تراشق بين مصر وإسرائيل بسبب غزة

07 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 04:12 (توقيت القدس)
جنود مصريون على معبر رفح، 4 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تصعيد دبلوماسي مصري ضد إسرائيل بسبب تصريحات نتنياهو حول تهجير الفلسطينيين من غزة، حيث أكدت مصر رفضها لتصفية القضية الفلسطينية واعتبرت التصريحات خرقًا للقانون الدولي، داعية المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل.

- ردود فعل إسرائيلية تضمنت اتهام مصر بتفضيل حبس سكان غزة، مما أبرز الفجوة السياسية بين البلدين، وأكدت مصر أنها العقبة أمام التوسع الإسرائيلي.

- ترى مصر أن تهجير السكان يمثل تهديدًا لأمنها القومي، وتقوم باتصالات دبلوماسية مكثفة للضغط على إسرائيل ومنع تنفيذ مخطط التهجير.

أطلقت مصر على مدار الأيام الثلاثة الماضية تصريحات دبلوماسية منتقدة لإسرائيل، بالتوازي مع هجوم إعلامي حاد على تل أبيب، في ظاهرة وصفها مصدر مصري مطلع، لـ"العربي الجديد"، بأنها موجة تصعيد "طبيعية"، في ضوء الممارسات التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي، والتي "ترقى إلى مستوى جرائم الحرب بحق المدنيين"، وتهدف إلى "دفع الفلسطينيين إلى الفرار نحو مصر".

وبدأت الموجة الأخيرة من التصعيد مع بيان للخارجية المصرية عبّرت فيه القاهرة عن "بالغ استيائها" من تصريحات منسوبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة عبر معبر رفح. وشدد البيان على أن مصر "لن تكون أبداً شريكاً في هذا الظلم من خلال تصفية القضية الفلسطينية أو أن تصبح بوابة التهجير، وأن هذا الأمر يظل خطاً أحمر غير قابل للتغير". كما أكد أن هذه التصريحات تمثل "خرقاً للقانون الدولي وانتهاكاً صارخاً للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني". ودعا البيان المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته، والضغط على إسرائيل لوقف ما وصفه بـ"الانتهاكات" والانخراط الجاد في عملية سلام شاملة.

لم يتأخر الرد الإسرائيلي، إذ أصدر مكتب نتنياهو بياناً مضاداً، قال فيه إن "رئيس الحكومة تحدث عن حرية الاختيار لكل إنسان في تحديد مكان إقامته"، معتبراً أن هذا "حق إنساني أساسي، خصوصاً في زمن الحرب". وهاجم البيان الموقف المصري، قائلاً إن "الخارجية المصرية تفضل حبس سكان غزة داخلها، حتى أولئك الراغبين في مغادرة منطقة الحرب، خلافاً لرغبتهم".

تحول في لهجة تل أبيب

ومثّل هذا الرد تحولاً في لهجة تل أبيب من خطاب دبلوماسي تقليدي إلى لهجة اتهامية مباشرة، ما عكس بدوره حجم الهوة السياسية بين مصر وإسرائيل.
ولم يقتصر تصعيد القاهرة على بيان الخارجية، إذ أكد رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، أن "مصر كانت وما زالت العقبة الوحيدة أمام مشروع التوسع الإسرائيلي والتهجير وتصفية القضية الفلسطينية"، مشدداً على أن الدولة المصرية "لن تسمح بتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه". ووصف رشوان حكومة نتنياهو بأنها "ذات أطماع، بل أوهام"، مضيفاً أنها تتخيل أن الشرق الأوسط كله خضع لها، ولم يتبق سوى "جوهر القضية الفلسطينية، وهو تهجير الشعب والاستيلاء على غزة". وأوضح أن ما يعرقل هذه الرؤية الإسرائيلية هو الموقف المصري الذي "ليس مجرد دعاية سياسية، بل تقف وراءه قدرات بكل أنواعها". كما ذكّر رشوان بتاريخ مصر العسكري والسياسي مع إسرائيل، قائلاً إن "مصر خاضت حروباً مع إسرائيل على مدار 30 عاماً وأقامت معها السلام منذ 46 عاماً، وما زالت، وبالتالي فإن فترة السلام أطول من فترة الحروب".

