استمع إلى الملخص
- تعمل بلدية الأصابعة وهيئة السلامة الوطنية على تعزيز قدرات فرق الإطفاء، وتم تكليف خبراء أوروبيين بالتحقيق في الأسباب، مع توقعات بتقرير نهائي قريباً، وسط تكهنات حول التخريب أو خلل كهربائي.
- نزحت العديد من الأسر بسبب الحرائق، ورغم المساعدات الحكومية، يشعر السكان بالإحباط ويطالبون بتحقيق شامل وشفاف لمعرفة الأسباب الحقيقية.
عادت الحرائق لتلتهم منازل المواطنين في مدينة الأصابعة، 120 كيلومتراً جنوب العاصمة الليبية طرابلس، وأعلنت بلدية المدينة في بيان، احتراق ثلاثة منازل يوم الجمعة الماضية، اثنان منها تعرضا للحرق سابقاً، فيما أصيب عشرة مواطنين بحالات اختناق بسبب الأدخنة الكثيفة، وتم تقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم.
وضمنت البلدية بيانها تطمينات للأهالي في محاولة لتهدئة مخاوفهم، مؤكدة استمرار وجود فرق الطوارئ في نقاط تمركز داخل المدينة على مدار الساعة، وقدرتها على الوصول إلى أي موقع يتم الإبلاغ عنه. لكن هذه التطمينات لم تمنع تصاعد حالة القلق بين السكان، خاصة مع تكرار الحوادث من دون الكشف عن الأسباب الجذرية للحرائق التي تجتاح المدينة منذ فبراير/شباط الماضي، وسط عجز رسمي عن احتواء الأزمة أو تفسيرها.
وأكد عميد بلدية الأصابعة، عماد المقطوف، استمرار الاستقرار النسبي في المدينة، بسبب عودة الحرائق بين الفينة والأخرى. وأشار في تصريحات صحافية، إلى أن البلدية تعمل على التنسيق مع هيئة السلامة الوطنية الحكومية لتوفير سيارات إطفاء إضافية، في ظل محدودية الإمكانيات المتاحة لفرق الدفاع المدني التي تواصل العمل ليل نهار.
تجاوز عدد منازل الأصابعة المتضررة من الحرائق 160 منزلاً
وكشف المقطوف عن تجاوز عدد المنازل المتضررة 160 منزلاً، مشيراً إلى عمل فريق الأزمة على تحديث البيانات باستمرار. ما يسلط الضوء على قلق مستمر لدى السلطات المحلية، وإمكانية ارتفاع عدد المنازل المتضررة.
وفي محاولة للتعرف على أسباب الحرائق، باشر فريق من الخبراء التابعين للاتحاد الأوروبي معاينة المنازل المحترقة قبل أسبوع، مع تقييم المحيط البيئي، في إطار جهود دولية للوقوف على أسباب اندلاع الحرائق وتكرارها. ومن المقرر أن يسلّم الفريق الأوربي تقريره النهائي إلى الحكومة الليبية خلال الأسابيع المقبلة، على أمل أن يحسم الجدل القائم حول غموض أسباب الحرائق التي تتراوح التكهنات بشأنها بين فرضيات التخريب المتعمد، ووجود خلل في الشبكات الكهربائية، أو عوامل بيئية غير مألوفة.
واندلعت أولى الحرائق في منازل متفرقة بالأصابعة في فبراير الماضي، وخلفت أضراراً بنحو 30 منزلاً، قبل أن يتصاعد الرقم بشكل مطرد خلال الأسابيع التالية، ليرتفع عدد المنازل المتضررة إلى 110 منازل بحلول منتصف مارس/آذار، ثم إلى 150 منزلاً في نهاية الشهر ذاته، وفقاً لإحصائيات البلدية. ولم تقتصر الأضرار على الخسائر المادية، إذ سجلت فرق الإسعاف عشرات حالات الاختناق، خاصة بين الأطفال وكبار السن.
وفي محاولة للسيطرة على الوضع، أعلنت حكومتا البلاد، حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، والحكومة المكلفة من مجلس النواب في بنغازي، حالة الطوارئ في الأصابعة، وأرسلت عشرات سيارات الإطفاء وفرق الطوارئ، لكنها ظلت عاجزة عن معرفة أسباب الحرائق، ما فاقم القلق في أوساط السكان.
ورغم إعلان الحكومة في طرابلس تخصيص مبالغ مالية لمساعدة الأسر المتضررة على دفع إيجارات مؤقتة، يؤكد خليفة مهلهل، وهو أحد أهالي الأصابعة، أن سكان المدينة يشعرون بالإحباط، وصولاً إلى حد تشكيكهم في جدوى الجهود الحكومية.
ويوضح مهلهل لـ"العربي الجديد"، أن "مطالب السكان لم تعد تقتصر على الإغاثة الطارئة، أو التعويضات المالية، بل أصبح الناس يطلبون معرفة أسباب الحرائق، وبات هذا مطلباً أساسياً لا تجدي أي معالجات أخرى دون تحقيقه، فالترقب أصبح حالة يعيشها أهل المدينة طوال الوقت".
ويلفت إلى أن "الأزمة لم توقف عند حد الإضرار بالمنازل، بل تعدتها إلى تضرر نفسيات السكان الذين يعيشون حذراً دائماً وصل إلى حد نزوح العديد من الأسر خوفاً على أطفالهم أو على سلامة كبار السن، فكل المنازل مهددة بالاحتراق في أي وقت".
ولا يكشف العدد المعلن للأسر النازحة بسبب تضرر منازلها (160 أسرة) عن حجم حالة النزوح، إذ يؤكد مهلهل أن كثيرين نزحوا إلى بيوت أقاربهم أو أصدقائهم في المناطق المجاورة لأن أطفالهم ونساءهم يعيشون تحت وطأة الضغط النفسي من مخاوف نشوب الحرائق في بيوتهم.
وينتقد تعاطي السلطات مع أزمة الحرائق، ويقول: "يتعاملون مع الأمر على أنه حريق عادي لا يتطلب تحقيقاً جدياً، فماذا يفيد أن تدفع الحكومة لصاحب المنزل المتضرر مبلغاً من المال ليؤمن بيتاً يؤجره، بينما هو لا يعرف مصير منزله، أو متى وكيف يعود إليه. نأمل أن تؤدي تحقيقات الفريق الأوروبي إلى نتائج، لكنّ هناك استياء كبيراً من مواقف السلطات حيال التعامل مع الأزمة، فالنيران لا تحرق المنازل وحدها، بل تحرق ما تبقى من ثقة لدى المواطن بحكومته".