استمع إلى الملخص
- كشفت الدراسة التي شملت 25 ألف زوج وزوجة من 27 دولة أوروبية أن الأدوار الأسرية التقليدية تساهم في عدم التكافؤ، حيث يلعب العامل الاقتصادي دورًا في تعقيد قرار الانفصال، خاصة عند اعتماد النساء ماليًا على أزواجهن.
- عالميًا، تباينت معدلات الطلاق بين الدول، حيث سجلت جزر المالديف أعلى معدل وسريلانكا أدنى معدل، بينما سجلت الإمارات معدلات مرتفعة في العالم العربي، مما يعكس الفروقات الثقافية والاجتماعية.
أظهرت دراسة طويلة امتدت نحو 18 عاماً أن الأزواج الذين تراوح أعمارهم بين 50 و64 عاماً هم الأكثر عرضة للانفصال، خصوصاً عندما تعاني الزوجة مشكلات صحية مقابل تمتع الزوج بصحة جيدة، ففي هذه الحالة زاد احتمال الطلاق بنسبة تصل إلى 60% مقارنة بالأزواج الأصحاء. في المقابل لم تُسجل زيادة مماثلة في معدلات الطلاق عندما تدهورت صحة الزوج ما يشير إلى تأثير عوامل اجتماعية وثقافية على هذه الديناميكية.
وبحسب الباحث في جامعة فلورنسا، جياماركو ألديروتي الذي شارك في الدراسة التي شملت أكثر من 25 ألف زوج وزوجة من 27 دولة أوروبية، عكست النتائج الصعوبات التي يواجهها الرجال في تولي دور مقدم الرعاية عند مرض الزوجة. واستنتجت الدراسة التي نشرتها مجلة الزواج والأسرة في فبراير/ شباط الماضي، أن التصورات التقليدية الخاصة بكون الرجل هو معيل الأسرة والمرأة ربّة المنزل خلقت علاقات غير متكافئة داخل الأسرة.
واعتبر ألديروتي أن العامل الاقتصادي قد يلعب دوراً في معادلة اعتماد العديد من النساء على أزواجهن مالياً، ما يجعل قرار الانفصال أكثر تعقيداً في حالة تدهور صحة الزوج.
وكشف تحليل تأثير الإعاقات الجسدية على نسبة الطلاق أن الزوجة التي تواجه صعوبة في تنفيذ المهمات اليومية تكون أكثر عرضة لإنهاء زواجها مقارنة بغيرها، أما تدني نسبة تأثير تدهور صحة الزوج على معدلات الطلاق فعكس استمرار الأدوار التقليدية في تشكيل طبيعة العلاقات.
وأما ما يخص الاكتئاب فأظهرت النتائج أن معاناة الزوجة من الاكتئاب زاد احتمال الطلاق، بينما لم يُلاحظ التأثير نفسه لدى إصابة الزوج بالاكتئاب، لكن الاتجاهات تغيّرت قليلاً لدى الأزواج الذين تجاوزت أعمارهم 65 عاماً، إذ كان الاكتئاب مؤشراً أقوى للطلاق مقارنة بالإعاقة الجسدية، بعكس الأزواج الذين راوحت أعمارهم بين 50 و65 عاماً، حيث كانت الإعاقة الجسدية العامل الأكثر تأثيراً.
وعموماً، سجلت إنكلترا وويلز أدنى معدل طلاق منذ نصف قرن، حيث بلغ عدد حالات الطلاق 80.057 عام 2022، بانخفاض 29.5% مقارنة بعام 2021، كما ساهمت الإصلاحات القانونية، مثل تطبيق قوانين الطلاق من دون خطأ في عام 2022، في تبسيط إجراءات الانفصال وخفض عدد الحالات.
وعالمياً تشير بيانات أصدرتها الأمم المتحدة عام 2020 إلى أن جزر المالديف سجلت أعلى معدل طلاق في العالم، بمعدل 5.52 حالة لكل 1000 نسمة، وتلتها كازاخستان (4.6) وروسيا (3.9) وبلجيكا (3.7). في المقابل، سجلت سريلانكا أدنى معدل طلاق عالمياً بمعدل 0.15 حالة لكل 1000 نسمة.
وفي العالم العربي، تباينت معدلات الطلاق بشكل ملحوظ، ففي مصر بلغ المعدل 2.4 حالة لكل 1000 نسمة، بينما سجلت السعودية 2.1 حالة، واعتبرت الإمارات من بين الدول ذات المعدلات المرتفعة مقارنة بجيرانها في مجلس التعاون الخليجي.
وأظهرت هذه البيانات تبايناً واضحاً في معدلات الطلاق بين الدول، ما يعكس الفروقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بين المجتمعات. وأكدت الدراسة الأوروبية تحديداً أن أنماط الحياة التقليدية والعوامل الصحية تلعب دوراً محورياً في تحديد مصير العلاقات الزوجية، خاصة بين الأزواج الذين تجاوزوا سن الخمسين.
وعموماً لم تكن الدراسة الأوروبية الأولى التي تكشف ارتفاع احتمالات انهيار الزواج عندما تُصاب الزوجة بمرض خطير مقارنة بمواجهة الزوج هذه الحالة. وكانت دراسة سابقة أُجريت على أزواج شُخِّص أحدهم بإصابته بورم في المخ أو التصلب اللويحي، أن الشريك كان أكثر عرضة للتخلي عن العلاقة عندما كانت الزوجة مريضة. وفي هذه الحالات، انتهت 21% من الزيجات بالطلاق، بينما لم تتجاوز 3% عندما كان الزوج هو المصاب بالمرض.
وأظهر هذا الفارق الكبير أن فرص انهيار الزواج زادت نحو سبع مرات عند إصابة الزوجة بمرض خطير مقارنة بإصابة الزوج. ومع ذلك لا تنتهي معظم الزيجات بالطلاق حتى في ظل هذه الظروف الصعبة. وحتى عندما كانت الزوجة مريضة انهار زواج واحد فقط من كل خمسة زيجات خلال العامين التاليين.
وفي الحصيلة تُلقي هذه النتائج الضوء على تعقيدات العلاقات الزوجية في مواجهة التحديات الصحية، وتكشف أن الأدوار التقليدية داخل الأسرة لا تزال راسخة في المجتمعات الأوروبية رغم الجهود المبذولة لتجاوزها. ويظهر استمرار الأدوار التقليدية أن التغيير الثقافي يتطلب وقتاً أطول من المتوقع، وأن المجتمعات حتى الأكثر تقدماً لا تزال تتعامل مع التحديات من خلال عدسة الموروث الاجتماعي.