التفاؤل بخفض متتال للفائدة قد يكون مبالغًا فيه في ضوء التصريحات الحذرة لرئيس البنك الفيدرالي جيروم باول. وأشار المحللون إلى أن المستثمرين أظهروا حذرًا شديدًا عقب الخفض، حيث أوضحوا أن الفيدرالي بعث برسالة مفادها أن كل قرار لاحق سيعتمد على البيانات الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما ساهم في خلق تقلب ملحوظ في الأسهم العالمية وأسواق العملات.

المنطقة العربية 

ولم تكن المنطقة العربية في منأى عن التأثر بقرار الفيدرالي الأميركي، إذ خفضت كل من الإمارات والسعودية والكويت والبحرين وقطر وعُمان أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية. وخفّض مصرف الإمارات المركزي سعر الأساس على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة إلى 4.15%، بينما أعلن مصرف قطر المركزي خفض أسعار الإيداع والإقراض والريبو بمقدار ربع نقطة مئوية لكلّ منها. كما خفض البنك المركزي الأردني أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية.
وقالت مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري لبلومبيرغ قبل إعلان قرار الاحتياطي الفيدرالي: "سيكون لخفض سعر الفائدة في سبتمبر، في حد ذاته تأثير محدود، على الرغم من أن توقعات ذروة خفض أسعار الفائدة الأعمق مقارنةً بالأشهر القليلة الماضية كبيرة". 
وقال طارق الرومي وزير النفط الكويتي للصحافيين على هامش الاحتفال بإنتاج أول حقل للنفط والغاز في منطقة مطربة شمال غرب الكويت يوم الخميس 18 سبتمبر/أيلول إنه يتوقع زيادة الطلب على النفط بعد خفض أسعار الفائدة الأميركية، مع توقع ارتفاع الطلب من الأسواق الآسيوية بشكل خاص. وتوقع تأثيرًا إيجابيًّا على أسعار النفط إذا تم فرض عقوبات جديدة على روسيا. مشيرًا إلى أن القرار "في الغالب سيكون انعكاسه إيجابي على الأسعار".
وانعكس قرار الفيدرالي الأميركي على أسعار النفط التي تراجعت للجلسة الثانية يوم الخميس، إذ انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 26 سنتًا (0.38%) إلى 67.69 دولارًا للبرميل. ونزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 28 سنتًا (0.44%) إلى 63.77 دولارًا.

 

قارة أسيا

وفي آسيا ارتفعت الأسهم الهندية التي تقودها شركات التكنولوجيا ذات الانكشاف الكبير على السوق الأميركية، إذ صعد مؤشر "نيفتي 50" (أحد مؤشرات الأسهم الرئيسية المستخدمة في الهند) بنسبة نحو 0.36% و"سينسكس" 0.42%، مع تفوق قطاع تقنية المعلومات بنحو 1.3%. وقالت صحيفة "لايف منت" الهندية إن أسهم "إنفوسيس" و"مايندتري" (شركتا خدمات تكنولوجيا معلومات) حققتا مكاسب وصلت إلى قرابة 3% بدعم التفاؤل بتيسير إضافي. من جهته أبقى البنك المركزي الصيني سعر الريبو العكسي لسبعة أيام عند 1.40%، وحقن سيولة عبر عمليات السوق المفتوحة، بالرغم من خفض الفيدرالي الأميركي، في إشارة إلى تفضيل الاستقرار النقدي مع صعود الأسهم المحلية إلى قرب قمم لعشر سنوات.
وخفضت هيئة النقد "البنك المركزي" في هونغ كونغ السعر الأساسي بربع نقطة مئوية إلى 4.50% بسبب ربط العملة بالدولار، وقال رئيسها التنفيذي إيدي يو إن الخطوة "تخفف عبء المقترضين العقاريين وتدعم الاقتصاد". أما ما يخص اليورو فقدْ فقدَ جزءًا من مكاسبه بعد أن لامس قممًا لأربع سنوات قبيل القرار، إذ تعافى الدولار من انخفاض حاد مع استيعاب الأسواق لهجة الفيدرالي الحذرة.
اليورو يتراجع 
وذكرت رويترز أن اليورو تراجع عن ذروة 1.1879 دولار في حركة انعكاسية سريعة. بينما ارتفع الدولار بعد انخفاضه إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات ونصف السنة. وتراجع الدولار النيوزيلندي بعد أن أظهرت البيانات انكماش اقتصاد نيوزيلندا أكثر من المتوقع في الربع الثاني، مما عزز الرهانات على تخفيضات أكثر حدة في أسعار الفائدة هذا العام. 

تقلب في الأسهم الأوروبية

وفي أوروبا تقلبت الأسهم الأوروبية بين الارتفاع والهبوط، فبينما ارتفع مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي بـ 0.5% إلى 553.49 نقطة، مع مكاسب في مختلف القطاعات، وتراجع سهم شركة "إس.آي.جي" (شركة سويسرية عالمية) بعد أن أصدرت الشركة تنبيهًا بشأن الأرباح.

في المقابل، سجّل الذهبُ قمة تاريخية عند 3707 دولارات للأوقية (أونصة) عشية قرار الفيدرالي الأميركي يوم الأربعاء 17 سبتمبر/أيلول، لكنه سرعان ما تراجع يوم الخميس إلى حدود 3646 دولارًا وسط توقعات تشير إلى إمكانية وصوله إلى المستوى 3600 دولار للأوقية من جديد مع قوة الدولار وارتفاع العوائد خاصة بعد تصريحات باول الحذرة وفق تقديرات محللين نقلتها رويترز. كما تراجعت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر/ كانون الأول 0.8% إلى 3688.10 دولارات.

المساهمون