باري ويس رئيسة لتحرير CBS: الإعلام الأميركي يميل يميناً

08 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 12:06 (توقيت القدس)
باري ويس، يناير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- استحوذت "باراماونت سكاي دانس" على "ذا فري برس" مقابل 150 مليون دولار، مع تعيين باري ويس رئيسة لتحرير CBS News، مما يثير تساؤلات حول توجه الإعلام الأميركي في عهد ترامب الثاني.

- باري ويس، التي لم تُقبل في "ذا فيو" عام 2021، نجحت في بناء شبكة علاقات قوية وتأسيس وسيلة إعلامية جديدة جذبت 1.5 مليون مشترك، مما يتماشى مع رؤية ديفيد إليسون لتحديث الأخبار.

- تُعرف باري بمواقفها الليبرالية السابقة، لكنها تتبنى مواقف محافظة في بعض القضايا، مما أثار جدلاً داخل CBS، خاصة في تناول قضايا حساسة مثل إسرائيل وحرية التعبير.

مطلع هذا الأسبوع، أعلنت "باراماونت سكاي دانس" استحواذها على منصة "ذا فري برس" وتعيين مؤسِّستها باري ويس رئيسةً لتحرير CBS News، في صفقة قُدِّرت بنحو 150 مليون دولار، مع إبقاء "ذا فري برس" علامة مستقلة. هذا الحدث لا يرفع صحافيةً مثيرة للجدل إلى قمة شبكة عمرها قرن تقريباً فحسب، بل يختبر أيضاً اتجاه التيار داخل الإعلام الأميركي في عهد دونالد ترامب الثاني: هل يميل أكثر إلى يمين محافظ/ وسطي؟ وهل يُعاد تشكيل القواعد التي حكمت الإعلام الأميركي لثلاثة عقود تقريباً؟
لم تكن طريق باري ويس مستوية. عام 2021 رُفضت لاستبدال ميغن مكين في برنامج "ذا فيو" الشهير بعد تفاعل جماهيري ضعيف مع ظهورها التجريبي في البرنامج، إذ بدا أن وسطيتها اليمينية لا تليق مع برنامج خفيف وجماهيري. لكنّها عرفت جيداً وسريعاً كيف تحوّل هذا الرفض إلى قفزة في مسيرتها المهنية: بنت شبكة علاقات مذهلة مع مستثمرين ومؤثرين (من مارك أندريسن وديفيد ساكس إلى جيف بيزوس وبيل آكمان)، واستثمرت غضبها مما سمته "ثقافة الإلغاء" لتؤسس وسيلة إعلامية جديدة، تمدّدت في البودكاست والفعاليات، وجذبت 1.5 مليون مشترك، بينها عشرات آلاف الاشتراكات المدفوعة.
هذا الصعود تقاطع مع رأس مال سياسي ــ إعلامي: ديفيد إليسون (الرئيس التنفيذي لباراماونت سكاي دانس) طرح رؤية تحديث الأخبار والوصول إلى جمهور جديد (اليسار الوسطي واليمين الوسطي)، فيما تعهّدت الشركة، أمام فرض ترامب ودائرته سطوتها على الإعلام، بـ"تنويع وجهات النظر". تنويع تُرجم فعلياً باستجابة واضحة لضغوط البيت الأبيض، من خلال استبدال موظفين بآخرين، وتعيين مراقب خارجي لأداء CBS.
تعرّف ويس نفسها بأنها ليبرالية سابقة: تؤيد الإجهاض وزواج المثليين (وهي متزوجة من الصحافية نيلي باولز)، لكنها في المقابل لها مواقف محافظة من قضايا صحية واقتصادية. إلا أن الأهم هي صورتها السياسية التي بنتها من خلال دعمها الصريح لإسرائيل: منذ معاركها الطلابية في جامعة كولومبيا وحتى كتابها عن معاداة السامية، مروراً بخطٍّ تحريري في "ذا فري برس" تبنّى روايات مشوّهة وأقرب إلى الهسباره في ما يخص حرب الإبادة على غزة،، بينها مادة تشكّك في المجاعة في القطاع، في تماهٍ شبه تامّ مع الحملات الإعلانية والإعلامية الإسرائيلية المدفوعة، لنفي المجاعة.
أمام هذا الواقع، يسود شبكة CBS، خليط من الارتباك والرفض، بحسب ما نقل الإعلام الأميركي: الموظفون والصحافيون المؤيدون للفلسطينيين يتحسسون من سجلّها المؤيد للاحتلال، والمخضرمون يرون التعيين تتويجاً لمسار مصالحة أوسع مع ترامب بدأ (رمزياً وعملياً) بتسوية دعوى برنامج "60 دقيقة" مقابل 16 مليون دولار. ويس تصل أيضاً إلى رئاسة تحرير الشبكة بلا خبرة إعلامية تقليدية، لتُدير منظومة عالمية مع نقابات وضوابط وملايين المشاهدين؛ وهو ما يدفع بعض القدامى للتحذير من "تغييرات تحريرية صريحة" أو دور "مفوض أيديولوجي" داخل الشبكة، بحسب موقع "فارايتي" الأميركي.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

لكن في خطابها الأول للموظفين، حاولت ويس تقدين لائحة "قيم مهنية": عالم كما هو، حقائق أولاً، مساءلة الحزبين، و"طيف واسع من الأصوات"، لكن اللغة الجذابة في هذه الرسالة ستتُختبر فعلياً في التنفيذ: من يختار الحقائق؟ أي طيف يُستضاف في قضايا إسرائيل واحتجاجات الجامعات والتمييز العنصري؟ وهل حرية التعبير ستشمل الأصوات المؤيدة للفلسطينيين حين تصطدم بسقف مالكي الشبكة وحلفائهم؟
منذ 2016، دفع ترامب منظومة الإعلام الأميركية إلى إعادة تعريف التيار الرئيسي Mainstream. وتعيين ويس هو رهان يميني تدريجي: ليس خيارا يشبه يمينية فوكس نيوز، بل يمينٌ أقل دسماً وغير أيديولوجي، لكنه يسير في نفس اتجاه اليمين التقليدي من ناحية السردية، في ملفات مثل الاحتلال الإسرائيلي وحرب الإبادة، ما يعني تلقائيا تضييق الحيّز لوجهات النظر الأخرى. وإن وسعنا دائرة المواضيع "الحساسة" فإن الأثر اليميني سيظهر ايضاً على تغطية ملفات مثل الثقافة والجامعات والحريات الشخصية.
في المحصّلة، باري ويس ليست ستيف بانون ولا ليبرالية تقليدية. إنّها واجهةُ يمينٍ ناعم، يتحالف مع سلطة المال والتكنولوجيا ليجرّ النقاش خطوةً إضافية إلى اليمين.

المساهمون