رسوم ترامب تهدد عائدات شركات أميركية في الصين بـ300 مليار دولار

21 ابريل 2025
ترامب في البيت الأبيض، 14 إبريل 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين توتراً كبيراً مع وصول الرئيس ترامب، حيث فرض رسوماً جمركية على السلع الصينية، مما أثر سلباً على الشركات الأميركية الكبرى مثل ستاربكس ونايكي وآبل وبوينغ.
- ردت الصين بإجراءات انتقامية، بما في ذلك إدراج الشركات الأميركية في قوائم سوداء وفرض قيود على التصدير، مما أدى إلى تراجع الطلب على المنتجات الأميركية وتقليص الاستثمارات.
- تتزايد التوترات مع ظهور حملات صينية ضد السلع الأميركية وتحديات في حماية الملكية الفكرية، مما يضع الشركات الأميركية في موقف صعب.

دفع السياسيون الأميركيون عقوداً طويلة باتجاه فتح الأسواق الصينية أمام البنوك والطائرات وسلاسل مطاعم الوجبات السريعة الأميركية، حتى أضحوا جماعات ضغط لصالح هذه الشركات، لكن المشهد تبدل تماماً بوجود الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، وهو الذي يشن حرباً تجارية طاحنة ضد الصين، ما يهدد استمرار علامات تجارية كبرى بدءاً من ستاربكس ونايكي حتى آبل وبوينغ، وينذر بضياع أموال طائلة تجنيها هذه الشركات سنوياً تعادل تقريباً حجم العجز التجاري الأميركي مع العملاق الآسيوي، الذي يقول ترامب إنه السبب في دفعه لفرض رسوم جمركية كبيرة على السلع الصينية.

على سبيل المثال، بدأت شركة بوينغ لصناعة الطائرات الأميركية، بتلقي طلبات من الصين بعد زيارة الرئيس ريتشارد نيكسون للبلاد عام 1972. والآن، يعتقد العديد من المديرين التنفيذيين الأميركيين في الصين أنهم يشهدون حكومتهم تُفكّك الكثير من هذا العمل. فالاستخدام المفرط للرسوم الجمركية من ترامب يجعل سلاسل التوريد الخاصة بهم غير قابلة للاستمرار، كما يهدد مبيعاتها في سوق ضخم. وفي 15 إبريل/نيسان الجاري، طلبت هيئة تنظيم الطيران الصينية من شركات الطيران التوقف عن استلام طائرات بوينغ، وفقاً لوكالة بلومبيرغ. ولهذه الخطوة رمزية خاصة لدى الجانبين.

فرض ترامب روسماً جمركية على الواردات الصينية بنسبة 145%. وردت الصين برسوم انتقامية تبلغ 125%، مما أدى إلى اختفاء سوق الواردات الأميركية بالفعل. وفي الوقت نفسه، أطلقت الجهات التنظيمية الصينية تحقيقات وأدرجت شركات أميركية على قوائم سوداء ما يضر بعملياتها في البلاد. ويمكن لشركات مثل بوينغ أن تتوقع انخفاضاً سريعاً في الطلبات أو إلغاءها. ويصف مسؤول تنفيذي أميركي الحرب التجارية وفق تقرير لمجلة إيكونوميست البريطانية بكلمة واحدة: "دمار".

وبينما يستشهد ترامب بعجز تجاري مع الصين يبلغ قرابة 300 مليار دولار في عام 2024 مبرراً لفرض الرسوم الجمركية، فإن مسؤولي الشركات الأميركية العاملة في الصين ينظرون إلى الأمور على نحو مختلف. ففي عام 2024، بلغت إيرادات الشركات الأميركية هناك نفس المبلغ تقريباً. وتنتشر شركات آبل ونايكي وستاربكس في كل مكان، بينما باعت شركة تسلا المُصنّعة للسيارات الكهربائية، نحو خُمسي سياراتها في الصين خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام. وتُوظّف عملياتها المحلية عشرات الآلاف من العمال ذوي المهارات العالية في كثير من الأحيان. وبالمقارنة، كانت الشركات الصينية في أميركا أقل حضوراً بكثير، إذ لم تحقق سوى 50 مليار دولار من الإيرادات العام الماضي. ويُعدّ رصد علامة تجارية صينية في شوارع مدينة أميركية حدثاً نادراً.

أصبح العمل في الصين بالنسبة للمسؤولين التنفيذيين الأميركيين أكثر صعوبة. فعلى مدار السنوات القليلة الماضية، قلّص الكثيرون استثماراتهم، مدفوعين بسياسات غير ودية. وفي المستقبل، ستكون السياسة الأميركية هي التي تُعيق الاستثمارات.

