استمع إلى الملخص
- استأنفت قطر جهود الوساطة بين رواندا والكونغو الديمقراطية بدعم من شركاء أفريقيين، مع زيارات دبلوماسية لتعزيز العلاقات الثنائية ومناقشة القضايا الإقليمية.
- تصاعد الصراع بعد اقتحام متمردي "23 مارس" مدينة غوما، مما دفع قطر للتدخل كوسيط بطلب من الطرفين وبدعوة من الاتحاد الأفريقي لتعزيز الحوار والاستقرار.
عقد في الدوحة اليوم الثلاثاء اجتماع ثلاثي، حضره أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس جمهورية رواندا بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي، في إطار جهود الوساطة التي تقوم بها الدوحة، لتهدئة الوضع في شرق الكونغو الديمقراطية.
وحسب بيان صدر في ختام الاجتماع ونشرته وزارة الخارجية القطرية على حسابها في منصة "إكس"، "رحب قادة الدول بالتقدم المحرز في عمليتي لواندا ونيروبي، وكذلك القمة المشتركة لمجموعة دول شرق أفريقيا ومجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية التي انعقدت في دار السلام بتنزانيا، في 8/شباط فبراير 2025". وأكد قادة الدول التزام جميع الأطراف بوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار كما هو متفق عليه في القمة المذكورة. واتفق قادة الدول على الحاجة لاستمرار المناقشات التي بدأت في الدوحة لبناء أسس متينة من أجل تحقيق السلام المستدام كما هو موضح في عمليتي لواندا ونيروبي، اللتين تم دمجهما.
وأعرب رئيس رواندا بول كاغامي، ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي، "عن شكرهما لدولة قطر وأمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على كرم الضيافة وعلى تنظيم هذا الاجتماع المثمر، الذي ساهم في بناء الثقة بين الدولتين والالتزام المشترك بمستقبل آمن ومستقر لجمهورية الكونغو الديمقراطية والمنطقة".
بيان مشترك بين دولة قطر وجمهورية رواندا وجمهورية الكونغو#الخارجية_القطرية pic.twitter.com/xeIgwssgut
— الخارجية القطرية (@MofaQatar_AR) March 18, 2025
وفي منشور على حسابه في منصة "إكس"، قال وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي: "تؤكد دولة قطر مجددا أن الحوار هو السبيل الأمثل لحل النزاعات بين الدول وتعزيز السلام والاستقرار، وتعبر عن تقديرها لرئيس جمهورية رواندا ورئيس جمهورية الكونو الديمقراطية، على اللقاء الودي الذي جرى في الدوحة اليوم آملين أن يستمر الحوار المباشر والنقاش البناء لتحقيق مستقبل مشرق للمنطقة".
إستئناف جهود الوساطة القطرية
وكشف "العربي الجديد " في شهر فبراير/ شباط الماضي عن استئناف دولة قطر لجهود الوساطة بين رواندا والكونغو الديمقراطية، مع دعمها جهود الشركاء الأفريقيين ومن ضمنهم أنغولا لتحقيق السلام بين البلدين.
وقام وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي، أواخر شهر يناير/كانون الثاني الماضي، بزيارتين متتابعتين إلى كل من الكونغو الديمقراطية ورواندا، بعد هجوم حركة "23 مارس" في شرق الكونغو الديمقراطية، في 26 يناير/كانون الثاني الماضي، والذي استولت خلاله على مدينة منجمية في إقليم جنوب كيفو، مستأنفة تقدمها نحو عاصمة الإقليم بوكافو. كما استولت الحركة على مدينة نيابيبوي المنجمية على بعد حوالي 100 كيلومتر من بوكافو و70 كيلومتراً من المطار الإقليمي.
كما استقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بالدوحة في فبراير/ شباط الماضي، رئيس رواندا بول كاغامي، بعد التطورات الأخيرة في الكونغو الديمقراطية، والهجوم الذي شنّته حركة 23 مارس المدعومة بالكامل من كيغالي على مدينة غوما شرقي الكونغو.
