استمع إلى الملخص
- نعيم قاسم يحدد ثلاث قواعد للحوار حول الاستراتيجية الدفاعية: حماية سيادة لبنان، استثمار قوة المقاومة، ورفض إضعاف لبنان أمام إسرائيل، بينما يدعو الرئيس جوزاف عون للحلول الدبلوماسية.
- الجيش اللبناني ينتشر في الجنوب رغم العراقيل، ووفد عسكري أمريكي يثني على التزامه، فيما تواجه قوات اليونيفيل تحديات ميدانية.
بالتزامن مع تصعيد حزب الله اللبناني خطابه حول رفض نزع سلاحه، وتحديده ثوابت أساسية تحكم أي حوار حول الاستراتيجية الدفاعية، كثّف رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري بدوره مواقفه الإعلامية بشأن أولوية تنفيذ إسرائيل التزاماتها ووقفها النهائي لإطلاق النار وانسحابها من الأراضي اللبنانية.
ويشدّد بري في تصريحاته الصحافية الأخيرة، منها اليوم الجمعة، على أنّ لبنان نفّذ المطلوب منه، خصوصاً نشر الجيش اللبناني في الجنوب وانسحاب حزب الله منه، بعكس الإسرائيلي الذي ضاعف من اعتداءاته وغاراته، مؤكداً أننا "لن نسلّم السلاح الآن قبل تنفيذ الشروط المطلوبة من العدو"، لافتاً إلى أن "سلاحنا هو أوراقنا التي لن نتخلّى عنها بلا تطبيق فعليّ لاتفاق وقف النار والذهاب إلى حوار في مصيره".
في الإطار، يقول مصدر مقرّب من بري لـ"العربي الجديد"، إنّ "مواقف رئيس البرلمان واضحة ومعروفة من الأساس، فهو أكد مراراً أنّ لبنان التزم بالكامل تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في حين ارتكب الإسرائيلي أكثر من ألفي خرق، ما أدى إلى سقوط عددٍ كبير من الشهداء والجرحى إلى جانب التدمير المستمرّ للبنى التحتية والمنازل والقرى والبلدات، وعمليات الاستهداف التي ضربت أيضاً العمق اللبناني، ضمنه الضاحية الجنوبية لبيروت".
ويشير المصدر إلى أنّ "موضوع سلاح حزب الله هو على الطاولة وضمن النقاشات التي تجرى على مستوى الرئاسات الثلاث، لا سيّما بين الرئيسَين جوزاف عون ونبيه بري، وعلى مستوى الممثلين، وذلك تحضيراً للحوار الثنائي بين الحزب وعون، الذي، كما قال رئيس الجمهورية، يحتاج إلى ظروف معينة، ولا يمكن معالجة الموضوع بالضغوطات التي تحصل ومنها داخلية أو حصره بفترة زمنية"، ويشدّد المصدر على أنّه "بعيداً من المواقف السياسية التي تخرج من هنا وهناك، فإنّ موقف لبنان الرسمي واضح بشأن أولوية انسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي تحتلها، ووقف اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية".
وفي كلمته الأخيرة الأسبوع الماضي، قال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم إنّ "هناك ثلاث قواعد أساسية لا بدّ أن تكون حاكمة في أي حوار وفي أي نتيجة وهي؛ أولاً حماية سيادة لبنان وتحرير أرضه، وإيقاف كل أشكال العدوان الإسرائيلي عليه، وثانياً استثمار قوة المقاومة وسلاح المقاومة ضمن استراتيجية دفاعية تُحقّق التحرير والحماية، وثالثاً رفض أي خطوة فيها إضعاف للبنان أو تؤدي إلى استسلامه للعدو الإسرائيلي".
وضمن مواقف له اليوم الجمعة، جدّد الرئيس اللبناني جوزاف عون التشديد على الحل الدبلوماسي "فاللبنانيون ملّوا الحروب"، وفق تعبيره، مشيراً إلى أنّ "العمل الدبلوماسي قد لا يعطي نتيجته سريعاً لكننا نعمل يومياً مع الجهات الدولية بعيداً من الإعلام لتحقيق الغاية المطلوبة".
ميدانياً، يقول مصدر في الجيش اللبناني لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجيش اللبناني يواصل انتشاره في الجنوب، ويقوم بالمهام المطلوبة منه في إطار ترتيبات وقف إطلاق النار، والعراقيل الوحيدة التي تحول دون إتمامه كل التزاماته هو استمرار الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات اليومية التي يقوم بها".
ويشير المصدر إلى أنّ "وفداً عسكرياً أميركياً قام أمس الخميس بجولة في جنوب الليطاني، واطّلع على المهام التي يقوم بها الجيش، والأماكن التي داهمها، وكان التقييم أكثر من إيجابي ويظهر مدى جدية لبنان والتزام الجيش بدوره". ولفت إلى أن "هناك جولات أخرى ستكون للوفد وكذلك لدوريات اليونيفيل في إطار مهام اللجنة المكلفة بمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار للاطلاع على الوضع الميداني جنوباً، وسيكون هناك جولات على المواقع التي تسلَّمها الجيش اللبناني، وتلك التي يفكّكها وهي تابعة لحزب الله، ما سيؤكد أكثر للعالم مدى التزام لبنان بتعهّداته، بعكس العدو الإسرائيلي، ويدحض أيضاً كل مزاعمه".
