استمع إلى الملخص
- إذا كان الحادث تخريبياً، فقد يكون الهدف ممارسة ضغط للحصول على تنازلات أكبر، وليس إفشال المفاوضات مباشرة، خاصة وأن الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية يبدو مستبعداً دون موافقة واشنطن.
- تكرار مثل هذه الحوادث قد يشكل تحدياً للمفاوضات، خاصة إذا استهدف الاقتصاد الإيراني عبر ميناء شهيد رجائي.
وقع انفجار السبت في ميناء بندر عباس في توقيت حساس ومهم، أي في يوم انعقاد الجولة الثالثة من المفاوضات في مسقط، ولهذا السبب، وعقب وقوع الانفجار، اتجهت الأنظار نحو إسرائيل بوصفها مشتبهاً به رئيسياً في الحادث، التي يُعتقد أنها تريد من خلال ذلك تعطيل هذه المفاوضات وإفشالها.
حتى الآن، وبعد مرور ساعات على هذا الحادث، وكالعادة، لم تُنشر رواية دقيقة عن سببه وحجم الأضرار الاقتصادية، وليس من الواضح بالضبط ما الذي حدث وما هو سبب الحادث، وربما لن يتضح الأمر في الوقت الحالي. لذلك؛ لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الحادث طبيعياً وقع بالصدفة في يوم الجولة الثالثة من المفاوضات، أم أنه عمل تخريبي.
ولكن، إذا اعتمدنا الفرضية الثانية أساسيةً، فيجب أن نرى ما هو الهدف. في هذه الحالة، ومهما كان الهدف، فإنه لم يكن إفشال المفاوضات. إسرائيل نفسها تدرك جيداً أن مثل هذه العملية، على افتراض تورطها فيها، لن تؤدي إلى إنهاء المفاوضات وإفشالها.
بالتالي، فإن فرضية أن إسرائيل قامت بهذا العمل بهدف إفشال مفاوضات مسقط لا تبدو ذات موضوعية كبيرة. الحقيقة هي أنه لا هذا الإجراء، إذا كان تخريبياً، ولا حتى عمليات غير مباشرة أبعد من ذلك، بما في ذلك الاغتيالات وغيرها، ستؤدي إلى تعطيل المفاوضات؛ على الرغم من أنها قد تضر بها في حال تكرارها. الإجراء الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى فشل هذا المسار وتعطيله، أو على الأقل تعليقه، هو هجوم إسرائيلي واضح وصريح على المنشآت النووية الإيرانية.
وحدثٌ آخر يمكن أن يؤدي إلى إنهاء الدبلوماسية مع إيران من جانب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو وقوع حادث كبير ضد القوات الأميركية في المنطقة، يسفر عن خسائر بشرية كبيرة، ويُنسب إلى إيران أو حلفائها.
فرضية أن إسرائيل قامت بهذا العمل بهدف إفشال مفاوضات مسقط لا تبدو ذات موضوعية كبيرة
الهجوم على المنشآت النووية يبدو مستبعداً في الوقت الحالي، وليس من الممكن لإسرائيل أن تقوم بهذا الإجراء دون موافقة وضوء أخضر من واشنطن؛ خاصة في هذه الفترة التي يتواجد فيها ترامب في البيت الأبيض ويتحرك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحذر شديد تجاهه؛ لدرجة أنه لا يُظهر غضبه واستياءه من المسار الدبلوماسي الحالي بين طهران وواشنطن في تصريحاته، ويتحدث بحذر شديد في مواقفه الكلامية.
هذا النهج من نتنياهو يتناقض مع سلوكه ليس بالبعيد الذي اتبعه في عهد أوباما وبايدن، إذ كان يذهب إلى الكونغرس الأميركي ويتحدى علناً سياسات الرئيسين الديمقراطيين الحاكمين. أما الآن، فأولوية نتنياهو وكل همه هو البقاء في السلطة، لذا يراعي ترامب إلى هذا الحد في خطابه، ومن غير المرجح أن يقدم على عمل دون تنسيق معه قد يثير غضبه وانتقامه.
بالطبع، هذا لا يعني أن فرضية التخريب في حادث انفجار بندر عباس مستبعدة تماماً، بل في حالة أخرى، تظل هذه الفرضية قائمة، وهي أنه إذا كان الأمر تخريبياً بالفعل، فقد يكون من عمل الموساد وبالتنسيق مع واشنطن. ولكن، كما قيل، الهدف ليس تعطيل المفاوضات، لأن مثل هذا الهدف لا يتحقق أساساً بهذا الحادث، بل يمكن أن يكون الهدف هو ممارسة ضغط عملي خارج طاولة المفاوضات للحصول على تنازلات أكبر وتقديم تنازلات أقل في المفاوضات نفسها.
في السياق، وعلى فرض صحة هذه الفرضية، فإن وقوع عمل تخريبي في أكبر ميناء للحاويات في إيران (ميناء شهيد رجائي) والثاني من نوعه على مستوى المنطقة، نظراً لحجم الضرر الاقتصادي الذي يمكن أن يلحق بشريان التجارة الرئيسي للبلاد، له أهميته ورسالته الخاصة. لذلك؛ إذا صحّت فرضية وقوع التخريب، فيمكن توقع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل بالأهداف المذكورة سابقاً، وفي هذه الحالة، سيتحول ذلك إلى تحدٍ خطير أمام المفاوضات.