القوى المسيحية في العراق تدعو إلى خوض الانتخابات بقائمة موحدة

06 مايو 2025
من انتخابات عراقية سابقة (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- دعت قوى مسيحية في العراق إلى تشكيل قائمة انتخابية موحدة لتعزيز التمثيل السياسي للمسيحيين في الانتخابات التشريعية المقبلة، في ظل تحديات مثل نفوذ الفصائل المسلحة والتغيير الديموغرافي.
- التحالف المسيحي يسعى لتشكيل قائمة موحدة، مستثنيًا جماعة "بابليون"، بهدف تعزيز الاستقرار في مناطق المسيحيين مثل سهل نينوى، وإخراج المليشيات المسلحة وتسهيل عودة النازحين.
- يواجه المسيحيون تحديات في التمثيل الانتخابي بسبب القوانين الحالية، ودعا التحالف إلى تعديل قانون الانتخابات وسحب المليشيات من مناطقهم لضمان تمثيل حقيقي.

في خطوة سياسية لافتة، وجهت عدة قوى مسيحية في العراق دعوة إلى خوض الانتخابات التشريعية المقبلة في البلاد والمقررة نهاية العام الحالي، بقائمة واحدة تشمل كل الدوائر الانتخابية بالمحافظات المختلفة. وتسعى شخصيات عراقية مسيحية، من خلال هذه الخطوة، لتوحيد صفوفها ومنع أي تشتت في أصوات الناخبين بمناطق تركزها في نينوى وبغداد في ظل تحدي نفوذ الفصائل المسلحة والتغيير الديموغرافي، خاصة بعد مرحلة تنظيم "داعش" عام 2014 وما تلاها من عمليات تهجير واستهداف واسعة لأبناء المكون المسيحي بالعراق.

ووجّهت عدة قوى عراقية مسيحية، اليوم الثلاثاء، دخلت قبل فترة في تحالف أطلقت عليه اسم "التحالف المسيحي"، بيانا دعت فيه كل القوى المسيحية للتوحد بقائمة انتخابية واحدة. وقال التحالف الذي يضم كلًّا من "المجلس القومي الكلداني"، و"حركة تجمع السريان"، و"الاتحاد الديمقراطي الكلداني"، و"الجمعية الأرمنية"، و"الرابطة الكلدانية العالمية"، و"تيار شلاما"، و"الهيئة الإداريّة لطائفة الأرمن الأرثوذكس"، إنه يدعو إلى "حوار مسؤول وجاد يفضي إلى تشكيل قائمة انتخابية موحدة لخوض الانتخابات القادمة بصوت واحد وموقف واحد ورؤية مشتركة".

الدعوة التي تُعتبر الأولى من نوعها، جاءت لتشمل جميع الطوائف المسيحية بالعراق، باستثناء جماعة "بابليون" التي يتزعمها ريان الكلداني، القريب من "الحشد الشعبي"، وقيادات فصائلية موالية لإيران، والمُدرج في لائحة العقوبات الأميركية بتهم الفساد والانتهاكات. وتأتي الخطوة بالتزامن مع دعوات لشخصيات وواجهات مسيحية وازنة بالعراق، لإخراج المليشيات والجماعات المسلحة من منطقة "سهل نينوى"، وعموم مناطق تركز المسيحيين، مثل الحمدانية وتلكيف وبرطلة، وبعشيقة، لتسهيل عودة النازحين، ومنح المناطق تلك استقرارا اجتماعيا واقتصاديا.

وجاء في البيان الذي حمل توقيع آنو جوهر عبدوكا السكرتير العام للتحالف المسيحي، أن "التحديات المصيرية التي تواجه شعبنا على مختلف الأصعدة، السياسية والاجتماعية والثقافية، والتراجع الواضح في حجم التمثيل السياسي الفاعل لمكوننا الأصيل داخل مؤسسات الدولة العراقية، بسبب اختطاف تمثيله من قوى خارجية معروفة لدى الجميع، تتطلب موقفاً مسيحياً وقومياً وطنياً موحداً وشجاعاً يرتقي إلى مستوى المسؤولية التاريخية". وأكد التحالف أن "التشتت والانقسام قد أضعفا من صوتنا، ومهّدا الطريق أمام قوى خارجية للتلاعب بإرادة شعبنا، وفرض تمثيل هزيل لا يعبّر عن تطلعاته الحقيقية في مجلس النواب العراقي". وأوضح التحالف أن "هذا الاتحاد لا يعني ذوبان الهويات أو إلغاء الخصوصيات، بل هو تكامل ضروري لتثبيت الحقوق وتعزيز الوجود، ولبناء مشروع سياسي يمثل إرادة شعبنا الحر في العراق".

