العراق: غرامات كبيرة لمنع التجاوز على الحصص المائية بالأنهر

14 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 16:00 (توقيت القدس)
تفاقم معدلات الجفاف في العراق، 4 يونيو 2025 (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه العراق أزمة مياه حادة بسبب شح الأمطار وتناقص الحصص المائية من دول الجوار، مما أدى إلى انخفاض المخزون المائي. اتخذت الحكومة إجراءات لردع التجاوزات على الحصص المائية، مثل رفع دعاوى قضائية وفرض غرامات.

- تعاني مشاريع تصفية المياه من التعطل بسبب نقص المياه، وتواجه تحديات في التعامل مع المتجاوزين. هناك دعوات لتوفير تقنيات السقي الحديثة للمزارعين بأسعار مخفضة لتقليل استهلاك المياه.

- حذر المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان من كارثة وشيكة، داعياً إلى إعلان حالة تأهب إنساني ووضع استراتيجية وطنية شاملة، وحث المجتمع الدولي على مساندة العراق.

بدأ العراق تطبيق إجراءات مشددة لردع التجاوزات على الحصص المائية في الأنهر، في خطوة تهدف إلى التخفيف من أزمة المياه غير المسبوقة التي تواجهها البلاد، فيما دعا مركز حقوقي إلى "حالة تأهب" شاملة لمعالجة الجفاف، حيث يعاني العراق أسوأ موجة جفاف في تاريخه، نتيجة خمسة مواسم متتالية من شح مائي كبير، بسبب تدني هطل الأمطار والثلوج، والتناقص الكبير بكميات الحصص المائية الواردة من دول الجوار، ما سبَّب تناقص خزينه المائي إلى معدلات خطيرة ومقلقة.  

وتحاول الجهات المسؤول ضمان أقل نسب للمياه في الأنهر، لأجل إمكانية تشغيل مشاريع تصفية المياه الصالحة للشرب التي تعطل معظمها. ووفقاً لمدير الهيئة العامة لتشغيل مشاريع الري والبزل في وزارة الموارد المائية في البلاد، أحمد كاظم عبد الله، فإن "التجاوزات المرصودة من قبل ملاكات الهيئة المختصة ببغداد والمحافظات على الحصص المائية للأنهر خلال العام الحالي تجاوزت الـ10 آلاف تجاوزاً"، مبيناً في تصريح لصحيفة الصباح الحكومية الرسمية، اليوم الأحد، أن "التجاوزات تضمنت نصب مضخات مائية على أحواض الأنهر، وإنشاء بحيرات أسماك، وفتح منافذ فيها، وهي جميعاً غير نظامية". وأضاف أنه "جرى رفع دعاوى قضائية بحق المتجاوزين، وستفرض عليهم غرامات مالية"، مؤكداً أن "المخالف ستفرض عليه غرامة مالية تصل الى 10 ملايين دينار عراقي (نحو 7 آلاف دولار)".

وأكد أنه "تم في السياق ذاته تشكيل لجان في كل قضاء وناحية لمتابعة أعمال التجاوز ومحاسبة المخالفين، وأخذ تعهدات منهم"، مشيراً إلى أن "ملاكات الهيئة تواجه صعوبات بالتعامل مع المتجاوزين، سواء من عناصر خارجة عن القانون أو من المتنفذين وحمايتهم، ضمن محافظات صلاح الدين ولا سيما في الإسحاقي، وواسط، وميسان، ولا سيما جنوبها وقلعة صالح والعزير، وما يسببه ذلك من قلة كميات الحصص المائية الواصلة إلى محافظة البصرة". وأشار إلى "أهمية معالجة التجاوزات من قبل أصحاب مشاريع الأسماك"، مبيناً أن "معالجة تلك التجاوزات تتم من خلال استيراد الأسماك من الخارج، وتحجيم تجارة الأسماك المحلية التي وصلت أثمانها إلى أسعار باهظة، إضافة إلى تحويل الأنهار والجداول من نظام الري المفتوح إلى المغلق في محافظة النجف، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)".

وكثيراً ما سبَّب نظام المراشنة (الحصص المائية) مشكلات واعتداءات بين الفلاحين. ويؤكد عضو نقابة الفلاحين العراقيين في محافظة كركوك، علي العبيدي، ضرورة توفير تقنيات السقي الحديثة للمزارعين وتقديمها لهم بأسعار مخفضة أو بالتقسيط ليتمكنوا من الحصول عليها، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "المعالجات التي تتحدث عنها الوزارة غير مجدية، كما أنها تتسبب بمشاكل واعتداءات بين المزارعين، لذا يجب أن تعمل الوزارة على توفير بدائل". وأشار الى أن "هناك إهمالاً حكومياً بدعم وتوفير تقنيات السقي الحديثة، التي لا تستهلك كميات كبيرة من الماء كما في الطرق التقليدية. هناك إهمال حكومي لهذا الجانب، وهذا يؤثر سلباً على الزراعة وعلى معيشة المزارعين". وأشار الى أن "عدم توفير البدائل يعني قتل الزراعة، وعلى الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها في هذا الجانب".  

من جهته، حذر المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، وهو مركز مستقل، من "كارثة وشيكة نتيجة تفاقم أزمة المياه، من دون معالجات". وقال المركز، في بيان له، اليوم الأحد: "يجب على الحكومة العراقية ومجلس النواب والجهات المعنية إعلان حالة تأهب إنساني عاجلة، ووضع استراتيجية وطنية شاملة لمعالجة آثار الجفاف، ومواجهة المخاطر المتوقعة، مع ضمان الشفافية، والمشاركة المجتمعية، وإشراك منظمات المجتمع المدني والجهات الحقوقية في مراقبة الأداء وتنفيذ المعالجات". كما دعا المجتمع الدولي إلى "مساندة العراق في مواجهة تداعيات التغير المناخي"، وحثّ الدول المتشاطئة على "احترام الحصص المائية للعراق، وفق القوانين الدولية، حمايةً للسلم الأهلي وحقوق ملايين العراقيين المهددين بالعطش والنزوح القسري"، معتبراً أن "التقاعس في هذا الملف يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، ويستدعي وقفة وطنية وإنسانية عاجلة".

وكانت وزارة الزراعة العراقية قد أقرت أخيراً دخول البلاد مرحلة ندرة المياه بعد سنوات من المعاناة من الشحّ المائي، محذّرة من أن هذا التحول الخطير "سيؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي". وأوضحت أن تراجع المخزون المائي إلى مستويات غير مسبوقة، بالتزامن مع استمرار سنوات الجفاف وانخفاض الإطلاقات المائية من دول المنبع، يفرض واقعاً زراعياً صعباً.

المساهمون