عودة "قافلة الصمود" إلى مدينة مصراته بعد عرقلتها من سلطات حفتر

14 يونيو 2025
تجمع حول قافلة الصمود في تونس قبل توجهها إلى غزة، 9 يونيو 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- اعتقال وعرقلة القافلة: اعتقلت سلطات اللواء خليفة حفتر أربعة مشاركين في قافلة "الصمود" أثناء محاولتهم كسر الحصار عن غزة، وتم عرقلة القافلة عند مدخل مدينة سرت، مما أجبر بعض المشاركين على العودة إلى مصراته.
- اجتماعات متوترة: عقدت التنسيقية اجتماعات مع وزراء وقادة أمنيين، حيث ساد التوتر والتهديد، وتم منع القافلة من التقدم نحو الحدود الليبية-المصرية، وواجه المشاركون حصارًا تجويعيًا.
- دعم شعبي وتضامن دولي: نظمت مسيرة في تونس لدعم القافلة، وتعرض المتحدث باسمها للاختطاف والاعتداء، مما يبرز التحديات التي تواجهها القافلة التي تهدف إلى كسر الحصار عن غزة.

أعلنت "تنسيقية العمل من أجل فلسطين" اعتقال سلطات اللواء المتقاعد خليفة حفتر أربعة من المشاركين في قافلة "الصمود" لكسر الحصار عن غزة، في الوقت الذي بدأ فيه بعض المشاركين في القافلة الرجوع من مدخل مدينة سرت، وسط شمال البلاد، إلى مدينة مصراته. وبثت التنسيقية على صفحتها مشاهد مرئية لنقطة تجمع المشاركين في القافلة بالقرب من مصراته (200 كيلومتر شرق طرابلس)، مشيرة إلى بدء عودة القافلة بعد عرقلتها على مدخل مدينة سرت.

وطالبت التنسيقية بالإفراج عن المعتقلين الأربعة، بينهم مدوّنون، على خلفية مزاعم نشرهم "فيديوهات مسيئة"، قبل أن يُمنعوا من التواصل مع محامين أو ذويهم. كما وصل الأمر إلى حد تهديد أحد أفراد الأمن للمشاركين بالسلاح، وفقاً لبيان التنسيقية. واتهمت التنسيقية سلطات حفتر بأنها لم تكتفِ بمنع تقدم القافلة وعزلها عن العالم بقطع الاتصالات والإنترنت، بل منعت وصول أي تموينات من غذاء وماء ودواء للمشاركين الذين يقدَّر عددهم بنحو 1500.

وذكر بيان التنسيقية أن ممثليها عقدوا اجتماعًا مطولًا، أمس الجمعة، مع عدد من وزراء حكومة مجلس النواب وقادة الأجهزة الأمنية، مشيرة إلى أن الاجتماع "لم يخلُ من التشنج ونبرة التهديد"، من دون ذكر تفاصيل إضافية. وأضاف البيان أن ممثلي القافلة فوجئوا لدى عودتهم إلى مخيم القافلة في مدخل سرت بتدهور الوضعين الأمني والإنساني للمشاركين، في "محاولة جديدة للضغط على القافلة وقيادتها كي تخضع للشروط غير المعقولة لسلطات شرق ليبيا ونظيرتها المصرية".

وفيما استنكرت التنسيقية ما وصفته بـ"الحصار التجويعي المشين" ضد المشاركين في منطقة شبه صحراوية، طالبت بوقف هذا السلوك، وفك العزلة المفروضة على القافلة بقطع شبكات الاتصال والإنترنت. ومنذ وصول القافلة إلى مدخل مدينة سرت، أوقفتها السلطات الأمنية التابعة لحفتر بحجة غياب الموافقات الأمنية، قبل أن تعلن وزارة الداخلية بحكومة مجلس النواب، أمس الجمعة، أن بعض المشاركين في القافلة لا يحملون جوازات سفر سارية، وبعضهم لا يملك أي أوراق ثبوتية أصلًا، مشيرة إلى ما وصفته بـ"محاولات لاستغلال الطابع الإنساني والتضامني للقافلة وتوجيهها لأغراض لا تمت بصلة إلى هدفها المُعلن".

وجاء هذا الإجراء بعد إصدار وزارة الخارجية بالحكومة المكلّفة من مجلس النواب في بنغازي بيانًا، الخميس، رحبت فيه بمبادرة القافلة، لكنها دعت إلى احترام الضوابط التنظيمية التي حددتها السلطات المصرية بشأن زيارة المنطقة الحدودية مع قطاع غزة. وذكرت الوزارة ببيان وزارة الخارجية المصرية الصادر الأربعاء، والذي يحدد الضوابط التنظيمية الخاصة بزيارة المنطقة الحدودية مع غزة، مشددة على ضرورة "احترام هذه الضوابط والتنسيق الكامل مع الجهات المختصة لضمان سلامة المشاركين ونجاح أهداف القافلة".