وذكرت وكالة الأنباء القطرية "قنا"، آنذاك أن أمير قطر استقبل كاغامي في الديوان الأميري بالدوحة، حيث جرى "بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين الصديقين في مختلف مجالات التعاون، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول أبرز القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك"، دون مزيد من التفاصيل.
وأجريت في الدوحة في يناير/كانون الثاني 2023، جولة مفاوضات، لم يعلن عنها رسمياً، بين مسؤولين من رواندا والكونغو، وبمشاركة مسؤولين من كينيا والاتحاد الأفريقي، بهدف العودة إلى الالتزام باتفاقية لواندا (التي وقعت بين البلدين عام 2022 بعد وساطة الرئيس الأنغولي جواو لورينسو)، إلا أنه تم تأجيل التوقيع على الاتفاقية، لعدم حضور الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي، وهو ما دفع الدوحة لإجراء مزيد من الاتصالات لردم الهوة بين الطرفين، والسعي مجدداً لتنظيم لقاء بين الرئيس الكونغولي ونظيره الرواندي في محاولة لتجاوز الخلافات من خلال الحوار.
ونصّت اتفاقية لواندا على وقف إطلاق النار في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وانسحاب متمرّدي حركة 23 مارس من "المناطق المحتلة، وفي حال رفض المتمرّدون الانسحاب، تعمد القوة المشتركة التي نشرتها مجموعة شرق أفريقيا في شرق الكونغو الديمقراطية إلى استخدام القوة لإرغامهم على الخضوع". لكن المتحدث السياسي باسم الحركة لورانس كانيوكا قال لوكالة فرانس برس، آنذاك، إن الحركة ليست معنية بالاتفاقية لأنها لم تشارك في الاجتماع. وشدّد على أن "الحركة أعلنت، في إبريل/نيسان (الماضي)، وقفاً لإطلاق النار من جانب واحد، وتعتبره سارياً". وأضاف: "نحن دوماً جاهزون لحوار مباشر مع الحكومة الكونغولية لحلّ الأسباب العميقة للنزاعات".
وقالت مصادر دبلوماسية لـ"العربي الجديد" في وقت سابق إن دخول قطر على خط الوساطة بين رواندا والكونغو الديمقراطية تم بطلب من الطرفين، وبدعوة من الاتحاد الأفريقي.
واقتحم متمردون من حركة 23 مارس المدعومة من رواندا، في يناير الماضي، مدينة غوما الأكبر في شرق الكونغو الديمقراطية، في أكبر تصعيد للصراع الدائر منذ أكثر من عقد، وقالت الأمم المتحدة إن جنوداً من رواندا يساندون المتمردين في قتالهم جيش الدولة والقوة الأممية لحفظ السلام الموجودة في غوما.
واتهمت الكونغو الديمقراطية رواندا بإرسال قوات عبر الحدود، بينما قالت رواندا إن القتال بالقرب من الحدود يهدد أمنها، من دون التعليق بشكل مباشر على ما إذا كانت هناك قوات تابعة لها في الكونغو الديمقراطية. وأصدر مجلس الأمن، في شهر يناير الماضي، بياناً طالب فيه قوات متمردي حركة 23 مارس بوقف الهجوم، ودعا إلى انسحاب "القوات الخارجية" من المنطقة على الفور.
وتوسطت دولة قطر في العديد من الأزمات الأفريقية، آخرها في تشاد، حيث رعت توقيع اتفاق سلام في أغسطس/آب 2022 بين الحكومة الانتقالية ونحو 54 حركة مسلحة، مهد لإجراء الحوار الوطني الشامل، الذي انتهى بالاتفاق على إجراء الانتخابات بعد فترة انتقالية جديدة، تم الاتفاق عليها بين مختلف الأطراف التشادية. كما سبق للدبلوماسية القطرية أن نجحت في نزع فتيل عدد من الأزمات، أبرزها الاتفاق بين جيبوتي وإريتريا، والصومال وكينيا، وقبل ذلك في دارفور بالسودان.