انطلاق العام الدراسي في سورية وسط غياب طلاب في السويداء

21 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 18:12 (توقيت القدس)
بداية العام الدراسي في سورية، إدلب، 21 سبتمبر 2025 (فيسبوك/مديرية التربية والتعليم)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني طلاب السويداء من صعوبة استكمال تعليمهم بسبب تحويل المدارس إلى مراكز إيواء أو تدميرها، بينما بدأت المدارس في شمال شرق سوريا بتدريس مناهج معدّلة باللغات الكردية والعربية والسريانية.
- أطلقت مديرية التربية والتعليم في إدلب حملة "مدرستي حياتي فيها ننمو ونتعلم" بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، لتعزيز الانتماء المدرسي والدافعية نحو التعلم.
- تتضمن الحملة أنشطة مثل خصومات على المستلزمات المدرسية، مسابقات عبر مواقع التواصل، دروس مجانية، ويوم نظافة مجتمعي، مما يعزز حماس الطلاب للعودة إلى المدرسة.

بدأ العام الدراسي الجديد، اليوم الأحد، في معظم المناطق السورية، بينما يغيب معظم طلاب محافظة السويداء عن استكمال تعليمهم بسبب تبعات العمليات العسكرية التي شهدتها المحافظة قبل نحو شهرين. وقالت الوكالة السورية للأنباء (سانا) إن أكثر من 4 ملايين طالب وطالبة من مختلف المراحل التعليمية في محافظات سورية توجهوا إلى مدارسهم مع بدء العام الدراسي الجديد موزعين، على 12 ألف مدرسة في جميع المحافظات.

وكانت مناطق شمال شرق سورية التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أعلنت، الأسبوع الفائت، عن بداية العام الدراسي في المناطق التي تسيطر عليها، ويستند النظام التعليمي في مناطق الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية إلى مناهج معدّلة، تُدرَّس باللغات الرسمية الثلاث الكردية والعربية والسريانية، مع مراعاة الخصوصية الثقافية لكلّ فئة.

قرى تفتقر إلى المدارس مع انطلاق العام الدراسي 

وفي محافظة السويداء جنوبي سورية، لم يتوجه معظم الطلاب اليوم إلى مدارسهم رغم الإعلان عن بداية الدوام. وقالت ميساء العبد الله، وهي من سكان المحافظة، إن المدارس في المدينة تحولت إلى مراكز إيواء منذ حوالي شهرين خلال الأحداث الأخيرة التي شهدتها المدينة ولم يتم اخلاؤها بسبب عدم وجود بدائل. وأضافت لـ"العربي الجديد" أن طلاب الريفين الغربي والشمالي من المحافظة أيضاً لا مدارس لهم بسبب تدمير معظمها وتحولها لمراكز عسكرية من قبل الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية السورية ومسلحي العشائر. مضيفة أنه رغم هذه الأوضاع، تم الإعلان اليوم عن بدء الدوام وسط تخبط وعدم إرسال غالبية الأهل أبناءهم إلى المدارس.

وبالإضافة إلى السويداء، يفتقر سكان مناطق سورية مدمرة بسبب الحرب إلى وجود مدارس في قراهم. وقال محمد الرشيد، وهو من سكان قرية كنسبا في ريف اللاذقية، إن الكثير من النازحين في انتظار إعادة البنية التحتية وإعمار المدارس للعودة، وتبقى فرحة إعلان عودة العام الدراسي منقوصة للكثير من الأهالي بسبب استمرار النزوح.

ومع بداية العام الدراسي، أطلقت مديرية التربية والتعليم في محافظة إدلب، بالتعاون والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، اليوم الأحد، حملة بعنوان "مدرستي حياتي فيها ننمو ونتعلم"، وذلك تزامناً مع أول أيام الدوام المدرسي في سورية، وستستمر حتى نهاية الأسبوع الحالي. وتعد هذه الحملة مشروعاً تربوياً وتوعوياً شاملاً يهدف إلى تهيئة الطلاب نفسياً واجتماعياً وتربوياً مع بداية العام الدراسي الجديد، وتعزيز الانتماء المدرسي والدافعية نحو التعلم، من خلال إشراك أولياء الأمور والمعلمين والمجتمع المحلي.

