ترامب يهمش نتنياهو من جديد ويترك إسرائيل في ذهول

08 مايو 2025   |  آخر تحديث: 09 مايو 2025 - 00:36 (توقيت القدس)
خلال استقبال ترامب لنتنياهو في البيت الأبيض، 5 فبراير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد العلاقات بين نتنياهو وترامب توتراً بسبب قرارات ترامب الأخيرة التي لم تشمل إسرائيل، مثل التعاون النووي مع السعودية وصفقة السلاح الضخمة.
- ترامب يمضي في تحركاته بالشرق الأوسط دون انتظار إسرائيل، معززاً المصالح الاقتصادية الأميركية عبر اتفاقيات مع السعودية تشمل استثمارات عسكرية.
- رغم التوترات، تؤكد الوثائق الإسرائيلية على قوة التحالف مع الولايات المتحدة، لكن بعض المسؤولين ينتقدون قرارات ترامب المتعلقة بإيران واتفاق السلام مع الحوثيين.

يعد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الصفعات المتتالية التي يوجهها له يوماً بعد يوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وسط حالة من الذهول لدى المستوى السياسي الإسرائيلي، الذي يفاجأ في كل مرة من جديد، وبوتيرة سريعة، بتصريحات ترامب وقراراته، وآخرها ما أوردته وكالة "رويترز" أن واشنطن لم تعد تشترط على السعودية تطبيع علاقتها مع إسرائيل لدعم تعاون نووي مدني. كما من المفترض أن توقع الإدارة الأميركية على صفقة سلاح بمليارات الدولارات مع السعودية.

وربما لم تتوقع حكومة الاحتلال وعلى رأسها نتنياهو عدم إشراكها في هذا التطور، إن صحّت المعلومات، في عهد ترامب، بعد أن كانت الإدارة الأميركية السابقة برئاسة جو بايدن تشترط النووي لأغراض سلمية وبعض صفقات التسليح بتطبيع السعودية مع الاحتلال الإسرائيلي.

وبالنظر إلى تطورات الفترة الأخيرة والقرارات التي اتخذها ترامب دون إشراك إسرائيل فيها، من قبيل وقف استهداف الحوثيين في اليمن، وقبل ذلك المفاوضات النووية مع إيران، والمفاوضات المباشرة مع حركة حماس، يبدو أن الرئيس الأميركي يمضي نحو تحقيق بعض تطلعاته وربما إنجازات ومصالح أميركية وشخصية ويترك إسرائيل المذهولة من الخلف، على الرغم من العلاقات الوطيدة بين البلدين وحماية واشنطن لتل أبيب ودعمها ومشاركتها حروبها، وإن كان هذا بالتأكيد لا يعني التخلي عنها.

واعتبرت صحيفة "معاريف" العبرية أن ترامب ألقى بإسرائيل خارج حساباته كلياً، بينما ذكرت القناة 12 العبرية أن ثمة تخوّفات من أن تمضي واشنطن والرياض في الاتفاق دون أن يكون لإسرائيل تأثير فيه. ونقلت "معاريف" عن مسؤولين إسرائيليين لم تسمهم، قولهم "كان واضحاً منذ فترة أن اتفاقاً مع السعودية، بالنسبة للولايات المتحدة، لا يهدف بالضرورة إلى تحقيق التطبيع بين السعودية وإسرائيل". ويرى هؤلاء أن "ما يهم الرئيس ترامب بشكل أساسي هو أن الاتفاق المرتقب يعني استثماراً سعودياً بقيمة 100 مليار دولار في الصناعة العسكرية الأميركية. هذا الاتفاق سيضخ أموالاً ضخمة في خزينة الدولة الأميركية، كما يمكن أن يخلق العديد من فرص العمل للمواطنين الأميركيين. لهذا السبب، سيمضي ترامب قدماً في الاتفاق، حتى لو كانت إسرائيل ستنظر إلى ذلك من بعيد"، في إشارة لعدم أخذ مصالحها في عين الاعتبار.

توتر وإحباط بين نتنياهو وترامب

في وقت سابق من اليوم الخميس، نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية حديث مسؤولين كبيرين مقربين من الرئيس الأميركي، في محادثات مغلقة، أنه قرر عدم انتظار إسرائيل بعد الآن، وأنه "يشعر بخيبة أمل من نتنياهو وقرر المضي قدماً في تحركاته في الشرق الأوسط بدونه". ووصفت الصحيفة العلاقات الشخصية بين نتنياهو وترامب بأنها تمر بفترة من التوتر وخيبة أمل متبادلة. وأوضح المسؤولون أن الرئيس الأميركي يسعى لاتخاذ قرارات يرى أنها ستعزز مكانة الولايات المتحدة، وخاصة في ما يتعلق بالسعودية ودول الخليج. وكان من المفترض أن تكون إسرائيل جزءاً من بعض هذه الخطوات، منها ما يتعلق بشكل أساسي بعملية التطبيع مع السعودية.

