مخرجات القمة العربية... عقبات في طريق التنفيذ

يوسف أبو وطفة

avata
يوسف أبو وطفة
06 مارس 2025
قمة القاهرة: آمال وتحديات إعادة إعمار غزة دون تهجير
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مخرجات القمة العربية بشأن غزة: اعتمدت القمة العربية في مصر الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، لكنها لم تلقَ ترحيباً من الولايات المتحدة أو إسرائيل، بينما رحبت بها حركتا حماس والجهاد الإسلامي مع التحفظ على بعض البنود.

- التحديات أمام تنفيذ الخطة: يشير أحمد الطناني إلى أن التحدي يكمن في تنفيذ الخطة بشكل ملموس، مع غياب دعم عربي واضح، مما يتطلب دعماً سعودياً وتوافقاً عربياً لمواجهة المخططات الإسرائيلية.

- الموقف الفلسطيني والتحديات الداخلية: سعى الرئيس محمود عباس لتحقيق توازن بين المتطلبات العربية والأميركية، مع التركيز على المصالحة الداخلية لحركة فتح، بينما تسعى السلطة الفلسطينية لتحسين موقعها السياسي.

لم تحمل القمة العربية التي عقدت في مصر، أول من أمس الثلاثاء، مفاجآت جديدة متعلقة بالملف الفلسطيني عموماً وقطاع غزة الذي يعاني من وضع استثنائي، لا سيما مع اعتماد الخطة المصرية المتعلقة بإعادة إعمار غزة. وعلى الرغم من الاتفاق العربي المسبق في اجتماع استضافته مدينة جدة قبل أيام بشأن ملامح التعامل مع خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير غزة، وتوفير خطة بديلة تمنع تهجير الفلسطينيين، إلا أن هذه الخطة لم تلق ترحيباً أميركياً أو إسرائيلياً.

ومنذ اللحظة الأولى للإعلان عن الخطة، سارعت الخارجية الإسرائيلية لإصدار بيان رأت فيه أن الخطة لم تحمل أي جديد ولا تلبي طموحاتها، وتعيد إنتاج ما وصفته بـ"الإرهاب" عبر جسمي السلطة ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". ويبدو الموقف الإسرائيلي متشدداً حتى في التعامل مع السلطة الفلسطينية في ظل رفضه بقاء حركة حماس في إدارة القطاع، على الرغم من إعلانات الرئيس محمود عباس عن سلسلة من القرارات التي يمكن وصفها بأنها مفاجآت القمة. وتمثّلت القرارات التي أعلن عباس عنها في القمة العربية في عزمه تعيين نائب للرئيس على صعيد السلطة ونائب لرئيس منظمة التحرير، وهما منصبان يبدوان مستحدثين في ظل تسريبات عدة عن ضغوط تعرض لها عباس في الفترة الأخيرة، فيما كان قرار التصالح مع "المفصولين" من حركة فتح هو الأبرز في ظل أزمات عدة عصفت بها خلال السنوات الأخيرة.

أحمد الطناني: التحدي الحقيقي يكمن بترجمة مخرجات القمة لخطوات تنفيذية ملموسة

أما الإدارة الأميركية فلم تنتظر كثيراً للتعليق على مخرجات القمة العربية إذ أعلن البيت الأبيض رفضه الخطة العربية التي طرحت لإدارة غزة. وذكر مجلس الأمن القومي الأميركي، في بيان، أن "الخطة العربية التي نشرت لا تعالج الوضع الحالي القائم بأن غزة غير صالحة للسكن حالياً، وأن سكانها لا يستطيعون العيش بكرامة في منطقة مغطاة بالذخائر غير المنفجرة والركام".

