غموض يكتنف اختيار اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار السوري وعملها

13 فبراير 2025
سوريون في الجامع الأموي، 31 يناير 2025 (أوغور يتر/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشكيل اللجنة التحضيرية: تم تشكيل لجنة في دمشق تضم خمسة رجال وسيدتين من خلفيات متنوعة للتحضير لمؤتمر وطني سوري يهدف إلى جمع ممثلين عن القوى السياسية لمناقشة قضايا حيوية في سوريا.

- أهداف المؤتمر وتحدياته: يهدف المؤتمر إلى تحديد آليات إدارة المرحلة الانتقالية، مثل كتابة دستور دائم وإجراء انتخابات. يواجه المؤتمر تحديات تتعلق بمشاركة الأكراد وآليات اختيار المدعوين.

- آراء وتوقعات: يشدد الباحثون على أهمية شمولية المؤتمر وتمثيل جميع الشرائح، مع وضع معايير وطنية وكفاءة لاختيار المشاركين، ويُعتبر فرصة لتأسيس جمهورية جديدة بعد الحكم الفردي.

يكتنف الغموض تفاصيل اللجنة التي شُكّلت في دمشق للتحضير لمؤتمر وطني سوري من المفترض أن يضم ممثلين للقوى السياسية من أجل الخوض في الحوار السوري حول قضايا مفصلية في الحياة السياسية والاقتصادية والمجتمعية في البلاد، للوصول إلى أفضل الصيغ التشريعية والتنفيذية التي تحكم المرحلة الانتقالية التي تمر بها سورية. وأصدرت الرئاسة السورية قراراً أوضحت فيه أن اللجنة التي أعلن عنها بشكل رسمي أمس الأربعاء، خمسة رجال وسيدتين، وهم كل من: حسن الدغيم، ماهر علوش، محمد مستت، يوسف الهجر، هند قبوات، هدى أتاسي، وعضو مجلس الأعيان المدني في إدلب مصطفى الموسى. وستجري هذه اللجنة اجتماعات واتصالات بمختلف القوى السياسية في البلاد، لاختيار ممثلين لها في مؤتمر الحوار السوري الذي ما زال الغموض يكتنف الكثير من تفاصيله وخصوصاً لجهة الموعد وعدد المشاركين فيه وطبيعتهم السياسية والثقافية، أو أوراق العمل التي ستناقَش في الجلسات.

أعضاء اللجنة

ونظرة على أعضاء اللجنة تبيّن أنهم من خلفيات مناطقية وسياسية مختلفة، فالدغيم حاصل على شهادة في العلوم الإسلامية ودبلوم في الفقه المقارن، وكان يشغل منصب مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني السوري في شمال البلاد. بينما كان للكاتب والباحث ماهر علوش دور في حلّ الخلافات بين الفصائل، خصوصاً حركة "أحرار الشام"، فيما عمل محمد مستت، مدرباً في مجال تطوير الموارد البشرية وبناء القادة. أما يوسف الهجر، فهو متحدر من محافظة دير الزور، شرقي البلاد، وكان مدير المكتب السياسي في "هيئة تحرير الشام". وتضم اللجنة مصطفى الموسى الذي كان رئيساً لمجلس الشورى في حكومة الإنقاذ في شمال غربي سورية، وهند قبوات، الناشطة المدنية والمتحدرة من حي باب توما الدمشقي، إضافة إلى هدى الأتاسي، المهندسة المعمارية من محافظة حمص، التي نشطت في مجال العمل التطوعي والخيري في القطاع الإنساني في سورية.

ستبدأ اللجنة بالتشاور مع مختلف القوى والتيارات السياسية في البلاد، لاختيار أعضاء المؤتمر

وبحسب مصادر مطلعة في دمشق، ستبدأ اللجنة بالتشاور مع مختلف القوى والتيارات السياسية في البلاد، لاختيار أعضاء المؤتمر الذي ينتظره السوريون منذ سقوط نظام الأسد. وبيّنت المصادر أنه لم يتم الاتفاق بعد على الآليات التي ستتبع في اختيار المدعوين إلى المؤتمر، مضيفة أن "الأمر يحتاج بعض الوقت والمزيد من المشاورات".

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع استقبل أول من أمس الثلاثاء وفداً من هيئة التفاوض السورية والائتلاف الوطني السوري، في قصر الشعب بدمشق، حيث سُلّمت الملفات الخاصة بعمل المؤسستين تمهيداً لإعلان حلّهما. وأكد أحمد بكورة وهو عضو في هذا الائتلاف في حديث مع "العربي الجديد" أن الائتلاف "بات في حكم المنحل".

