تجويع غزة.. الطفلة ريما تقاوم مرضها ولا تجد ما يسد رمقها

09 مايو 2025
فلسطينيون ينتظرون الحصول على وجبة طعام ببيت لاهيا، 3 مايو 2025 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تعاني الطفلة ريما مطر من فشل كلوي وظروف إنسانية صعبة في غزة، حيث تعيش مع عائلتها في خيمة مهترئة وتعاني من نقص الغذاء والماء والعلاج بسبب إغلاق المعابر.
- يواجه سكان غزة أزمة إنسانية حادة نتيجة سياسات التجويع الإسرائيلية، معتمدين على المساعدات التي توقفت، مما أدى إلى تفشي المجاعة والأمراض ونزوح 90% من السكان.
- أعربت المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيز عن أسفها تجاه معاناة الفلسطينيين، ووصفت الجوع بأنه "عار علينا"، في ظل استمرار الإبادة الجماعية الإسرائيلية واستخدام الغذاء كسلاح حرب.

بخطى متثاقلة ووجه يكسوه الإرهاق والجوع، عادت الطفلة المريضة ريما مطر إلى خيمتها خاوية اليدين بعد فشلها في الحصول على وجبة من تكية توزع الطعام، وسط جريمة تجويع غير مسبوقة ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. ريما (14 عاما) المصابة بفشل كلوي، وقفت لساعات في طابور طويل أمام نقطة توزيع الطعام في منطقة تل الزعتر بمخيم جباليا شمالي القطاع، تنتظر وجبة قد تسد رمقها هي وعائلتها المكونة من خمسة أفراد.

لكن الزحام وضعف جسدها حالا دون حصولها على شيء، لتغادر المكان والدموع تنهمر من عينيها بصمت ثقيل، رصدته عدسة الأناضول. ومنذ 2 مارس/آذار ترتكب إسرائيل أكبر جريمة تجويع بعدما أغلقت معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين وفق ما أكدته تقارير حكومية وحقوقية ودولية.

 طفلة مريضة وسط المجاعة

ريما واحدة من آلاف الأيتام الذين يعانون أمراضاً مزمنة وسط نظام صحي منهار، وتحتاج إلى نظام غذائي خاص وماء نظيف وعلاج عاجل في الخارج، لكن إسرائيل أغلقت كافة الأبواب. وفي حديث لمراسلة الأناضول، قالت ريما للأناضول: "ننتظر الطعام المكون من الرز والمعكرونة"، في إشارة لتكية توزع الطعام بشكل مجاني.

وناشدت الطفلة الدول العربية والإسلامية الضغط على إسرائيل لفتح المعابر ووقف الحرب وإدخال الطحين والغاز والمواد الغذائية، حتى لا يضطروا للذهاب إلى التكايا، وفق قولها. وأوضحت أنها تعاني من مرض في الكلى ولا تستطيع تحمل الجوع، وتحتاج إلى السفر لتلقي العلاج خارج غزة، إلا أن إغلاق المعابر يحول دون ذلك، في ظل غياب المعيل بعد وفاة والدها قبل سنوات، حيث تتولى والدتها رعاية إخوتها الأطفال.

وحين نضج الطعام في التكية وبدأ التوزيع، لم تستطع ريما مزاحمة الآخرين، وعادت بخيبة أمل كبيرة. وقالت: "عدنا كما ذهبنا، الوعاء فارغ"، وأضافت والدموع في عينيها: "منذ الساعة 7 صباحا وأنا أنتظر، لم أحصل على طعام، تعبنا من هذا الحال". وتابعت: "لا يوجد أكل، هناك مجاعة، تعبنا، الشعب انكسر، حياتنا صعبة، مجاعات، دمار، حروب، يجب على العالم أن يشعر بنا".

وأكدت أن عدم حصولها على الطعام يعني أنها ستبقى جائعة حتى اليوم التالي، وهو ما ينعكس سلبا على حالتها الصحية. وأشارت إلى أن قطاع غزة يعاني من مجاعة ودمار، وأن الفلسطينيين يموتون جراء نقص الطعام والدواء وأساسيات الحياة. وأوضحت أن مرضها يحتاج إلى غذاء ومياه نظيفة، مشيرة إلى أن هذه المتطليات البديهية غير متوفرة في القطاع. ولفتت إلى أن بيت عائلتها دمره الجيش الإسرائيلي خلال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 19 شهرا، بعد أن شيدته العائلة بشق الأنفس في سنوات ما قبل الحرب.

 "ماما.. رجعت فاضية"

مراسل الأناضول رافق ريما إلى خيمتها المصنوعة من القماش المهترئ، هناك استقبلتها والدتها ميادة. وما إن وصلت ريما إلى الخيمة والدموع لا تزال تبلل عينيها، قالت لوالدتها باستياء وحسرة: "ماما انظري، عدت بالوعاء فارغا، ماذا سنأكل؟!".

بدورها، قالت والدتها للأناضول إن وضعهم صعب بالشمال (غزة) وأولادها أيتام في ظل غياب من يعيلهم أو يساعدهم. وأضافت أنه إذا استمرت الحرب الناس سيموتون من الجوع، وأردفت: "كنا نعيش على المساعدات، لكنها توقفت بعد إغلاق المعابر". وأشارت السيدة الفلسطينية إلى أن طفلتها مريضة كلى، وعدم الحصول على الطعام من التكية يعني بقاء العائلة جائعة لليوم الثاني.

وأوضحت أن ريما تخرج من الصباح الباكر بحثا عن الطعام لعدم توفره في خيمتهم، بعد وفاة والدها منذ سنوات. وذكرت أن وجبة الطعام من التكية تكون للفطور والغداء والعشاء، وهي وجبة واحدة فقط لكل اليوم، ولفتت إلى معاناتها من عدم توفر مياه نظيفة لطفلتها التي تحتاجها بشكل ملح. وناشدت الأم رؤساء العالم قائلة: "انظروا إلى أطفال غزة، إنهم يموتون تحت القصف".

 جوع معلن وصمت دولي

والسبت، أعربت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين فرانشيسكا ألبانيز عن حسرتها تجاه المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة بسبب سياسات التجويع الإسرائيلية، قائلة: "جوعكم عار علينا". جاء ذلك في منشور لها عبر منصة "إكس" بالتزامن مع مرور 60 يوما على قرار إسرائيل غلق كافة معابر القطاع الفلسطيني ووقف دخول الإمدادات والمساعدات الغذائية، مستخدمة الغذاء كأحد أسلحة حرب الإبادة التي تشنها ضد غزة.

ومطلع مارس/آذار 2025 انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين "حماس" وإسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، لكن إسرائيل تنصلت منه، واستأنفت الإبادة في الـ18 من الشهر ذاته.

ويعتمد فلسطينيو غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، بشكل كامل على تلك المساعدات بعدما حولتهم الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 19 شهرا إلى فقراء، وفق ما أكدته بيانات البنك الدولي. وتأتي هذه الأزمة الإنسانية في ظل نزوح أكثر من 90% من فلسطينيي القطاع من منازلهم، بعضهم مر بهذه التجربة لأكثر من مرة، حيث يعيشون في ملاجئ مكتظة أو في العراء دون مأوى، ما زاد من تفشي الأمراض والأوبئة.

(الأناضول)

المساهمون