استمع إلى الملخص
- تربية الحيوانات المفترسة في العراق تُعتبر رمزاً للترف، مدعومة بمقاطع الفيديو على مواقع التواصل، رغم تحذيرات السلطات من خطورتها ومخالفتها للقانون.
- القانون العراقي يعاقب على تربية الحيوانات المفترسة بعقوبات تشمل الحبس والغرامة، ويؤكد الخبراء على ضرورة مصادرتها واعتقال مقتنيها ومنع استيرادها.
لقي رجل مصرعه بمدينة الكوفة، جنوبي العراق، اليوم الخميس، جراء مُهاجمة أسد كان يُربيه بحديقة منزله. وأعلنت السلطات الطبية بمحافظة النجف وفاة الرجل إثر الهجوم الذي وقع فجراً خلال محاولته إطعامه. ورغم أن الحادث ليس الأول من نوعه في العراق، إلا أنه أعاد الجدل حول خطورة تربية الحيوانات المفترسة في المنازل، مثل الأسود والنمور والذئاب، والتي باتت تنتشر أخيراً بوصفها مظهراً من مظاهر الترف أو التباهي الاجتماعي.
ووفقاً لمصادر أمنية بجهاز الشرطة العراقي، فإنّ مواطناً من أهالي مدينة الكوفة في ضواحي محافظة النجف، لقي حتفه بعد مهاجمته من قبل أسد يمتلكه ويربيه بحديقة منزله. من جهتها، نقلت تقارير صحافية عراقية عن جهاز الشرطة أن الأسد أطبق فكيه على رأس الضحية عندما هاجمه فجراً بحديقة المنزل حيث كان يربيه هناك، وبعد تعالي صيحات من أفراد أسرته، هرع جاره ليقتل الأسد بسلاح كلاشنكوف، غير أن الوقت تأخر حيث تعرض الضحية لعضات في الرأس والرقبة، انتهت بإعلان وفاته في المستشفى. وأعلن لاحقاً في المستشفى الرسمي الحكومي وفاة الرجل، وهو في العقد السادس من العمر، بسبب هجوم الأسد، الذي كان قد اشتراه قبل مدة ووضعه في قفص بحديقة المنزل حيث يطعمه.
الحادثة أثارت جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، وطالب نشطاء السلطات الأمنية بالتدخل لمنع اقتناء الحيوانات المفترسة أو تربيتها بالأحياء السكنية والمنازل. وتعدّ هذه ثاني حادثة من نوعها، بعد وفاة عراقي من البصرة بهجوم مماثل من حيوان مفترس، بينما سجّلت أربيل حادثة وفاة أخرى لعراقي كان يربي أفعى ضخمة بعد تعرضه للدغة منها.
واتسعت ظاهرة تربية الحيوانات المفترسة خلال السنوات الأخيرة في المجتمع العراقي بوصفها واحدة من علامات الترف أو التباهي التي تتسق مع هوس النشر على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل أصحابها. وسبق أن حذّرت السلطات العراقية الأمنية في بيانات سابقة من خطورة امتلاك هذا النوع من الحيوانات بعد فرار أسد في حي اليرموك، وسط بغداد، العام الماضي، من منزل صاحبه، وتسببه بموجة ذعر بين الأهالي.
وجاء في بيان سابق لقيادة عمليات بغداد الأمنية أنه "انطلاقا من المسؤولية الوطنية وحفاظاً على سلامة المواطنين من مخاطر اقتناء الحيوانات المفترسة والتجول بها في الشوارع والأماكن العامة، تدعو قيادة شرطة محافظة بغداد المواطنين إلى التعاون والتبليغ عن هذه الحالات، حيث تم رصد بعض الفيديوهات حول وجود هذه الحيوانات المفترسة كالأسود والنمور ببعض المناطق العامة في الآونة الأخيرة، ما يضع حياة المواطنين في خطر، وربما يتعرض من يقتنيها إلى الخطر ذاته".
وأضاف البيان أن "القيادة تود أن تشير إلى أن هذا الفعل مخالف للقانون ويعرض صاحبه للمساءلة القانونية"، داعية المواطنين إلى التبليغ عن "هذه الحالات عبر الاتصال على الخط الساخن والمجاني"، غير أن الظاهرة لم تتوقف، خاصة بالنسبة للأشخاص المدعومين من فصائل مسلحة وأحزاب نافذة أو لديهم نفوذ قبلي وعشائري.
وفي السياق، يقول الناشط المدني غيث كمال إن "ظاهرة تربية الحيوانات المفترسة باتت واحدة من علامات الترف والثراء والقوة عند الكثيرين"، مضيفا أن "السؤال المطروح يتعلق بكيفية دخولها إلى العراق وطريقة شحنها وبيعها، وصولا إلى من يقتنيها بمنزله وبين أفراد أسرته، ويعرضهم والجيران لخطر كبير". ووصف المتحدث مواقع التواصل وخاصة "تيك توك" بأنها ساهمت في تصاعد الظاهرة بسبب تصدر هذه المقاطع الترند واتخاذ هذا النوع من الحيوانات وسيلة للتباهي أو التحدي، داعياً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى "ضرورة تحرك قوات الأمن ومصادرة هذه الحيوانات بالقوة من أصحابها".
من جهته، يؤكد الخبير القانوني علي التميمي أن تربية الحيوانات المفترسة مخالفة للقانون وتوجب العقوبة لصاحبها. ويقول التميمي في تصريحات صحافية، إن "القانون رقم 17 لسنة 2010 يعاقب في المادة التاسعة منه بالحبس 3 سنوات مع غرامة 3 ملايين دينار كل من يقتني حيواناً مفترساً ويتركه يتجول في الشوارع والأماكن العامة". ويتابع التميمي أنه "وفقاً للقانون، يجب مصادرة الحيوان واعتقال مقتنيه وكذلك منع استيراده إذا كان يشكل خطرا على السكان".