وأكد التحالف في البيان، استعداده الكامل لتهيئة كل الظروف المطلوبة لإنجاح هذا المشروع، وإطلاق سلسلة من الاجتماعات التنسيقية العاجلة خلال الأيام القليلة المقبلة لوضع الأسس التنظيمية والسياسية للقائمة الانتخابية المشتركة. وختم البيان بالقول: "واثقون بأن التاريخ لن يرحم من يفرّط بهذه الفرصة الثمينة، وأن الأجيال القادمة لن تغفر لمن يقدّم المصالح الحزبية على مستقبل شعبٍ عانى بما يكفي. فلنلتقِ ونتحد بأسرع وقت ممكن، فالوطن والشعب ينتظران منا الكثير".

ومن المقرر أن يجري العراق الانتخابات التشريعية العامة بنسختها السادسة منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بمشاركة متاحة لـ28 مليون ناخب يحق لهم التصويت من أصل 45 مليون عراقي يشكلون مجموع سكان البلاد.

وواجه المكون المسيحي في العراق إجحافاً كبيراً خلال إقرار القانون الحالي للانتخابات، الذي منع المغتربين والنازحين من المشاركة، إذ تحوز شريحة مسيحيي العراق على أكبر نسبة مهجرين ونازحين ومغتربين، تقدر بـ75%، وذلك بسبب غزو الولايات المتحدة العراق وما تعرض له المسيحيون في مراحل لاحقة من ظلم وعمليات تنكيل واستهداف بدوافع طائفية وعنصرية وأخرى قائمة على أطماع بمناطق وجودهم التاريخية مثل سهل نينوى ووسط العاصمة بغداد.

وفي فبراير/شباط الماضي، وجه التحالف ذاته دعوة للحكومة بالمساعدة في إخراج "المليشيات المسلحة" من قرى ومدن سهل نينوى الذي يمثل مناطق انتشار المكون المسيحي في المحافظة الواقعة على مسافة 450 كيلومتراً شمال بغداد، مؤكدا ضرورة إسناد الملف الأمني في تلك المناطق لأبناء المكونين المسيحي والأيزيدي، فضلا عن تعديل قانون الانتخابات لضمان تمثيل حقيقي للمكون بالانتخابات. جاء ذلك في مذكرة رسمية وجهتها الأحزاب الممثلة بالتحالف وهي من الكلدان والآشوريين والسريان والأرمن، إلى رئيسي البرلمان والحكومة وأعضاء مجلس مفوضية الانتخابات.

وتضمنت المذكرة أن "أبناء المكون المسيحي، الذين يشكلون أحد أعرق وأقدم المكونات الحضارية"، تعرضوا لسلسلة من "المجازر والإبادة الجماعية في التاريخ الحديث"، كان آخرها "ما اقترفته التنظيمات الإرهابية مثل تنظيمي القاعدة وداعش، إضافة إلى المليشيات المسلحة والمنفلتة".

وشدد التحالف على "سحب المليشيات المسلحة من قرى ومدن مناطق سهل نينوى بالموصل وإسناد الملف الأمني لأبناء المكونين المسيحي والأيزيدي من سكان نينوى الأصليين، من خلال المؤسسات العسكرية والأمنية المنصوص عليها في الدستور العراقي الدائم، لحماية تلك المناطق من استغلال المليشيات المنفلتة وتدخلاتها السافرة في شؤون أبناء تلك المناطق".

كما طالبت المذكرة بـ"تعديل قانون الانتخابات لمجلس النواب العراقي وانتخابات مجالس المحافظات لضمان التمثيل الحقيقي للمكون المسيحي، عبر إجراءات تشمل استحداث سجل انتخابي خاص، وتخصيص ورقة اقتراع وصناديق مستقلة"، مؤكدة "تطبيق المادتين 140 و125 من الدستور لضمان تمثيل أبناء المكون والمكونات الأخرى إدارياً وسياسياً، والحفاظ على ديموغرافية مناطقهم ووجودهم التاريخي". وتراجعت نسبة المسيحيين في العراق من 4% من إجمالي السكان، إلى نحو 1%، بحسب تصريحات سابقة لمسؤولين في ديوان الشؤون المسيحية.

وقال الخبير بالشأن العراقي أحمد النعيمي، إن الدعوة التي وجهها التحالف المسيحي، تأتي استباقية لمنع تكرار فرض ريان الكلداني نفسه بقوة السلاح وبالدعم الحاصل عليه من حلفاء إيران على المشهد المسيحي العراقي.

وأضاف النعيمي، لـ"العربي الجديد"، أن أمام القوى المسيحية المدنية في العراق، فرصة التمثيل الحقيقي للشارع في البرلمان المقبل، حتى مع انحسار عدد الأصوات بسبب حرمان المغتربين والمهجرين من التصويت، معتبرا أن "ملفات النزوح والتهجير واستعادة عقارات وأملاك المكون، وإنهاء الإفلات من العقاب لمن ساهم في زيادة معاناتهم أو تورط في انتهاكات ضدهم، يجب أن تكون ملفات حاضرة وبقوة في التمثيل المسيحي القادم بالبرلمان، والقوى الشيعية والسنية مطالبة بدعمها وتبنيها أيضا، كونها أخلاقية وإنسانية قبل أي اعتبار آخر".