وسائل الإعلام الأميركية تعيد النظر في سؤال شائك: كيف ينبغي تغطية صحة الرئيس؟

03 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 12:24 (توقيت القدس)
دونالد ترامب خلال المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض، 2 سبتمبر 2025 (أليكس وونغ/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في المؤتمر الصحافي الأخير، نفى دونالد ترامب شائعات صحته التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أنها "أخبار كاذبة" وأنه كان نشطًا خلال عطلة عيد العمّال.
- الشائعات حول صحة ترامب انتشرت على منصات مثل "إكس" و"فيسبوك"، بينما تجنبت مؤسسات كبرى مثل "نيويورك تايمز" تناول الموضوع حتى المؤتمر الصحافي، وأكدت "سي أن أن" أن وسم "ترامب ميت" كان شائعًا ولكنه غير صحيح.
- يثير الجدل حول صحة ترامب وبايدن تساؤلات حول دور الإعلام في تغطية صحة القادة، مع التأكيد على أهمية التقييمات المبنية على أدلة والابتعاد عن الشائعات غير المؤكدة.

في بداية المؤتمر الصحافي الذي عقده دونالد ترامب يوم الثلاثاء، طرح مراسل "فوكس نيوز" (Fox News) بيتر دوسي سؤالاً على الرئيس بدا محيّراً للكثيرين ممن تجنّبوا متابعة وسائل التواصل الاجتماعي خلال عطلة عيد العمّال: "كيف اكتشفت في عطلة نهاية الأسبوع أنك ميت؟". كان يشير إلى شائعات انتشرت على الإنترنت حول صحة ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع الطويلة، بعدما غاب عن الأنظار لعدة أيام.

هذه الحادثة أعادت إلى الواجهة النقاش مع رئيس مختلف هذه المرة، حول كيفية تعامل الصحافيين مع قضية حساسة مثل الحالة الصحية لزعيم مسنّ يتولى قيادة "العالم الحر". وردّ ترامب بأنه كان أكثر نشاطاً مما بدا علناً، وهاجم الإعلام قائلاً: "إنها أخبار كاذبة، كاذبة جداً. لهذا السبب يملك الإعلام مصداقية ضئيلة".

قضية مألوفة مع رئيسين مسنّين

قبل عام، اضطر الرئيس السابق جو بايدن، البالغ الآن 82 عاماً، إلى الانسحاب من سباق إعادة الترشح، بعد أداء مرتبك ومتقطّع في مناظرة مع ترامب أثارت تساؤلات حول قدرته على تولي فترة رئاسية جديدة، كما أن الصحافيين الذين غطوا البيت الأبيض واجهوا اتهامات بالتقصير في التحقيق بحالته الصحية.

أما ترامب، الذي بلغ 79 عاماً في يونيو/ حزيران، فهو الأكبر سناً بين من تولوا الرئاسة عند التنصيب. وقد انتشرت مؤخراً صور تظهر كدمات على يديه وانتفاخاً في ساقيه، إلى جانب مقاطع فيديو يتلفظ فيها بأخطاء، مثل إشارته الخاطئة إلى حاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمر، الشهر الماضي، باسم "كريستي".

مع ذلك، لم يُثبت أي من هذه المؤشرات وجود مرض خطير.

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب مصاب بـ"قصور وريدي مزمن"، وهي حالة شائعة بين كبار السن تمنع الأوردة من إعادة الدم بشكل طبيعي من الساقين إلى القلب، ما يؤدي إلى تجمعه في الأطراف السفلية. أما عن الكدمات، فقد أوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أنها ناتجة عن "المصافحات المتكررة واستخدام الأسبرين"، الذي يتناوله ترامب بانتظام لتقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. والكدمات السهلة عموماً قد تكون مرتبطة بأسباب غير خطيرة، مثل التقدم في السن أو آثار جانبية لأدوية مميعة للدم.

الشائعات تنتشر عبر المنصات

في عطلة نهاية الأسبوع، امتلأت منصات مثل "إكس" و"فيسبوك" و"تيك توك" بالشائعات عن صحة ترامب. وذكرت شركة نيوزويب (NewsWhip) أن مواقع مثل "ذا هيل" (The Hill) و"نيويورك بوست" (New York Post) و"بيبول" (People) و"رولينغ ستون" (Rolling Stone) و"راو ستوريط (Raw Story) و"بريتبارت" (Breitbart) نشرت قصصاً حول الموضوع. لكن مؤسسات كبرى مثل "نيويورك تايمز" (The New York Times) و"أسوشييتد برس" (Associated Press) و"أم إس أن بي سي" (MSNBC) و"فوكس نيوز" (Fox News) لم تتناول المسألة قبل أن تُطرح في المؤتمر الصحافي.

