باحثون يدرسون زيادة النعاس وعلاقته بالخرف

28 مارس 2025
تمثيل لنوم كبار السن (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أظهرت دراسة في مجلة Neurology أن زيادة النعاس خلال النهار لدى النساء في الثمانينيات قد تكون مؤشراً مبكراً على الخرف، حيث تابعت الدراسة 733 امرأة بمتوسط عمر 83 عاماً على مدى خمس سنوات باستخدام أجهزة معصمية لقياس أنماط النوم.
- قُسّمت المشاركات إلى ثلاث مجموعات بناءً على أنماط النوم، ووجد أن النساء اللواتي عانين من زيادة النعاس كنّ أكثر عرضة للإصابة بالخرف بمقدار الضِّعف.
- يوصي الباحثون بتحسين جودة النوم للوقاية من الخرف عبر عادات صحية مثل الحفاظ على جدول نوم منتظم، ممارسة النشاط البدني، وتناول أطعمة غنية بمضادات الأكسدة وأحماض أوميغا 3.

مع تقدّم العمر، يصبح النوم أحد العناصر الأساسية التي تؤثر بصحة الدماغ، لكن دراسة جديدة تشير إلى أن زيادة النعاس خلال النهار لدى النساء في الثمانينيات من العمر قد تكون مؤشراً مبكراً على الإصابة بالخرف. في الدراسة التي نُشِرت في 19 مارس/آذار في مجلة Neurology الصادرة عن الأكاديمية الأميركية لعلم الأعصاب، وجد المؤلفون أن النساء اللواتي عانين من زيادة النعاس أثناء النهار كان لديهن ضِعف خطر الإصابة بالخرف، مقارنة بنظيراتهن ذوات أنماط النوم المستقرة.

وقالت المؤلفة الرئيسية للدراسة، يوي لينغ، الأستاذة المشاركة في الطب النفسي بمعهد وايل لعلوم الأعصاب، جامعة كاليفورنيا، إن "النوم ضروري لصحة الدماغ، إذ يسمح له بالراحة والتجدد، مما يعزز قدرتنا على التفكير بوضوح وتذكر المعلومات". وأضافت في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن الفريق البحثي تتبع 733 امرأة بمتوسط عمر 83 عاماً، لم تكن لديهن أي علامات على ضعف إدراكي أو خرف عند بداية الدراسة.

تفاصيل الدراسة

على مدار خمس سنوات، تابع الباحثون التغيرات في أنماط النوم وراقبوا المشاركات بحثاً عن علامات التدهور المعرفي. ارتدت المشاركات أجهزة معصمية لقياس أنماط النوم وإيقاعات الجسم، وهو ما مكّن العلماء من جمع بيانات دقيقة عن تغيرات النوم لديهن. وخلال الدراسة، أصيبت 164 امرأة (22 في المائة) بضعف إدراكي خفيف، بينما جرى تشخيص 93 امرأة (13 في المائة) بالخرف. وحلّل الباحثون كيف أثرت تغيرات النوم في خطر الإصابة بالخرف. أوضحت المؤلفة الرئيسية للدراسة أن الفريق وجد أن أنماط النوم بين المشارِكات انقسمت إلى ثلاث مجموعات رئيسية:

  • المجموعة الأولى، التي شكّلت 44 في المائة من المشاركات، لم تشهد تغيرات كبيرة في أنماط نومها، إذ ظل نومها مستقراً أو تحسّن بشكل طفيف.
  • المجموعة الثانية، التي ضمت 35 في المائة، عانت من تراجع في جودة ومدة النوم الليلي، إلى جانب زيادة معتدلة في القيلولة وتدهور في الإيقاع اليومي.
  • لمجموعة الثالثة، التي مثلت 21 في المائة، أظهرت في المقابل زيادة كبيرة في مدة النوم خلال الليل والنهار، لكنها واجهت أيضاً تدهوراً في الإيقاع اليومي.

بعد تحليل البيانات، لاحظ الباحثون أن النساء في مجموعة زيادة النعاس كنّ أكثر عرضة للإصابة بالخرف بمقدار الضِّعف، مقارنة بالمجموعة ذات النوم المستقر. في المقابل، لم يظهر لدى النساء في مجموعة تراجع النوم الليلي خطر متزايد للإصابة بالخرف.

علاقة النوم بالإصابة بالخرف

يعتقد العلماء أن النوم يؤثر بصحة الدماغ، من خلال دوره في التخلص من السموم التي تتراكم أثناء النهار. ومع تقدم العمر، قد تعكس تغيرات النوم مشكلات أعمق في وظائف الدماغ. كما يؤدي تراكم بروتينات ضارة مثل بيتا أميلويد وتاو في الدماغ إلى اضطرابات معرفية، مثل مرض ألزهايمر، ويُعتَقد أن النوم الجيد يساعد في إزالة هذه البروتينات. وبالتالي، فإن التغيرات في أنماط النوم قد تكون علامة على وجود مشكلة كامنة.

وعلى الرغم من أن الدراسة لم تثبت أن النعاس يسبب الخرف بشكل مباشر، فإنها تشير إلى أنه قد يكون أحد المؤشرات المبكرة للتدهور المعرفي. وقالت لينغ: "لاحظنا أن النوم والقيلولة والإيقاع اليومي يمكن أن يتغير بشكل كبير خلال خمس سنوات فقط لدى النساء في الثمانينيات من العمر"، مضيفةً أن "هذا يسلّط الضوء على الحاجة إلى دراسات مستقبلية لفهم كيف يمكن أن ترتبط هذه التغيرات بخطر الإصابة بالخرف بمرور الوقت".

ويرى الباحثون أن العلاقة بين النوم والخرف قد تكون ثنائية الاتجاه، بمعنى أن اضطرابات النوم قد تزيد من خطر التدهور المعرفي، وفي الوقت ذاته، قد تكون التغيرات في الدماغ التي تسبق الخرف مسؤولة عن اضطرابات النوم. "من المحتمل أن يكون النوم السيئ والتغيرات في الإيقاع اليومي ليسا مجرد عوامل خطر، بل أيضاً جزءاً من العملية المرضية نفسها التي تؤدي إلى الخرف"، تضيف لينغ.

ومع تزايد الأدلة على أهمية النوم في الوقاية من الخرف، يوصي الباحثون باتباع عادات صحية تعزز صحة الدماغ، وتحسّن جودة النوم. من أبرز هذه العادات:

  • الحفاظ على جدول نوم منتظم، من خلال النوم والاستيقاظ في الوقت نفسه يومياً.
  • ممارسة النشاط البدني الذي يساهم في تعزيز جودة النوم.
  • تقليل مدة القيلولة بحيث لا تتجاوز 30 دقيقة.
  • متابعة أي تغيرات مفاجئة في أنماط النوم، خاصة إذا زاد النعاس أثناء النهار، إذ قد يستدعي ذلك استشارة الطبيب.
  • الحد من التعرّض للشاشات قبيل النوم، نظراً لتأثير الضوء الأزرق المنبعث من الأجهزة الإلكترونية على إنتاج هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم النوم.
  • النظام الغذائي يلعب دوراً مهماً في دعم صحة الدماغ، إذ تعد الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة وأحماض أوميغا 3 الدهنية من العوامل المساهمة في الحفاظ على وظائف الدماغ، وتقليل مخاطر التدهور المعرفي.
المساهمون