ترحيب "حماس" و"الجهاد" بمخرجات القمة العربية

في المقابل رحبت فصائل فلسطينية، من ضمنها حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي بالخطة المصرية ومخرجات القمة العربية التي وصفت من قبل التنظيمين بـ"الجيدة"، مع التحفظ على بنود تتمثل في نشر قوات سلام دولية.
وعن ذلك، يقول مدير مركز عروبة للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، أحمد الطناني، إن مخرجات القمة العربية الأخيرة تبدو جيدة من حيث الصياغات، خصوصاً في ما يتعلق بخطة إعادة الإعمار، إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في ترجمتها إلى خطوات تنفيذية ملموسة، وهو ما يحتاجه الشعب الفلسطيني بشكل عاجل وضروري. ويضيف الطناني، لـ"العربي الجديد"، أن غياب عدد من القادة الرئيسيين عن القمة العربية والذين تلعب دولهم دوراً محورياً في الملف الفلسطيني، يفتح تساؤلات حول مدى الدعم العربي الفعلي للخطة المقترحة، خصوصاً مع عدم حضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس الجزائر عبد المجيد تبون. ويعتبر أن هذا الغياب يعكس أحد احتمالين؛ إما أن التحضيرات الأولية للقمة لم تنجح في تأمين الحد الأدنى من التوافق العربي حول المخرجات، أو أن القضية الفلسطينية لم تعد تحظى بالمكانة المطلوبة في سلم الأولويات الإقليمية لهذه الدول.

وبحسب مدير مركز عروبة، فإن هذا المعطى يُضعف قدرة الدول العربية على تقديم مخرجات القمة باعتبارها رؤية عربية موحدة لمواجهة المخططات الإسرائيلية، التي لا تستهدف القضية الفلسطينية فقط، بل تسعى لإعادة ترتيب المشهد الاستراتيجي في الشرق الأوسط، بما يكرس هيمنة الاحتلال بدون أي قدرة على المواجهة.

تحقيق التسوية يستلزم دعماً سعودياً لمخرجات القمة

ويعتبر الطناني أن مفتاح النجاح يكمن في تبني الدول العربية لهذه الرؤية ووضعها على طاولة الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب، بحيث تصبح أساس أي تسوية أو "صفقة" مستقبلية في المنطقة، لا سيما أن تحقيق ذلك يستلزم دعماً سعودياً واضحاً وقوياً لمخرجات القمة، بما يضمن تماسك الموقف العربي أمام الضغوط الدولية. ويلفت إلى أن مواقف الإدارة الأميركية وإسرائيل من القمة عكست بوضوح حجم عدم الجدية التي تتعامل بها هذه الأطراف مع الجامعة العربية، وهو ما يعود إلى نقاط الضعف التي ظهرت خلال القمة، ومن بينها التأجيل المتكرر لها وعدم وجود توافق حقيقي حول القضايا الجوهرية.

ساري عرابي: حماس رحبت بالخطة المصرية لأنها لا تتطرق إلى سلاح المقاومة بشكل مباشر

وفيما يخص الموقف الفلسطيني، يعتقد الطناني أن عباس سعى في كلمته إلى تحقيق توازن بين المتطلبات العربية والأميركية عبر تقديم تصور لـ"سلطة متجددة"، لكنه في الوقت ذاته ركز على المصالحة الفتحاوية الداخلية، متجنباً استحقاقات المصالحة الوطنية الفلسطينية الشاملة، وتنفيذ التفاهمات التي تم التوصل إليها في العاصمة الصينية بكين قبل أكثر من عام.

لا تطرق لسلاح المقاومة بشكل مباشر

إلى ذلك، يقول الكاتب والباحث في الشأن السياسي ساري عرابي، إن حركة حماس رحبت بالخطة المصرية لعدة أسباب، أبرزها أنها لا تتطرق إلى سلاح المقاومة بشكل مباشر، بل تتضمن بعض البنود التي، على الرغم من أنها تمهد لمسار جديد للتسوية، فإنها في الوقت نفسه تشرعن سلاح المقاومة. ويشير عرابي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الخطة تتحدث عن تشكيل لجنة إسناد مجتمعي لإدارة قطاع غزة، وهو ما يتوافق مع رؤية "حماس"، التي أبدت موافقتها على مثل هذه اللجنة، في حين رفضتها حركة فتح. ويضيف أن الخطة تأتي في سياق واقع عربي ضعيف وغير قادر على مواجهة الضغوط الإسرائيلية والأميركية، خصوصاً مع ما يثار حول مخططات التهجير القسري لأهالي قطاع غزة، مع الإشارة إلى أن الحديث الأميركي عن التهجير يبدو أقرب إلى أسلوب ابتزاز سياسي، وليس جزءاً من رؤية حقيقية تهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه.