ومنذ تسلمها مقاليد البلاد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت الإدارة السياسية الجديدة في سورية اهتمامها بعقد مؤتمر حوار وطني لمختلف الأطياف السياسية في البلاد لتحديد آليات إدارة المرحلة الانتقالية التي من المفترض أن تشهد كتابة دستور دائم تجري بناء عليه انتخابات رئاسية ونيابية بعد أكثر من 60 عاما من حكم استبدادي. ومن المرجح أن يتمخض عن مؤتمر الحوار السوري إعلان دستوري ناظم للمرحلة الانتقالية بعد حلّ الدستور الذي وضعه النظام المخلوع في عام 2012، من الفصائل العسكرية والتي نصّبت أحمد الشرع رئيسا للبلاد. وربما يختار مؤتمر الحوار السوري المقبل لجنة خبراء سياسيين وقانونيين لوضع دستور دائم للبلاد يُعرض على الاستفتاء الشعبي"، وفق مصادر مطلعة في دمشق، أشارت إلى أن التوصل لأفضل الصيغ الدستورية من أهم أهداف المؤتمر.

ولا تزال الصورة غير واضحة حول طبيعة مشاركة الأكراد السوريين في المؤتمر، في ظل عدم تحقيق نتائج إيجابية بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) والإدارة الجديدة لحسم مصير الشمال الشرقي من سورية. ولكن من المتوقع دعوة أعضاء في المجلس الوطني الكردي الذي يمثل جزءاً من الشارع السياسي الكردي في سورية، والذي كما يبدو يحاول التمايز في موقفه إزاء الإدارة الجديدة في دمشق عن حزب "الاتحاد الديمقراطي" المهيمن على "قسد" والمتهم بكونه نسخة سورية من حزب العمال الكردستاني. وتنظر مختلف القوى السياسية إلى مؤتمر الحوار السوري المقبل على أنه برلمان وطني يؤسس لجمهورية جديدة بعد عقود من حكم فردي مستبد.

آليات غير واضحة لمؤتمر الحوار السوري

وتعليقاً على تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني، رأى الباحث السياسي حازم نهار، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "من المبكر تقييم هذه اللجنة سلباً أو إيجاباً"، مضيفاً أنه "يجب أن ننتظر لنرى توجهاتها وتصورها لمؤتمر الحوار السوري خصوصاً لجهة صلاحياته، والمعايير التي ستوضع للدعوة إليه، وهل ستدعو مثقفين وباحثين أم رموزاً لطوائف وإثنيات في البلاد"، لافتاً إلى أنه "بناء على عمل اللجنة، يمكن تحديد موقف واضح منها". وتابع: "لكن هناك نقطة يجب الوقوف عندها، وهي آلية تشكيل هذه اللجنة حيث لم تصلنا معلومات حول هذه الآلية، وهذا باعتقادي خلل كان من المفترض تلافيه من قبل القيادة السياسية".

حازم نهار: يجب أن ننتظر لنرى توجهات اللجنة وتصورها لمؤتمر الحوار السوري خصوصاً لجهة صلاحياته

ولفت نهار إلى أن "الانتقال من صيغة المؤتمر الوطني السوري التي تحدثت عنها القيادة السياسية في البلاد إلى صيغة مؤتمر الحوار السوري الوطني، يوحي بأن المؤتمر سيكون نقاشا عاما وليس لاتخاذ قرارات مفصلية تخص مستقبل البلاد". ودعا نهار إلى أن تكون الدعوة للمؤتمر لأفراد "وليس لقوى أو هيئات لأنه لا يمكن التثبت حالياً من وجود هذه القوى أو لأن هذه القوى غير متبلورة". كما دعا إلى أن تكون "الوطنية السورية والكفاءة المعيارين الرئيسين لاختيار الشخصيات المدعوة إلى المؤتمر"، مشيرا إلى ضرورة "العدالة من حيث التوزع الجغرافي والإثني والطائفة والجنس والعمر". كما طالب نهار بـ"تمثيل عادل للاتجاهات السياسية الثقافية في البلاد" في المؤتمر، فضلا عن مشاركة رجال الأعمال والضباط المنشقين وقادة فصائل، وضباط سابقين "شريطة عدم تورطهم في القتل والفساد".

وفي السياق، رأى الباحث السياسي عباس شريفة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن على اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار "وضع معايير صارمة للترشيح إلى عضوية المؤتمر الوطني"، مضيفاً أنه يجب الحرص على تمثيل الشرائح والمكونات كافة، ووضع جدول أعمال يستوعب كل ما يلزم من استحقاق مسار الانتقال السياسي. وأعرب عن اعتقاده بأن اختيار أعضاء اللجنة التحضيرية وضع في الاعتبار "التنوع المناطقي والسياسي والديني" في البلاد.

المساهمون