العراق: اعتقالات تطاول العشرات بتهمة الانتماء لـ"حزب البعث"

12 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 14:12 (توقيت القدس)
حزب البعث في العراق تظاهرة في بغداد، 7 فبراير 2010 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اعتقلت السلطات العراقية 135 شخصاً بتهمة الانتماء لحزب البعث المحظور، في عملية استمرت ثلاثة أشهر وشملت 14 محافظة، ضمن قانون "اجتثاث البعث" المثير للجدل.
- أبدى الباحث صلاح الجبوري مخاوفه من استغلال الملفات الأمنية في الصراعات السياسية، مشدداً على ضرورة الشفافية والمهنية في مكافحة الأنشطة المحظورة، خاصة مع اقتراب الانتخابات.
- رغم مرور عشرين عاماً على حظر حزب البعث، تستمر الاعتقالات في ظل توترات سياسية، مما يثير مخاوف من استخدامها لتصفية حسابات سياسية أو إقصاء خصوم انتخابيين.

أعلنت السلطات الأمنية العراقية عن اعتقال العشرات، بزعم الانتماء إلى حزب البعث العربي الاشتراكي المحظور في البلاد، خلال عملية وصفتها بـ"النوعية" بحسب ما أعلنه بيان لجهاز الأمن الوطني، اليوم الأحد. وأقرّ العراق قانون "اجتثاث البعث" عام 2005، عقب الغزو الأميركي للبلاد، ونصّ عليه الدستور العراقي، وترتبت على أثره إقالة عشرات آلاف العراقيين من وظائفهم، ومصادرة أملاك آلاف آخرين وإحالة قسم للقضاء. وتواجه هيئة اجتثاث "البعث"، التي تحوّل اسمها إلى "هيئة المساءلة والعدالة"، اتهامات واسعة بالانتقائية في إصدار أحكام الإقصاء أو الإقالة من المؤسسات والدوائر الرسمية، استجابة لضغوط من قوى مؤثرة على المستوى السياسي.

وذكر بيان جهاز الأمن الوطني العراقي، أنه تمكّن مما وصفه بـ "توجيه ضربة قاصمة لبقايا مروجي حزب البعث المُحظور، بعد تنفيذ عمليات نوعية دقيقة امتدت لثلاثة أشهر وشملت 14 محافظة"، وأضاف البيان أنه "أسفرت هذه الجهود عن تفكيك شبكات سرّية وإلقاء القبض على 135 متهماً بموجب قانون حظر حزب البعث"، متحدثاً عن أنّ "التحقيقات كشفت عن ارتباط تلك الخلايا بجهات خارجية تعمل على محاولة هيكلة التنظيم المنهار واستقطاب الشباب تحت عناوين مُضلِّلة عبر منصات التواصل الاجتماعي".

شكوك ومخاوف

من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي صلاح الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك مخاوف سياسية وكذلك شعبية من خطورة توظيف الملفات الأمنية والقانونية في الصراعات السياسية أو الانتخابية، فالعدالة لا يمكن أن تكون انتقائية أو موسمية، فاعتقال العشرات بتهمة الانتماء لحزب البعث في هذا التوقيت، ومع قرب انتخابات البرلمان، يثير الشكوك والمخاوف"، وبيّن أن "مكافحة أي نشاط محظور وفق الدستور يجب أن يجري وفق معايير مهنية وشفافة وبإشراف قضائي واضح، بعيداً عن الحسابات السياسية أو الانتخابية، والزج بتهمة الانتماء إلى البعث في هذا التوقيت الحساس قد يفقد الإجراءات الرسمية مصداقيتها لدى الرأي العام، ويفسر على أنه محاولة لتصفية خصوم أو التأثير على مسار المنافسة الانتخابية".

وشدّد على أن "المؤسّسات الأمنية مطالبة بإثبات أن هذه العمليات تستند إلى معلومات استخبارية دقيقة وأوامر قضائية أصولية، لا إلى اجتهادات أو توجيهات سياسية، فالخلط بين الأمن والسياسة يضعف ثقة المواطن بالدولة ويعيد أجواء الشك والانقسام"، وأضاف المصدر ذاته، أن "التجربة العراقية تؤكد أن معالجة الملفات الحساسة، مثل ملف البعث، تحتاج إلى حكمة وتدرج قانوني، لا إلى حملات إعلامية أو أمنية مفاجئة، لأن الاستقرار الحقيقي يتحقق من خلال العدالة والمؤسسات، لا عبر التصعيد".

وختم الباحث في الشأن السياسي قوله بأن "الانتخابات المقبلة تمثل اختباراً جديداً للدولة العراقية في مدى قدرتها على الفصل بين العمل الأمني والسياسي، وعلى القوى السياسية أن تدرك أن أمن المواطن فوق كل حساب انتخابي".

الانتخابات المقبلة تمثل اختباراً جديداً للدولة العراقية في مدى قدرتها على الفصل بين العمل الأمني والسياسي

ويشهد العراق منذ سقوط نظام حزب البعث عام 2003 حالة من الحساسية السياسية والأمنية تجاه أي نشاط أو ارتباط يشتبه بصلته بالحزب المنحل، الذي حكم البلاد لأكثر من ثلاثة عقود تحت قيادة صدام حسين. ورغم مرور أكثر من عشرين عاماً على حظر الحزب دستورياً، ما تزال الأجهزة الأمنية بين حين وآخر تنفذ حملات اعتقال تستهدف أشخاص يشتبه بانتمائهم أو ترويجهم لأفكار البعث، استناد إلى قوانين "اجتثاث البعث".

وجاءت هذه الاعتقالات في وقت يشهد فيه العراق أجواء سياسية متوترة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، ما يثير مخاوف من استغلال هذه الملفات في تصفية حسابات سياسية أو استخدام تهم "الانتماء للبعث" وسيلةً لإقصاء خصوم سياسيين أو حتّى ناخبين لبعض الأطراف والشخصيات السياسية.

المساهمون