في المقابل، يرى عرابي أن الاحتلال الإسرائيلي لن يتجاوب سريعاً مع أي خطة، والدليل على ذلك هو تنصّله حتى الآن من تنفيذ التزاماته الأساسية في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، عدا عن عدم الدخول في مفاوضات جادة بشأن المرحلة الثانية. ويؤكد أن نجاح أي خطة عربية، مهما كانت محكمة الصياغة من الناحية الفنية والتقنية، يبقى مرهوناً بوجود إرادة عربية حقيقية تضغط على الاحتلال الإسرائيلي، فالدول العربية التي تربطها علاقات دبلوماسية مع الاحتلال، مثل مصر والأردن، تملك أوراق ضغط مهمة، لكن غياب هذه الإرادة يجعل أي خطة عرضة للتعطيل والمساومات. ويضيف أن أي محاولة لإدارة قطاع غزة مستقبلاً تتطلب أيضاً انفتاحاً عربياً على حركة حماس، إذ لا يعقل أن تبقى العلاقة معها مقتصرة على عدد محدود من الدول العربية، وتُدار فقط عبر القنوات الأمنية.

أما في ما يتعلق بقرارات الرئيس الفلسطيني الأخيرة، فيعتقد عرابي أنها "تعكس إدراك السلطة للتحولات الجارية، لا سيما في ظل الانفتاح الدولي على حماس، ووجود تيارات داخل فتح تمتلك نفوذاً قوياً، خاصة في قطاع غزة". ويوضح أن السلطة الفلسطينية تسعى لتحسين موقعها السياسي بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، وهذا يتطلب تجاوباً أكبر مع بعض الاشتراطات الإقليمية والدولية، لا سيما أن هناك مطالب عربية قديمة بضرورة تعيين نائب لرئيس السلطة وإعادة هيكلة مؤسساتها شرطا أساسيا لتقديم دعم عربي حقيقي لها، وهو ما حاولت السلطة التهرب منه لفترة طويلة، لكنها تجد نفسها اليوم مضطرة لمسايرته، على الأقل على المدى القصير، ضمن إطار المناورة السياسية. ويشير عرابي إلى أن السلطة تدرك أيضاً أن أي محاولة لاستعادة نفوذها في قطاع غزة تتطلب ترتيباً داخلياً، سواء عبر تفاهمات مع حركة حماس أو، على الأقل، مع تيار محمد دحلان، الذي يتمتع بنفوذ واضح داخل القطاع.

ذات صلة

الصورة
حرب غزة | فلسطينيون يودعون شهداء عيادة أونروا في جباليا، 2 إبريل 2025 (أحمد العريني/الأناضول)

سياسة

سقط تسعة عشر شهيداً، بينهم تسعة أطفال، جراء استهداف الاحتلال عيادة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في مخيم جباليا، شماليّ قطاع غزة.
الصورة
الوشق الصحراوي (Getty)

منوعات

رغم كل التحصينات على الحدود المصرية، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بتسلل حيوان الوشق من مصر إلى صحراء النقب، مهاجماً جنود الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة
أزمة العطش في غزة مستمرة، 23 يونيو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

قال مركز حقوقي فلسطيني إن إسرائيل تستخدم "التعطيش" سلاحا لتحويل قطاع غزة إلى مكان غير قابل للحياة، وحذر من "كارثة إنسانية غير مسبوقة" تهدد حياة الفلسطينيين
الصورة
مسيرة برام الله توجه رسالة للقمة العربية 4 مارس 2025 (العربي الجديد)

سياسة

طالب عشرات الفلسطينيين بمسيرة في رام الله، اليوم الثلاثاء، القمة العربية المنعقدة في القاهرة باتخاذ قرارات على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها
المساهمون