تأتي تداعيات حرب الرسوم الجمركية، بينما لا تزال معظم الشركات الأميركية ذات سلاسل التوريد المعقدة تعاني آثار جائحة فيروس كورونا التي ضربت العالم قبل خمس سنوات. وسيضطر الرؤساء التنفيذيون للشركات الأميركية أيضاً إلى مواجهة غضب الدولة الصينية. فمنذ عام 2019، وضعت الجهات التنظيمية إطاراً قانونياً متطوراً للرد على الشركات والدول. ويشمل ذلك عقوبات رداً على عقوبات الدول الأخرى، وقيود التصدير، و"قائمة الكيانات غير الموثوقة"، والتي عند إضافة شركة إليها، يُمكن أن تمنع موظفيها من دخول البلاد وتمنعها من التعامل التجاري مع الصين.

ووفقاً لدراسة أجراها إيفان ميدوروس من جامعة جورج تاون في واشنطن وأندرو بولك من شركة "تريفيوم" الاستشارية، استُخدمت هذه الآليات الثلاث 15 مرة عام 2023، وقفزت إلى 115 مرة في العام الماضي. وفي أول شهرين ونصف من العام الجاري 2025 وحده، طُبّقت نحو 60 مرة.

كما تتضح أشكال جديدة من الانتقام. وفي الثامن من الشهر الجاري، بدأت حملات على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، يقترح بعضها حظر استيراد الدواجن وفول الصويا من الولايات المتحدة، وتعليق جميع المحادثات حول مراقبة تجارة مخدر "الفنتانيل". واقترح البعض وقف استيراد الأفلام الأميركية. كما تضمنت المقترحات إجراءات صارمة ضد الملكية الفكرية الأميركية والخدمات المهنية، مثل مكاتب المحاماة. وأعد القائمة مدونان ذوا علاقات قوية في الدولة. وبعد يومين، أعلنت هيئة تنظيم الأفلام أنها ستخفض عدد الأفلام الأميركية التي تسمح بعرضها في الصين، مشيرة إلى أن المنشورات تستند إلى معلومات موثوقة.

وتُضفي هذه الحملات مزيداً من الوضوح على إعلان صدر في الرابع من إبريل/نيسان الحالي بشأن تحقيق صيني بحق ممارسات احتكارية لشركة دو بونت، وهي مجموعة كيميائية أميركية، مما دفع بعض المحللين إلى الاعتقاد بأن التحقيق قد يكون هجوماً على ملكيتها الفكرية داخل الصين. وسعت الشركات متعددة الجنسيات سابقاً إلى حماية الملكية الفكرية شرطاً أساسياً للاستثمار في الصين. ويقول مستشار إحدى الشركات إن أي إشارة إلى تراجع هذه الوعود ستكون مدمرة لجميع الشركات الأجنبية، وليس للشركات الأميركية فحسب.

في غضون ذلك، لم يتحقق الهجوم على الخدمات الأميركية بالكامل بعد. ويمكن لأي إجراءات من هذا القبيل أن تضر بقدرة الشركات الأميركية الأخرى على العمل. وتُعدّ شركات المحاماة والبنوك وشركات الاستشارات والمحاسبة ركيزة أساسية للتجارة. وقد صعّبت الصين بالفعل على بعض هذه الخدمات العمل. على سبيل المثال، أصبحت التحقيقات المتعلقة بالشركات أكثر خطورة مع تشديد الجهات التنظيمية للقواعد المتعلقة بالأمن القومي وأنواع المعلومات التي يمكن الكشف عنها. وقد قلّصت العديد من شركات المحاماة بالفعل حجم أعمالها أو أغلقت مكاتبها. ويقول أحد المحامين في بكين إنه إذا ازداد هذا الضغط، فإن القدرة على التعامل مع الشركات الصينية ستتراجع.

في الماضي، ربما كانت شركات المحاماة الأميركية تحظى بدعم حكومتها عند مواجهة تحديات كهذه. لكن ترامب شنّ حملة قمع على شركات المحاماة التي حققت معه سابقاً في أميركا. ومن غير المرجح أن يتعاطف مع محنتهم في الصين. ويخشى بعض الرؤساء التنفيذيين الأميركيين من ردة فعل عنيفة ضد منتجاتهم الاستهلاكية، مدفوعة بقرارات من الحكومة الصينية أو المستهلكين العاديين. وقد تكسب شركة هواوي، عملاق التكنولوجيا المحلي، مساحات أكبر على حساب آبل على سبيل المثال.

المساهمون