وحول أهداف الحملة، قال الموجه التعليمي معاذ فخرو لـ"العربي الجديد" إن أهداف الحملة تتمحور حول تهيئة بيئة نفسية إيجابية للطلاب، بما يضمن انتقالاً سلساً وآمناً من أجواء العطلة الصيفية إلى الحياة المدرسية. مضيفاً أن الحملة تعمل على تعزيز مشاركة الأسرة والمجتمع المدرسي والمحلي في دعم الطلاب وتحفيزهم على التعلم المستمر، إلى جانب تنمية مهاراتهم الاجتماعية والمعرفية عبر أنشطة مبتكرة تربط بين التعلم والمتعة والاكتشاف، مع التركيز على ترسيخ الوعي بأهمية التعليم باعتباره ركناً أساسياً لبناء المستقبل الفردي والمجتمعي. مشيراً إلى أن أهمية الحملة تكمن في كونها خطوة تربوية شاملة لمرافقة الطلاب في رحلة العودة إلى مقاعد الدراسة بعد فترة الانقطاع الصيفي، فهي لا تقتصر على كونها نشاطاً افتتاحياً، بل تعد مساحة آمنة وداعمة تساعد الطالب على التهيؤ نفسياً واجتماعياً، واستعادة إيقاع التعليم بروح إيجابية. موضحاً أن الحملة تسعى إلى ربط الطالب بالمدرسة باعتبارها بيئة متكاملة للنمو، حيث يكتسب المعارف والقيم، وينمي مهاراته المختلفة، ويعزز علاقاته الاجتماعية.

كما شدد على أن الحملة تمنح الأهالي دوراً أساسياً في المساندة والمتابعة، وتتيح للمعلمين فرصة لتجديد أساليبهم التحفيزية، مؤكداً أن العام الدراسي الجديد يحمل الأمل بمستقبل مشرق لكل طالب، والقيمة الكبرى لهذه الحملة تظهر من خلال تشجيع التعليم، ورفع مستوى الوعي، وتوفير الموارد، وبناء الثقة، وتعزيز الروابط الاجتماعية، والحد من ظاهرة التسرب المدرسي، فضلاً عن دعم الصحة النفسية للطلاب، وتشجيع المشاركة الأهلية، وتوليد الحماسة لديهم للعودة إلى المدرسة والانخراط في مغامرات تعليمية جديدة.

وتتضمن أنشطة الحملة باقة واسعة من المبادرات، منها تقديم خصومات خاصة على اللباس والمستلزمات المدرسية، وتنظيم مسابقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لعرض إبداعات الطلاب، وإقامة دروس مجانية وجلسات دعم أكاديمي، واستضافة أمسية مخصصة للأهل لمناقشة مواضيع تربوية ونفسية مرتبطة بأبنائهم. كما تشمل الحملة تنظيم يوم نظافة مجتمعياً لتجميل ساحات المدارس وحدائقها، وتطبيق برنامج "الأصدقاء" لمساعدة الطلاب الجدد على الاندماج والشعور بالترحيب، إضافة إلى عقد ورش عمل حول مهارات الدراسة وإدارة الوقت، وتوفير خدمات نقل مجانية للطلاب القاطنين في مناطق بعيدة، والتعاون مع رسامين محليين لإنشاء جداريات فنية على جدران المدارس، إلى جانب تنظيم معارض علمية لعرض تجارب الطلاب ومشاريعهم.

من جانبهم، عبر عدد من الطلاب عن مشاعرهم تجاه انطلاق الحملة في يومهم الأول، وقالت الطالبة ريم الأحمد (13 عاماً) لـ"العربي الجديد": "شعرت بسعادة كبيرة عندما دخلت المدرسة اليوم ورأيت الرسومات الجديدة على الجدران والأنشطة الممتعة، هذا يجعلني متحمسة للعودة والتعلم مع زملائي"، مضيفة أن أكثر ما لفت انتباهها في اليوم الأول هو أجواء البهجة التي عمت أرجاء المدرسة، سواء من خلال الزينة والجداريات الملونة أو من خلال استقبال المعلمين والطلاب بعضهم بعضاً بروح إيجابية وقالت: "شعرت أن المدرسة ليست مكاناً للدراسة فقط، بل أصبحت بيئة جميلة نكبر فيها ونكون صداقات جديدة"، مضيفة أن الأنشطة التفاعلية التي نظمتها المدرسة ضمن الحملة شجعتها على المشاركة والتعبير عن نفسها: "أحببت نشاط الرسم الذي شاركنا فيه اليوم، وأتمنى أن تكون لدينا أنشطة فنية ورياضية بشكل دائم لأنها تساعدنا على أن نتعلم بمتعة وتخفف عنا الضغط". وتابعت: "أنا متحمسة كثيراً لهذا العام الدراسي، وأشعر أن البداية مختلفة ومليئة بالأمل، أريد أن أحقق درجات عالية، وأشارك في المسابقات والفعاليات التي تنظمها المدرسة، أشعر أن مدرستي بيتي الثاني، وكل يوم فيها مغامرة جديدة".

أما الطالبة سارة درويش (16 عاماً) فأكدت أن الجلسات المخصصة لإدارة الوقت كانت مفيدة جداً: "تعلمت كيف أنظم وقتي بين الدراسة واللعب والأنشطة، وهذا سيجعلني أركز أكثر وأتفوق في دراستي". وبين حماس الطلاب وتفاعل الأهالي والمعلمين، تبرز الحملة خطوةً تربويةً متكاملةً تحمل في طياتها رسالة أمل بأن تكون بداية هذا العام الدراسي مختلفة وأكثر إشراقاً، تعيد للمدرسة مكانتها حاضنةً للنمو والتعلم، ومصدراً لبناء المستقبل.
 

المساهمون