"متحف شعر ليلى" يطوي خصلاته الأخيرة بعد أكثر من 30 عامأ
استمع إلى الملخص
- بعد وفاة ليلى كوهون، تولت حفيدتها ليندسي إيفانز إعادة توزيع أكثر من ثلاثة آلاف قطعة من المجموعة على متاحف مختلفة. إيفانز تشعر بوجود جدتها وتعتبر إعادة التوزيع وسيلة للحداد عليها.
- المتحف جذب اهتمام المشاهير وتقدر قيمة المجموعة بأكثر من مليون دولار. جينيفيف كيني تؤكد على أهمية تثقيف الناس حول الموت من خلال هذه المقتنيات. إيفانز تشعر بالفخر والفقد وهي تودع إرث جدتها.
أكاليل من الشعر البشري يعود إلى أكثر من قرنٍ من الزمن يملأ جدران "متحف شعر ليلى" (Leila’s Hair Museum)، فيما تفيض خزائن الزجاج بقلائد وأساور ساعاتٍ منسوجةٍ من خصلاتِ شعر الموتى. وهناك أيضاً خصلٌ يُقال إنّها تعود إلى رؤساء سابقين، وأسطورة هوليوود مارلين مونرو، بل وحتى إلى يسوع المسيح.
على مدى نحو ثلاثين عاماً، استقطب هذا المتحفُ الفريدُ في ضاحية إندبندنس بمدينة كانساس سيتي مجموعةً متنوّعةً من الزوار الفضوليين، من بينهم أسطورة موسيقى الهيفي ميتال أوزي أوزبورن.
لكنّ مؤسسة المتحف وصاحبته، ليلى كوهون، توفّيت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن عمرٍ ناهز الثانية والتسعين. واليوم، تتولّى حفيدتُها ليندسي إيفانز مهمّة إعادة توزيع أكثر من ثلاثة آلاف قطعة من المجموعة على متاحف مختلفة في أنحاء الولايات المتحدة، من بينها "متحف المتروبوليتان للفنون" في نيويورك (Metropolitan Museum of Art) و"المتحف الوطني للنساء في الفنون" بواشنطن العاصمة (National Museum of Women in the Arts).
تحدثت إيفانز الاثنين، أثناء جولةٍ لها مع ممثلين عن "المتحف الوطني لتاريخ الجنائز" (National Museum of Funeral History) في هيوستن الذين غادروا ومعهم نحو ثلاثين قطعة، عن جدتها: "في كل مرةٍ آتي إلى هنا، أشعر بوجودها. هذا المكان هو هي نفسها. وأظنّ أن عملية إعادة توطين مجموعتها ساعدني على الحداد عليها بطريقةٍ لم أكن أدرك أنّني أحتاجها فعلاً".
بدأت القصة عام 1956، حين كانت كوهون – وهي مصفّفة شعر – تتسوّق لشراء حذاء عيد الفصح، فعثرت داخل متجرٍ للتحف على إطارٍ ذهبيٍّ يحتوي خصلاتٍ من الشعر ملتفّةٍ على شكل زهور. تضيف إيفانز: "قالت جدّتي حينها: انسوا حذاء عيد الفصح. وكان جدّي يقول دائماً إنّ تلك القطعة هي الأغلى في المتحف، لأنّها كانت البداية لكلّ شيء". وقد احتفظت إيفانز بتلك القطعة لنفسها.
بلغ هذا الشكل من الفنّ ذروته في منتصف القرن التاسع عشر، إذ كانت النساء يلففن شعر الموتى في حُليٍّ تذكاريةٍ، أو ينسجن من خصل أحبّائهن أكاليلَ تحكي تاريخ العائلة. غير أنّ هذا الفنّ بدأ يندثر في أربعينيات القرن الماضي، بعدما أصبحت الصور وسيلةً لتخليد الذكريات، كما أوضحت إيفانز، مضيفةً أنّ "هذا الفنّ لم يُحتفَ به كثيراً لأنه كان يُمارَس في الغالب على يد النساء، لذلك لا نجد الكثير منه في المتاحف الكبرى". أنقذت جدّتها عدداً من القطع من التدمير، وألّفت كتاباً عن هذا الفنّ، ودرّست دوراتٍ لتدريب جيلٍ جديدٍ من الفنانين.