وبثّت الصفحة الرسمية للتنسيقية، أمس الجمعة، صورًا تُظهر المشاركين في القافلة وهم يفترشون قارعة الطريق وسط زحام شديد. ووجّهت نداءً إلى الليبيين جاء فيه: "من يستطيع القدوم إلى مكان التخييم ومساعدة القافلة بمعدات التخييم والاحتياجات اللوجستية، فالتخييم ضمن منطقة صحراوية، ونحتاج إلى المزيد من الخيام، ماء، وحمامات متنقلة". وبينما قطعت سلطات حفتر الاتصالات وشبكة الإنترنت على المدخل الغربي لمدينة سرت، تنقّل أفراد التنسيقية إلى مناطق قريبة غرب المدينة للحصول على تغطية ونشر التصريحات والصور.

كما نشرت التنسيقية تصريحات للمتحدث باسمها وائل نوار، أكد فيها أن الوضع لا يزال غامضًا، ولا يعرف المشاركون إن كانوا سيمرّون شرقًا أم لا. وقال: "ردات أفعال المسؤولين الأمنيين عند بوابة سرت متناقضة، فبعضهم يقول إننا سنمرّ خلال ساعات، وآخرون يقولون إن مصر ترفض مرورنا، وبالتالي لن نمرّ. ليست لدينا معلومات واضحة".

وأضاف نوار: "طلب منا مسؤولو البوابة قائمة بأسماء المشاركين وجوازات سفرهم، وزودناهم بها، وحتى الآن لم يردوا علينا". وشدد على أن المشاركين "مصرون على المضي، ولن نعود إلى الوراء، نريد أن يكون وجودنا هنا مؤقتًا، وأن تكون هذه الوقفة عند معبر رفح، ولا نريد أن يكون التوقف في ليبيا أو في مصر أو في أي أرض عربية". وتضم القافلة، التي انطلقت من تونس، 15 حافلة و150 سيارة، في خط سير يمر بمناطق غرب ليبيا وصولًا إلى سرت ثم بنغازي، ومنها إلى معبر السلوم الحدودي بين ليبيا ومصر، وصولًا إلى قطاع غزة.

وكانت التنسيقية قد أكدت في بيان لها مساء السبت، أن قافلة الصمود تواجه منذ عشية الجمعة عملية حصار ممنهجة وصلت إلى درجة التجويع. وأوضحت أن سلطات شرق ليبيا عملت على منع تقدم القافلة نحو سرت، وعزلها تمامًا عن العالم الخارجي عبر تعطيل شبكات الاتصالات والإنترنت. كما أنها صعّدت تضييقها عبر منع وصول أي تموينات بالغذاء والماء والدواء للمشاركين في القافلة، الذين يناهز عددهم الألف وخمسمائة.

وقالت التنسيقية إن قوى أمنية منعت الجمعة بالقوة وصول قافلة "الفزعة" إلى قافلة "الصمود"، والتي نظمها بعض الإخوة الليبيين من داعمي القافلة، وأمعنت في حرمان أعضائها من التموين الضروري لاستمرار اعتصامهم على مشارف مدينة سرت، والتنكر لوعودها بالسماح لأعضاء هيئة التسيير والنظام بإدخال المواد التموينية. وأضافت أنه تم منع أعضاء الهيئة من العودة إلى المخيم لمدّ المشاركين بالحاجيات الأساسية، كما مُنع حوالي خمسين مشاركًا آخر من الالتحاق بالقافلة، مما أدى إلى تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء: الأول بالمكان الأصلي للمخيم، والثاني على بعد كيلومتر ونصف الكيلو متر (مع منع أدنى درجات التواصل بينهما)، والثالث في منطقة آمنة تتوفر فيها شبكة الاتصالات على بعد 40 كيلومترًا، حيث تجمّع بضع عشرات من المشاركين الذين مُنعوا من العودة إلى المخيم.

ولفتت إلى أن هذا التصعيد يأتي من طرف القوى الأمنية التابعة لحكومة شرق ليبيا، في الوقت الذي يواصل فيه أعضاء في هيئة التسيير مفاوضاتهم مع ممثلين عنها من أجل إيجاد حل مقبول يضمن تقدم قافلة "الصمود" نحو الحدود الليبية-المصرية، مطالبة كل الهيئات الحكومية والمنظمات الدولية المستقلة ذات الصلة بالتدخل، من دون المساس بسيادة ليبيا الشقيقة، من أجل تسهيل مهمتها.