ومع ذلك، يرى ترامب، وفقاً لمصادر الصحيفة، أن نتنياهو يتلكأ في اتخاذ القرارات المطلوبة. وبناءً على ذلك، فإن الرئيس الأميركي غير مستعد للانتظار حتى تتحرك إسرائيل وفقاً لما هو متوقع منها، وقرر المضي قدماًً بدونها. ووفقاً للصحيفة العبرية، تتوقع السعودية، في إطار عملية التطبيع مع إسرائيل، إنهاء الحرب على غزة وإعلاناً إسرائيلياً عن "أفق للدولة الفلسطينية" أو صياغة مشابهة، مضيفة أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، المسؤول عن هذا الملف، أمضى ساعات طويلة في صياغة الكلمات المتعلقة باستعداد إسرائيل لإقامة "دولة فلسطينية" في المستقبل، وذلك في ظل المعارضة الإسرائيلية للفكرة، والحساسية السياسية للمصطلح داخل دولة الاحتلال.

بالإضافة إلى ذلك، فإن ترامب غاضب مما يعتبره محاولة من نتنياهو ومساعديه لدفع مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز، الذي أقصاه ترامب أخيراً، نحو عمل عسكري ضد إيران. ورد نتنياهو على التقرير، الذي نُشر في صحيفة "واشنطن بوست"، بأنه تحدث مع والتز مرة واحدة فقط، لكن ترامب لم يقتنع بهذا الرد. ومن المحتمل أن يكون غضب الرئيس الأميركي، وفق "يسرائيل هيوم"، هو السبب وراء استبعاد إسرائيل، سواء من الإعلان عن وقف إطلاق النار مع الحوثيين أو من إدراجها في الاتفاق مع السعودية. وحتى بعد إعلان ترامب عن الاتفاق مع الحوثيين، لم يتمكن مندوبو إسرائيل المسؤولون عن العلاقات مع الولايات المتحدة من الحصول على معلومات من البيت الأبيض حول ما يحدث. إضافةً إلى ذلك، لا يخطط ترامب في الوقت الحالي لزيارة إسرائيل خلال جولته في المنطقة الأسبوع المقبل.

وحول سبب تغيير النبرة والنهج تجاه إسرائيل من قبل الإدارة الأميركية في الأسبوع الماضي، أفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، نقلاً عن مسؤولين سياسيين إسرائيليين تحدثوا مع مسؤولين في إدارة ترامب: "إنهم (أي الإدارة الأميركية) يريدون نتائج، إذا لم نأتِ إليهم بخطط وجداول زمنية، فإنهم سيمضون قدماً. نرى ذلك في إيران، ونراه مع الحوثيين، وسنراه أيضاً مع غزة. هذه ليست أجواء أزمة، ولكن الأمر أن الوقت لديهم أثمن مما هو لدينا، فلدى ترامب عام يريد أن يُظهر فيه نتائج. ليس لديه وقت للانتظار".

ونقلت الإذاعة ذاتها عن مسؤول إسرائيلي كبير، لم تسمّه، قوله في هذا السياق: "لم يساعد أن ديرمر تحدث مع مسؤولين جمهوريين كبار بغطرسته المعتادة حول ما يجب على ترامب القيام به. مقربون من ترامب أخبروه بأن نتنياهو يتلاعب به، ولا يوجد شيء يكرهه ترامب أكثر من أن يتم تصويره بأنه ساذج، بل وأكثر من ذلك كشخص يتم التلاعب به. لذا قرر قطع الاتصال. قد يتغير هذا لاحقاً، لكن هذا هو الوضع الحالي".

وعلى الرغم من التوتر الحاصل، أفادت هيئة البث الإسرائيلي (كان)، في وقت سابق من اليوم، بأن الوزراء وصناع القرار تلقّوا وثيقة توجيهية، تحتوي على رسائل موجهة، منها ما يتعلق بالعلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة. ومما جاء فيها أن "التحالف المتين بين إسرائيل والولايات المتحدة أقوى من أي وقت مضى، وهو قائم على رؤية وقيم مشتركة. إسرائيل تشكر رئيس الولايات المتحدة على دعمه المستمر لجهودها الحثيثة لاستعادة الأسرى والقضاء على حركة حماس في غزة".

لكن عضو الكنيست الإسرائيلي نيسيم فاتوري، من حزب الليكود بزعامة نتنياهو، وجه انتقادات حادة للرئيس الأميركي خلال مقابلة مع إذاعة "كان ريشيت بيت" اليوم. وقال فاتوري "إنه (ترامب) يدّعي أنه الصديق الأفضل لإسرائيل، لكن هذا (أي قرار ترامب) محبط بعض الشيء، وهو ليس في الاتجاه الصحيح على الإطلاق. إذا كان بالفعل يدافع عن إسرائيل كما يدّعي، فلا ينبغي إجراء محادثات مع الإيرانيين، وبالتأكيد لا ينبغي إبرام اتفاق سلام مع الحوثيين بينما يقومون بإطلاق النار على مطار بن غوريون. هناك شيء ما ضاع في الطريق".