وغالباً ما كان فنّ الشعر يُحفظ داخل إطاراتٍ مزخرفةٍ بزجاجها الأصلي، لذلك عندما كانت جدّتها تساوم تجّار التحف على الإطارات، كانوا يعرضون عليها التخلص من الشعر، فكانت تردّ قائلة: "لا، لا، اتركوه كما هو"، وتقدّم لهم بطاقتها الشخصية طالبةً منهم أن يتواصلوا معها إن عثروا على قطعٍ مشابهة. وسرعان ما بدأ التجار من أنحاء البلاد بالاتصال بها. تشرح إيفانز، قائلة: "إذا كانت القطعة تحتوي على شعر، فجدّتي كانت تقتنيها"، مضيفةً أنّها كانت ترافقها أحياناً في جولات البحث عن مقتنيات جديدة.
نَمَت المجموعة لتشمل إكليلاً يحتوي على شعر جميع نساء رابطة الناخبات في ولاية فيرمونت عام 1865، وإكليلين على شكل هلالٍ مصنوعين من شعر أختين حُلق رأسيهما عند دخولِهما الدير، إضافةً إلى بعض القطع التي تضمّ عناصر من التحنيط.
ملأت الإطارات جدران منزلها ومدرسة التجميل التي كانت تديرها مع زوجها، وراحت تخبّئ بعضها تحت الأسرّة وفي الخزائن. ومع مرور الوقت، اشترى الزوجان مبنى قديماً كان في السابق معرضاً للسيارات، يقع بين مطعمٍ للوجبات السريعة ومغسلة سيارات.
وصل صيت المتحف إلى المشاهير؛ فقد تبرّعت الممثلة والكوميدية فيليس ديلر بإكليل شعرٍ توارثته عائلتها لأجيال، وصوّر مقدم البرامج التلفزيونية مايك رو حلقةً من برنامجه "Somebody’s Gotta Do It" هناك. ويُعتقد أنّ بعض خصلات شعر أوزبورن موجودة أيضاً في المتحف، إذ قامت كوهون بقصّ خصلةٍ منه أثناء زيارته، لكنّ إيفانز لم تعثر عليها بعد. لم تفصح الجدة أبداً عن المبلغ الذي أنفقته على مدى السنوات، لكنّ حفيدتها تتوقّع أن تتجاوز القيمة الإجمالية للمجموعة المليون دولار.
وخلال جولتها بين المقتنيات، كانت جينيفيف كيني، مديرة "المتحف الوطني لتاريخ الجنائز" في هيوستن، تتأمل بشغف الحُليّ التي خُلِّدت بها ذكرى الموتى، من بينها دبوسٌ صغير يحتوي على خصلات شعرٍ لفتاةٍ في السابعة من عمرها توفيت عام 1811.
قالت كيني، وهي أيضاً مديرة جنازاتٍ مرخّصة: "لطالما شعرت أنّ من المهمّ تثقيف الناس حول الموت. فمجتمعنا يقصّر كثيراً في مساعدة الناس على فهم المشاعر الحقيقية التي يعيشونها عند مواجهة الموت". أما إيفانز نفسها، فتتأرجح بين مشاعر الفقد والفخر وهي تودّع إرث جدّتها قطعةً بعد أخرى، قائلةً: "أريد للناس أن يروا كلّ هذا لأنّ هذا ما كانت تريده هي. لكن عندما يخلو هذا المكان تماماً، سينكسر قلبي قليلاً".