على قناة "سي أن أن" (CNN) صباح الثلاثاء، قالت المذيعة أودي كورنيش: "في مرحلة ما، كان وسم "ترامب ميت" يتصدر على وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا غير صحيح". وأشارت إلى منشور لترامب في عيد العمّال كتب فيه: "لم أشعر في حياتي بهذا القدر من الصحة". أما في قناة نيوزماكس (Newsmax) المحافظة، فقد قرأ المذيع ريك ليفينثال سلسلة تعليقات من مستخدمين، ليرد قائلاً: "لم يتردد اليسار في إطلاق التمنيات السيئة تجاه الرئيس على وسائل التواصل".

بعد المؤتمر الصحافي الذي استمر 50 دقيقة في المكتب البيضاوي، وبُث كاملاً على "فوكس نيوز"، علّقت المذيعة مارثا ماكالوم ساخرة: "بايدن اختفى لأيام أو أسابيع".

ترامب وبايدن... السجال مستمر

ترامب لم يتوقف عن تحويل صحة سلفه إلى قضية سياسية، سواء قبل الانتخابات أو بعدها. ففي يونيو/حزيران، أمر بالتحقيق في استخدام بايدن القلم الآلي للتوقيعات الرئاسية، وما إذا كان مساعدوه يخفون تدهور حالته الجسدية والعقلية عن الرأي العام. لذلك، رأى الإعلامي تشاك تود، المذيع السابق لـ"ميت ذا برس" (Meet the Press)، أن ترامب وفريقه مسؤولون عن فتح الباب أمام "هستيريا إعلامية" مشابهة: "أعتقد أنهم عرضة لأن يتحولوا إلى فريسة لجوع إعلامي".

لكن بعيداً عن الجدل السياسي، تطرح هذه القضية أسئلة حقيقية على وسائل الإعلام، تماماً كما حصل مع بايدن. العلامات الجسدية التي رُصدت على ترامب تستحق تحقيقات جدية. وتساءل المؤرخ غاريت غراف عن سبب امتناع مؤسسات إعلامية كبرى عن التعمق في قصة صحة الرئيس، رغم أن توقيت انتشارها خلال عطلة عيد العمّال قد صعّب تغطيتها.

ما الذي يعدّ مادة إخبارية؟

يقول بيل غروسكن، أستاذ الصحافة في جامعة كولومبيا: "التقييمات المبنية على أدلة حول صحة الرئيس تعدّ بالتأكيد قضية مشروعة". ويضيف أن ذلك قد يشمل ملاحظات مثل الكدمات أو النوم خلال الاجتماعات، إضافة إلى تحليل الأدوية التي يتناولها الرئيس وأسبابها. ويتابع: "كما أن الغياب المفاجئ لشخصية عامة بارزة، خصوصاً لمن يظهر كثيراً في الإعلام، أمر ذو قيمة للصحافيين كي يغطوه. لكن لا أعتقد أن على المؤسسات الإعلامية أن تنشر مقالات من نوع: الجميع يتحدث عن كذا على وسائل التواصل، لذا يجب أن نكتب عنه أيضاً".

الجدل حول التغطية الإعلامية لصحة بايدن كان واسعاً العام الماضي، وتجدد في الربيع الماضي مع صدور كتاب "الخطيئة الأصلية: تراجع الرئيس بايدن، التستر عليه، وقراره الكارثي بالترشح مجدداً" (Original Sin: President Biden’s Decline, Its Cover-up, and His Disastrous Choice to Run Again) للصحافيين جيك تابر وأليكس تومسون.

وفي ضوء ذلك، كتب غراف على منصته في "سابستاك" (Substack) قائلاً: "قد يظن المرء أن الصحافيين سيتسابقون الآن للبحث بعمق. هناك ما يكفي من الدخان ليفرض على مؤسسة كبرى نشر تحقيق موسّع لمعرفة إن كان هناك نار بالفعل".

المساهمون