بؤرة استيطانية جديدة تهدد أراضي قرية "فرخة" الفلسطينية

12 نوفمبر 2024
يخترق الطريق الاستيطاني تجمعاً بدوياً فلسطينياً (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يخشى أهالي قرية فرخة من سيطرة المستوطنين الإسرائيليين على 1250 دونماً في جبل الباطن بعد إقامة بؤرة استيطانية جديدة، مما يهدد 800 دونم مزروعة بالزيتون ومصدر مياه حيوي.
- اكتشف الأهالي أمراً عسكرياً من عام 1982 بمصادرة الأراضي وتحويلها إلى "أراضي دولة"، مما يعني خسارة كبيرة لأراضي القرية.
- المخاطر تتزايد مع شق الطريق الاستيطانية التي تهدد تجمعاً بدوياً ونبعي مياه، مما قد يؤدي إلى شح المياه وارتفاع أسعارها وتأثير سلبي على الزراعة.

يخشى أهالي قرية فرخة جنوب غرب سلفيت، من سيطرة مستوطنين إسرائيليين على 1250 دونماً في جبل الباطن غربي البلدة، بعد أن أقاموا بؤرة استيطانية جديدة تضم بيتين متنقلين في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأن تمتد أيادي المستوطنين إلى 800 دونم إضافي مزروعة بأشجار الزيتون، وعين مياه تسمى "الينبوع" تعد مصدر مياه الشرب والزراعة لنحو ثلث أهالي القرية.
في عام 2019، اكتشف أهالي القرية أمراً عسكرياً يعود إلى عام 1982، بمصادرة 1250 دونماً من الجبل، وتحويلها إلى ما يسمى "أراضي دولة"، كونه يطل على مستوطنات ومناطق صناعية إسرائيلية، من بينها مستوطنة بروخين، والمنطقة الغربية من مستوطنة أريئيل، ومنطقتي بركان وأريئيل الصناعيتين.
ويضاف إلى القيمة الاستراتيجية للجبل، أن فقدان المساحة التي حددتها أوامر المصادرة تعني خسارة القرية لنحو خمس أراضيها، وفي حال تواصل المخطط، ستصل الخسارة إلى أكثر من ألفي دونم، ما يعني ثلث مساحة أراضي القرية.
ظل الأمر العسكري سراً حتى قرر الفلسطيني حسن حجاج الذي اشترى دونمين من الأرض، إصلاحهما وتعميرهما. تركت سلطات الاحتلال حجاج يكمل العمل خلال عام 2019، إذ قام بتسوية الأرض، وإقامة المصاطب، وزرعها بأشجار الزيتون والعنب والتين، وبعض المحاصيل كالفقوس، بتكلفة بلغت قرابة 60 ألف شيكل (16 ألف دولار أميركي). بعدها وصله إخطار من ما يسمى "الإدارة المدنية"، يطالبه بإعادة الأرض إلى ما كانت عليه، وإلا فسيقوم الاحتلال بذلك مقابل فرض غرامة عليه.
بعد خمسة وأربعين يوماً، دمّرت جرافات الاحتلال كلَّ ما بناه وزرعه حجاج، ولم يستطع القيام بأي إجراء قانوني، فالإخطار يظهر وجود أمر عسكري منذ عام 1982، يجعل أرضه، وكل الجبل تقريباً، ضمن "أراضي الدولة" بحجة أنها غير مزروعة، ووفقاً للقانونيين الذين استشارهم، لم يكن أمامه سوى تقديم اعتراض جماعي باسم أصحاب تلك الأراضي، وهو ما لم يتم.
لم يستسلم حجاج، وعاد لزراعة أرضه بأشجار الزيتون، لكن قبل نحو شهر، بدأ المستوطنون إقامة بنية تحتية عبر شق شارع يبعد عن أرضه قرابة 30 متراً، ليدرك سبب إسراع جيش الاحتلال بإزالة كل ما عمره. 

يسعى المستوطنون إلى السيطرة على مزيد من الأراضي (العربي الجديد)
يسعى المستوطنون إلى السيطرة على مزيد من الأراضي (العربي الجديد)

وبرزت المطامع الاستيطانية في جبل الباطن بعد 11 يوماً فقط على بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عبر شق طريق استيطانية تصل مستوطنة أريئيل ببؤرة استيطانية على جبل الراس في مدينة سلفيت، ثم بجبل الباطن في قرية فرخة.
ويؤكد رئيس مجلس قروي فرخة، مصطفى حماد، لـ"العربي الجديد"، أن "مخاطر الشارع والبؤرة الاستيطانية لن تقتصر على الأراضي المصادرة، فالشارع يمر في وسط تجمع بدوي يضم عشرين فرداً يملكون 300 رأس من الأغنام، ما يعني أنهم سيعيشون في ظل خطر دائم من المستوطنين المسلحين. الأخطر هو مرور الشارع الاستيطاني بمحاذاة نبعي مياه، الأول هو نبع (المطوي) الذي يتبع مدينة سلفيت، والآخر اسمه (الينبوع) ويتبع قرية فرخة، ويزودها بنحو 35% من احتياجاتها، وقبل بضعة أشهر تعرض الموظف المسؤول عن النبع لتهديدات من مستوطنين طلبوا منه عدم العودة إليه".
يضيف حماد: "لا يبعد النبع سوى 50 متراً عن الشارع الاستيطاني، وبضعة مئات من الأمتار عن البؤرة الاستيطانية الجديدة، والمخاوف حقيقية في ظل استهداف المستوطنين المتواصل لكل نبع مياه يقتربون منه في الضفة الغربية، خاصة أن هذا النبع يقع في المنطقة المصنفة (ج) وفق اتفاق أوسلو. فقدان هذا النبع يعني خسارة كبيرة للقرية، فبقية المياه تأتي من شركة (مكاروت) الإسرائيلية من خلال بلدية سلفيت، ما سيرتب شحاً في المياه، وارتفاعاً لأسعارها، وتأثيراً كبيراً على الزراعة في قرية تعتمد حياة سكانها على المحاصيل الزراعية".

يتابع: "نشعر بالخطر مع وصول المستوطنين إلى مرحلة السيطرة على باقي الأراضي في جبل الباطن، فأطرافه مزروعة بالزيتون، بقرابة 800 دونم، ويعود ذلك إلى طبيعة الأراضي كونها أكثر سهولة من ناحية التضاريس، وبالتالي كان يسهل على الأهالي زراعتها، بينما بقية الأراضي التي تقع في قلب الجبل طبيعتها صخرية، وبحاجة إلى أموال طائلة لاستصلاحها، وهو ما استغله الاحتلال عبر قوانين قديمة للسيطرة عليها".
واستطاع الأهالي خلال هذا العام الوصول إلى 800 دونم مزروعة بالزيتون وقطفها، بينما لم يستطيعوا فعل ذلك خلال العام الماضي بسبب منعهم من المستوطنين وجيش الاحتلال، وقد هدم جنود قبل نحو ستة أشهر بناء أقامه أحد المواطنين في أرضه من دون أمر عسكري أو قرار من المحكمة، وذلك عبر تهديد سائق جرافة استأجرها صاحب المبنى، وإجباره على هدمه، فأعاد الرجل البناء، وسكن فيه لمدة شهرين، قبل أن يضطر إلى مغادرته بسبب التهديدات المتواصلة من المستوطنين.