وفاة سعدالله آغا القلعة... الحلبي الذي سحرته الموسيقى

28 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 09:42 (توقيت القدس)
سعدالله آغا القلعة (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- توفي سعدالله آغا القلعة، وزير السياحة السوري السابق، تاركاً إرثاً ثقافياً وفنياً كبيراً، حيث جمع بين العلم والموسيقى منذ نشأته في حلب، وأتقن العزف على العود والمقامات الشرقية، وحصل على دكتوراه في الهندسة المدنية.

- آمن بضرورة نهضة موسيقية عربية شاملة، فعمل على تحليل وتوثيق تطور الموسيقى العربية بأسلوب علمي، وقدم برامج تلفزيونية مثل "العرب والموسيقى" و"عبد الوهاب مرآة عصره"، التي شكلت علامة فارقة في الإعلام الثقافي العربي.

- شغل مناصب أكاديمية كأستاذ للهندسة، واهتم بتوثيق تاريخ الموسيقى، جامعاً بين الرؤية العلمية والحس الفني، وظل وفياً لنشر الوعي الموسيقي الأصيل.

توفي أمس الأحد في الولايات المتحدة الأميركية سعدالله آغا القلعة (1950 ــ 2025)، وزير السياحة السوري السابق (2001 ــ 2011)، بعد صراع طويل مع المرض، تاركاً إرثاً ثقافياً وفنياً كبيراً في سورية والعالم العربي.

نشأة علمية وموسيقية

ولد سعدالله آغا القلعة عام 1950 في مدينة حلب، إحدى قلاع الطرب العربي. نشأ في بيئة فنية وعلمية عززت ميوله نحو الموسيقى منذ الطفولة، حيث أتقن العزف على العود وعشق المقامات الشرقية في سن مبكرة. غير أن حبه للعلم قاده أيضاً إلى دراسة الهندسة المدنية في جامعة حلب، ثم حصل على الدكتوراه من فرنسا عام 1975. هذا التكوين الأكاديمي الصارم رافقه طوال مسيرته، فكان مشروعه الموسيقي قائماً دائماً على المنهجية والبحث العلمي.

المشروع الكبير: نهضة موسيقية عربية

آمن آغا القلعة بأن الموسيقى العربية تحتاج إلى نهضة شاملة، تبدأ بفهم أكاديمي دقيق للتراث، ثم بتقديمه بأسلوب مبسط إلى الجمهور. انطلق في مشروعه هذا من إدراكه أن الموسيقى لغة تحتاج إلى شرح وتعليم تماماً كما تُدرس العلوم الأخرى. لذلك لم يكتفِ بالأداء أو النقد، بل تخصص في تحليل وتوثيق تطور الموسيقى العربية، مستنداً إلى قواعد علمية، سواء في التوثيق التاريخي أو في تحليل البنى اللحنية والإيقاعية.

أبدع آغا القلعة في تقديم عدد من البرامج الموسيقية، أبرزها "العرب والموسيقى"، و"عبد الوهاب مرآة عصره"، و"نهج الأغاني"، و"المعلوماتية" عبر التلفزيون العربي السوري. وعلى مدى سنوات، شكّل البرنامج علامة فارقة في الإعلام الثقافي العربي، حيث كان يقدم للمشاهدين دروساً مبسطة ومشوقة حول الموسيقى العربية الكلاسيكية. بحرفية وهدوء، كان يشرح المقامات والإيقاعات، يحلل ألحان كبار الملحنين مثل سيد درويش ورياض السنباطي، ويتتبع تطور القوالب الموسيقية من الموشح إلى الدور والقصيدة.

لم يكن البرنامج مجرد عرض لأغانٍ جميلة، بل كان بمثابة محاضرات مبسطة توجه للعامة، تفتح لهم أبواب التذوق الواعي للموسيقى. وقد ساعد أسلوبه الواضح والدقيق، القائم على مبدأ "التعليم بالتحليل"، في ترسيخ البرنامج في وجدان جيل كامل من المشاهدين العرب.

تولى آغا القلعة أيضاً مسؤوليات أكاديمية وعمل أستاذاً جامعياً للهندسة في جامعة حلب، إلى جانب نشاطه الموسيقي. كما عُرف عنه اهتمامه بتوثيق تاريخ الموسيقى عبر مبادرات بحثية واسعة، وشهدت له الأوساط الأكاديمية والثقافية بقدرته على دمج الرؤية العلمية مع الحس الفني بطريقة فريدة. رغم كل أدواره الأكاديمية والإدارية، ظل وفياً لمشروعه الأول: نشر الوعي الموسيقي الأصيل ومحاربة الابتذال الذي أصاب الغناء العربي الحديث.

المساهمون