الخارجية المصرية: القاهرة لن تصبح بوابة التهجير
 

تهديد وجودي لأمن مصر

وترى القاهرة أن أي محاولة لتغيير الواقع الديمغرافي أو تهجير السكان تمثل تهديداً وجودياً لأمنها القومي، بينما تحاول تل أبيب تبرير خطواتها تحت غطاء "الحرية الفردية". وتوقع المصدر المصري المطلع، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، أن يستمر التصعيد القائم حتى موعد انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 سبتمبر/أيلول الحالي، والتي يُرتقب أن تشهد "موجة اعتراف بدولة فلسطين من جانب عدد كبير من دول العالم"، وهو ما يثير غضب تل أبيب ويدفعها إلى المزيد من التصعيد في خطابها السياسي والإعلامي.

من جانب آخر، أكدت مصادر دبلوماسية أن القاهرة منخرطة في اتصالات مكثفة مع الإدارة الأميركية، للتأكيد على رفض كسر إسرائيل للحدود المصرية لدفع سكان غزة نحو مصر، مبيناً أن القاهرة أجرت محادثات مع أطراف عربية بشأن الضغط على إسرائيل والتدخل لدى الإدارة الأميركية وتعزيز الموقف المصري في مواجهة مساعي الحكومة الإسرائيلية للمضي في تنفيذ مخطط التهجير.

وأكد المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، معصوم مرزوق، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الرد المصري على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي يمثل "تأكيداً ضرورياً للموقف المصري الثابت، وإجراءً دبلوماسياً مهماً للرد والتصحيح ووضع النقاط فوق الحروف"، مشدداً على أن هذا التحرك يحول دون استمرار الخطاب الإسرائيلي في "محاولاته تغيير السردية والتسلق فوق أكتاف مصر لغسل صورته التي فقدها أمام الرأي العام الدولي".

حسين هريدي: نتنياهو يحاول افتعال أزمات مع مصر

بدوره، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير حسين هريدي، لـ"العربي الجديد"، إن "نتنياهو يحاول افتعال أزمات مع مصر من أجل تصدير جزء من أزماته الداخلية، وفشله حتى الآن في تحقيق الأهداف التي سبق أن أعلنها لحربه التدميرية على قطاع غزة". وأضاف أن نتنياهو "يسعى في الوقت نفسه إلى بث الوقيعة بين القاهرة وواشنطن على خلفية موضوع الهجرة"، معتبراً أن هذه المناورات تأتي في إطار محاولاته المستمرة للخروج من مأزقه السياسي والعسكري الداخلي.

ومن ناحيته قال السياسي الفلسطيني جمال زحالقة، لـ"العربي الجديد"، إن "مصر تتمسك بموقفها الرافض للتهجير أو أن تكون محطة لتهجير الفلسطينيين من غزة"، مؤكداً أن نتنياهو "يتحدث بوقاحة عن حق الفلسطينيين في الهجرة والتنقل، بينما يرسل جنوده لقصفهم وقتلهم وتدمير بيوتهم ومنشآتهم وتجويعهم، ثم يتحدث عن حقهم في الهروب من الويلات التي يمطرها عليهم". وأعرب عن اعتقاده أن "نتنياهو سيواصل العمل لتنفيذ مشروع التهجير بأساليب مختلفة". وأكد أن "المطلوب اليوم موقف عربي موحد للتصدي للانفلات الدموي الإسرائيلي، ولإفشال مشاريع الهيمنة التي تستهدف محو شعب فلسطين وقضيته".

المساهمون