من جهتها، قالت نائبة الناطق الرسمي باسم قوات اليونيفيل، كانديس آرديل، إن جنود حفظ سلام كانوا يقومون بدورية دعماً للقرار 1701، صباح اليوم الجمعة، بالقرب من طير دبا جنوبي لبنان وتعرضت دوريتهم للاعتراض مرتين من أشخاص بملابس مدنية. وأضافت: "سلك جنود حفظ السلام طريقاً بديلاً وتمت ملاحقتهم لبعض الوقت، لكنهم تمكنوا من مواصلة دوريتهم المخطط لها. وقد أبلغنا الجيش اللبناني بالحادثة". وتابعت آرديل: "إننا نُذكّر الجميع بأن قوات حفظ السلام تعمل، بالتنسيق الوثيق مع الجيش اللبناني، لدعم الحكومة اللبنانية في تنفيذ القرار 1701 في هذه المرحلة الحساسة. وأي محاولة للتدخل في أداء قوات حفظ السلام لواجباتها تتعارض مع التزام لبنان بالقرار 1701".
خبير عسكري: الحلّ حول سلاح حزب الله لا يكون إلّا بالحوار
من جانبه، يعتبر الخبير العسكري اللبناني العميد علي أبي رعد في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "الحل حول سلاح حزب الله لا يكون إلّا بحوار جدّي وواقعي بين حزب الله ورئاسة الجمهورية، وأعتقد أن الأمور سائرة بالطريق السليم، ولا يكون بالضغط الإعلامي والسياسي الداخلي، وبالنزع ولو بالقوة، كما صدر من مواقف عن حزب القوات اللبنانية (يرأسه سمير جعجع)، ما من شأنه أن يجرّ البلد إلى الخراب، وله محاذير كبيرة، لن تؤدي إلى حرب أهلية فحسب بل إلى كارثة على لبنان".
ويشير أبي رعد إلى أنّ "مواقف الرئيس عون تُرفع لها القبعة خصوصاً لناحية تأكيده أن موضوع تسليم السلاح هو داخلي ويُدرس بالحوار، ويجب معالجة أي موضوع خلافي داخلي بروية ومسؤولية وبالتواصل مع المعنيين بعيداً من لغة الاستفزاز، فالأمر حساس ودقيق وأساسي للحفاظ على السلم الأهلي"، مشدداً على أنّ "أي موضوع خلافي في الداخل اللبناني لا يقارب إلّا بالتحاور والتواصل وبالمنطق التصالحي وليس التصادمي وإلا سنأخذ لبنان إلى الخراب".
ويضيف أبي رعد أن "عون كان واضحاً بقوله لا أحد يتحدث إليّ عن توقيت ولا عن ضغوطات، فحصر السلاح تحدثنا عنه في خطاب القسم، وسننفذه وقد اتُّخذ القرار بشأنه، لكن علينا أن ننتظر الظروف المناسبة لذلك، والظروف هي الكفيلة بتحديد كيفية التنفيذ، من دون أن ننسى أنه كان قائداً للجيش ويعرف الوضع بأدق التفاصيل، وأنّ أي انقسام داخلي سيودي بالبلد إلى الهلاك، ويعلم كيف يمكن الاستفادة من سلاح حزب الله لدعم الجيش اللبناني، لكن يبقى الطريقة وكيفية التنفيذ التي تكون بحوار وهدوء وليس بالضغط الإعلامي والسياسي والحزبي".
ويلفت أبي رعد إلى أن "التصعيد الإسرائيلي خطير، وهو يتزامن أيضاً مع رهان على ممارسة الضغط ليس العسكري فحسب بل الشعبي والسياسي والجماهيري على حزب الله لنزع سلاحه"، معتبراً أنّ "الاستهداف الأخير لقيادي في الجماعة الإسلامية، وإن لا دلالات عسكرية له، إلا أنه يجب التوقف عنده لناحية الموقع الذي نفذ فيه، وهو العمقُ اللبناني وفي منطقة جبل لبنان التي تستهدف للمرة الأولى منذ وقف إطلاق النار".
ويردف: "كما يرتبط بإصرار إسرائيل على موضوع حرية العمل التي تدّعيها والتأثير على الجو العام، ولتعقيد المشهد الداخلي، وعلى التفاؤل الذي يتحدث به عون وإيجابية حزب الله، وما يرد على لسان قيادة الجيش بالدور الكبير الذي تقوم به الوحدات المنتشرة جنوباً، والإشارة إلى أن العرقلة لمهامها مرتبطة باستمرار الاعتداءات الإسرائيلية والاحتلال، عدا عن محاولة إسرائيل المستمرة خصوصاً عبر الاغتيالات لاستجلاب ردّ من حزب الله أو غيره لعودة الحرب، ما من شأنه أن يريحها من الضغوطات في الداخل الإسرائيلي".
ويعتبر أبي رعد أن المنطقة مقبلة على فترة من عدم اليقين، وتوجد فرص دبلوماسية تتعايش مع بعضها، لكنّها محدودة مع مخاطر تصعيد عسكري مرتفعة في نقاط متعددة بمنطقة الشرق الأوسط، والرهان سيكون على قدرة الأطراف على إدارة التوترات"، لافتاً إلى أن نتائج المفاوضات سواء على الصعيد الفلسطيني أو الأميركي الإيراني وحجم التدخلات الخارجية ستكون عوامل حاسمة في تحديد مسار المشهد الإقليمي بالمدى المنظور أقله.
على صعيدٍ آخر، تسلّم الرئيس اللبناني جوزاف عون، اليوم الجمعة، رسالة خطية من الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد نقلها إليه وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقي أحمد فكاك البدراني، تضمنت دعوة رسمية لحضور أعمال مؤتمر القمة العربية، بدورته العادية الرابعة والثلاثين، ومؤتمر القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، في دورته الخامسة، اللذَين تستضيفهما بغداد (دار السلام)، يوم السبت، الموافق في 17 مايو/أيار المقبل.