لا يمكن أن يفرّق أحدٌ أبناءَ قطاع غزة عن البحر، فهو أحد أهم مصادر حياتهم، في كل ظروف السلام والحصار والحرب، ومن بين ركائز أمنهم الغذائي وشريان تنفسهم الحياة ونظرتهم إلى الدنيا بأمل، رغم كل الأهوال التي عرفوها، ومسارهم الطويل والشاق والمكلف جداً بشرياً ومادياً في سبيل استعادة حقّ فلسطين الوطن.
ولأنّ هذه العلاقة هي الأساس تعمّدت إسرائيل خلال سنوات الحصار الطويلة تقليص مساحة الصيد التي تحددها اتفاقيات أوسلو بـ20 ميلاً بحرياً إلى ستة أميال بحرية قبل عدوان 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وشملت تدابيرها طرد الصيادين وإعلان البحر منطقة للعمليات العسكرية. وفي اليوم الرابع تحديداً من الحرب الأخيرة قصفت قوات الاحتلال الميناء الوحيد في القطاع بطائرة "إف 16" كما دمرت خلال أيام الإبادة، بالإضافة إلى القوارب، مصانع تعليب وتصنيع الأسماك، وتلك الخاصة بإنتاج الثلج وغرف صيانة القوارب، ومكاتب شركات تبيع معدات الصيد، وسوق السمك، وكلّ شيء له علاقة بصيد الأسماك، كما خرّبت مزارع الأسماك، وجعلتها غير صالحة للاستخدام. ومؤخراً قدّر نقيب الصيادين في غزة، نزار عياش، الخسائر التي لحقت بقطاع الصيد البحري الذي يعد مصدر دخل رئيسياً لآلاف العائلات، بأكثر من 75 مليون دولار، وقال إنّ "تدمير المراكب ومعدات الصيد ومخازن التخزين وأدوات الملاحة والاتصال يصعّب استئناف الصيادين عملهم، أو إصلاح ما تبقى من ممتلكاتهم في ظل الإمكانيات المحدودة".
(العربي الجديد)