ودوّن أحد المشاركين في القافلة، ويدعى شاكر جهمي، قائلًا: "نيابة عن كل الصامدين على مشارف سرت الليبية، نحن جوعى ومعزولون عن العالم تحت الحصار المطبق منذ الأمس". وأضاف: "هنا تحت وطأة الحصار العسكري–البوليسي، لا دخول ولا خروج من مخيم القافلة، كل المداخل إليه مغلقة، ومُنع عنا أي إمداد للأكل والشرب. نحن تحت رقابة الدرونات على امتداد اليوم، بلا اتصالات ولا إنترنت نتيجة التشويش المتعمد على امتداد بلغ حوالي 50 كم". وتابع: "نحن هنا ما زلنا مرابطين، صابرين، صامدين، عازمين على بلوغ أبعد نقطة ممكنة. كل القافلة بخير رغم الترهيب وبعض الإيقافات. نحن في عزلة عن العالم الخارجي ولا نعلم ما الذي يحدث. تحدّثوا عنا، ولا تنسونا، واجعلوا صمودنا واحدة من أهم مشاغلكم".

وقال الناشط السياسي عز الدين الحزقي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن قافلة الصمود صامدة، ولكنها تواجه قوى قاهرة، مبينًا أنها نجحت في إيصال رسائل رمزية إلى العالم أجمع. وأضاف: "للأسف، الشعوب لا تتصرف مثل الحكومات، والقادة لديهم رأي آخر. كان بالإمكان دخول التاريخ، سواء للسيسي أو حفتر، لكنهما اختارا وضع حد لمسار القافلة". واعتبر أن عناصر القافلة أبطال بما أنجزوه، ومتى ما تعذّر عليهم التقدم فسيعودون، "لكن الرسالة وصلت والمهمة أُنجزت بنجاح".

مسيرة حاشدة في تونس

وفي شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة التونسية احتشد تونسيون، مساء السبت، بدعوة من تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين دعما لقافلة الصمود ونصرة لفلسطين. ورُفعت شعارات: "يا للعار يا للعار القافلة في حصار"،" صامدين صامدين يا فلسطين"،"لا صلح لا اعتراف، لا تفاوض".

وقال عضو تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين، رشيد عثماني، في تصريح لـ"العربي الجديد " إن "الدعوة لهذه المسيرة جاءت بعد التطورات الأخيرة التي عرفها مسار قافلة الصمود، خاصة في المنطقة الشرقية وتحديداً في سرت"، مبيناً أن "أعضاء القافلة والمشاركين فيها يتعرضون الى ضغوطات وإعتداءات غير مقبولة".

وأضاف أن "الشعب الليبي وأحفاد عمر المختار دعموا القافلة، وهم مطالبون بحماية المشاركين فيها"، مشيراً إلى أن "هذه المسيرة الحاشدة والمشاركة المكثفة للتونسيين دليل على أن القضية الفلسطينية في وجدان أغلب التونسيين، وأنهم على أتم الإستعداد لنصرة فلسطين".

وقال عضو تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين ومتحدث رسمي باسم قافلة الصمود، مازن عبد اللاوي، في تصريح لـ"العربي الجديد " إن "مسيرة اليوم هي دعم لقافلة الصمود وللمشاركين فيها، مؤكدا أن القافلة تضامنية برية إنسانية نحو معبر رفح، وأنها لا تحمل أي لون سياسي، وهدفها واضح وهو كسر الحصار على غزة". وأضاف أنه "على جميع السلطات تسهيل مرور قافلة الصمود لتحقيق المطلب الأساسي لها، مؤكداً أن أعضاء القافلة الموجودون في حدود معبر سرت ليسوا بمفردهم ، والتونسيون المتظاهرون اليوم يدعمونهم، وأن الشعب التونسي مستعد لإسنادهم وعلى السلطات في شرق ليبيا التعاون لتسهيل عبورهم إلى رفح".

وقال مشارك في المسيرة، يدعى حليم الرقيق، إن "هدف قافلة الصمود فك الحصار عن غزة، التي يعاني فيها الفلسطينيون معاناة كبيرة نتيجة التجويع والحصار في خرق واضح للقوانين والمعاهدات الدولية"، مؤكداً في تصريح لـ"العربي الجديد " أنه "لا بد من إدخال المساعدات والمؤونة والغذاء إلى فلسطين وتطبيق القوانين الدولية من أجل الحق في الصحة والعلاج".

وبالتوازي، نشر المتحدث باسم قافلة الصمود، وائل نوار، شريط فيديو يؤكد من خلاله تعرضه إلى عملية اختطاف بالقرب من سرت، والى إعتداء وضرب على الرأس، إلى جانب حجز هاتفه، مضيفاً أنه أطلق سراحه سريعاً نظراً لوجود حركة بالمكان .

وكانت القافلة قد انطلقت من العاصمة تونس، الاثنين الماضي، وشارك فيها 1500 ناشط تونسي و200 جزائري، بهدف كسر الحصار على غزة وإيصال المساعدات الإنسانية. ومنذ فجر الاثنين، تجمّع المئات في العاصمة التونسية لتوديع القافلة، ورافق موكب من السيارات الحافلات الموشحة بالأعلام الفلسطينية والتونسية وسط ترديد شعارات داعمة لفلسطين.