تدابير لضبط حضور الطلبة وتحجيم الغياب في جامعات الجزائر
استمع إلى الملخص
- تتضمن الإجراءات إلزام الأساتذة بمراقبة الحضور في الدروس التطبيقية، مع إرسال تقارير الغياب أسبوعياً، واحتساب الغياب ضمن التقييم البيداغوجي، مما يشجع الطلبة على الالتزام.
- تعكس ظاهرة الغياب مشكلة في فهم الطلبة لاستحقاقات التكوين الجامعي، وتهدف التدابير إلى تحسين الانضباط ومستوى التكوين العلمي، مما يؤثر إيجابياً على الأداء الوظيفي مستقبلاً.
أقرّت سلطات التعليم العالي والجامعات في الجزائر مجموعة تدابير جديدة تهدف إلى ضبط حضور الطلبة في الدروس والمحاضرات والحد من الهدر والتسيب الجامعي، وذلك عقب فترة شهدت تسيباً أثر مباشرة على المستوى العلمي والمعرفي للمتخرجين.
وبدأت الكليات والجامعات الجزائرية، منذ الأحد الماضي، تطبيق تدابير جديدة أصدرتها وزارة التعليم العالي بمناسبة العام الجامعي الجديد، تتعلق بكيفيات التنظيم والتقييم والتدرج الدراسي لنيل شهادتي الإجازة والماستر. وتشمل هذه التدابير إعادة العمل بنظام الإقصاء للطلبة الذين يتغيبون عن عدد محدد من الدروس التطبيقية والمحاضرات، إذ حددت الوزارة عتبة الإقصاء عند التغيب عن خمسة دروس من المقرر البيداغوجي، بغض النظر عن طبيعة المبررات التي تدفع الطالب للغياب، باستثناء الحالات الطارئة مثل المرض، أو استدعاء رسمي من جهة مختصة، أو المشاركة في منافسات رياضية أو علمية، على أن يُثبت الطالب هذه الحالات بوثائق رسمية.
ويعني ذلك إلزام الأساتذة المكلفين بالدروس التطبيقية والأعمال الموجهة بمراقبة حضور الطلبة من خلال اعتماد لائحة المناداة على الطلبة في الدروس، وإرسالها أسبوعياً إلى الإدارة لوضع جدول غيابات الطلاب عن أفواجهم الدراسية. ويُحتسب الغياب ضمن عملية التقييم البيداغوجي، فإذا سجل غياب طالب لخمسة دروس أو أكثر، فإنه يفقد حقوقه في المادة خلال السداسي، من دون أن يُتاح له تعويض ذلك في مادة أخرى أو المشاركة في الامتحان الاستدراكي، وتظل المادة المقصى منها عبئاً عليه (دين بيداغوجي) يُعيد دراستها حتى في حال انتقاله إلى الصف التالي.
وفي السياق، قالت أستاذة الإعلام بجامعة عنابة شرق الجزائر، حسينة بو الشيخ، لـ"العربي الجديد": "نلاحظ أن الطلبة يحضرون إلى الجامعة ويملؤون الفضاء الجامعي، لكنهم لا يدخلون إلى قاعات الدرس والمدرجات، ربما لأنهم يستطيعون تحميل المحاضرات من منصة التعليم عن بعد. كما أن النجاح الدراسي اليوم لم يعد يعني بالنسبة لهم سوى تجميع النقاط والمعدلات".
وأضافت: "في العام الدراسي الماضي، لاحظت أن طلبة السنة الثالثة إعلام فعلوا ذلك أكثر من مرة وتغيبوا عن الدروس، بعضهم اعتاد على ذلك واستسهل النجاح. وبرغم هذا العزوف، هناك دائماً حضور يحفظ ماء وجه الجامعة، ولم يحدث طيلة مشواري المهني أن ألغيت محاضرة".
ويعتمد التدريس في جامعات الجزائر على نظامين متلازمين: نظام الدروس التطبيقية والأعمال الموجهة، التي تُقدَّم في القاعات لكل فوج طلابي على حدة، ويُعتبر حضورها إلزامياً طوال العام الجامعي، الذي ينقسم إلى سداسيين. ثانياً، نظام المحاضرات التي تُقدَّم في المدرجات ويحضرها أكثر من فوج طلابي، وبرغم أن حضور الطالب في المحاضرات يبقى ضرورياً، فقد تركت وزارة التعليم العالي تقدير إلزامية الحضور فيها لسلطة إدارة الكليات.
ويشهد معظم جامعات الجزائر تسيباً لافتاً في حضور الطلبة إلى الدروس، إذ يبث الأساتذة بين الحين والآخر صوراً لقاعات ومدرجات فارغة أو يحضر فيها عدد قليل من الطلاب. واستدعى هذا الوضع تدخل وزارة التعليم العالي والجامعات لإعادة الانضباط إلى الصف الجامعي ومنع التسيب، خاصة أن لذلك أثراً مباشراً على مستوى التكوين والمعرفة العلمية للطلبة، وكذلك على أدائهم الوظيفي في المستقبل.
وقال الأكاديمي والباحث في جامعة محمد خيضر، محمد حرز الله، لـ"العربي الجديد"، إن ظاهرة غياب الطلبة عن المحاضرات في المدرجات تمثل الجانب السلبي في الجامعة، لكنها ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل تعكس في الواقع مشكلة في فهم الطلبة لاستحقاقات التكوين الجامعي وعلاقتهم بالمؤسسة الجامعية. وأضاف أن المسألة، بقدر ما تستدعي تدخلاً فعلياً لضبط هذا التسيب، بقدر ما تتطلب أيضاً فحص الظاهرة ومعرفة أسبابها ودوافعها، ومعرفة ما إذا كانت لذلك علاقة بغياب جاذبية المضمون والمحتوى التعليمي وطرق التدريس المعتمدة في الكليات والمعاهد بجامعات الجزائر.