تفاقم انتشار القمل في مخيمات إدلب مع توقف دعم المياه النظيفة

25 مايو 2025   |  آخر تحديث: 14:18 (توقيت القدس)
في مخيم بإدلب، 5 فبراير 2025 (بكر القاسم/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تعاني مخيمات النازحين في إدلب من تفشي قمل الرأس، خاصة بين الأطفال، بسبب نقص المياه النظيفة وتوقف حملات النظافة العامة وانقطاع الأدوية المجانية، مما يعكس هشاشة الواقع الصحي والإنساني.
- تتفاقم المشكلة مع نقص المياه النظيفة وتراكم القمامة، حيث تلجأ الأمهات إلى وسائل تقليدية مثل الخل أو قص الشعر، في ظل غياب برامج التوعية والتدخلات الوقائية.
- يواجه السكان صعوبات في الحصول على الأدوية بسبب توقف الدعم، مما يعكس أزمة في قدرة المنظومة الإنسانية على الاستجابة للمشاكل الصحية غير المهددة للحياة.

تتسلل أزمة جديدة إلى حياة النازحين في مخيمات إدلب بسورية، بعدما تفشى قمل الرأس، خاصة بين الأطفال، في ظل تراجع حاد في دعم المياه النظيفة، وتوقف حملات النظافة العامة، وانقطاع الأدوية المجانية، حيث باتت هذه الحشرة الطفيلية الصغيرة عنواناً لمعاناة أكبر تجسّد هشاشة الواقع الصحي والإنساني داخل المخيمات. ورغم أن القمل ليس من الأمراض المميتة، يكشف انتشاره فجوة كارثية في الاستجابة الإنسانية، ويهدد بمضاعفات صحية ونفسية واجتماعية.

وفي زاوية خيمة مهترئة بمخيم كفر جالس شمال غربي إدلب، تجلس حسناء الحموي وهي تحكّ رأس طفلتها الصغيرة بعصبية لمحاولة إزالة بيض القمل العالق في شعرها، وهي تخفي خجلها حين تتحدث عن انتشار الحشرات في الخيام، ثم تقول بنبرة يأس: "لم نعد نعلم ماذا نفعل بلا ماء ومنظفات وأدوية، أشعر باليأس كلما أرى طفلتي تبكي من الحكة الشديدة".

وليست قصة حسناء حالة فردية، إذ تشهد مخيمات تقع في ريف إدلب الشمالي، وفق شهادات سكان، تفشياً واسعاً لعدوى قمل الرأس بالتزامن مع توقف دعم المياه النظيفة، وتراجع خدمات النظافة، وانقطاع الأدوية المجانية التي كانت تقدمها منظمات دولية. وقالت لمى الراجي، وهي مدرّسة في مركز تعليمي داخل مخيم أطمة، لـ"العربي الجديد": "نضطر أحياناً إلى إرسال الأطفال إلى منازلهم عند الاشتباه في الإصابة بالقمل، لكن في الواقع كل الصف مليء بالحالات، ولا قدرة لنا على تعقيم المكان أو تقديم أي علاج".

وأكدت رصد ازدياد مؤشرات القلق والعزلة الاجتماعية لدى الأطفال المصابين، خصوصاً بعدما بات القمل وسيلة للسخرية والتنمر، في غياب أي برامج التوعية أو التدخلات الوقائية. وقالت: "في ظل غياب أدوات الوقاية والعلاج، تلجأ أمهات إلى وسائل تقليدية مثل الخل أو قص الشعر بالكامل".

من جانبه، قال محمد طاهر، مدير مخيم مورك شمال إدلب، لـ"العربي الجديد": "منذ أن توقفت برامج النظافة العامة منذ أكثر من شهر، لم ترّحل القمامة من المخيم، حيث تتراكم أكياسها بين الخيام، وتغزو الحشرات والقوارض المكان. ومع غياب المياه الكافية، غدا الاستحمام ترفاً غير متاح، وأدى ذلك مباشرة إلى انتشار القمل والجرب". وأضاف: "نحتاج إلى تدخّل عاجل يعيد النظافة الشخصية إلى الواجهة، قبل أن نواجه موجات أوسع من الأمراض الجلدية التي يصعب احتواؤها، وإعادة تفعيل دعم المياه، وإطلاق حملات توعية في المدارس والمخيمات حول طرق الوقاية من القمل، إلى جانب تأمين مستلزمات العلاج الأساسية".

وأوضح الصيدلاني عمر اليونس، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "القمل رغم أنه أزمة صحية بسيطة ظاهرياً، لكنه ليس مشكلة عابرة، فهو يسبب حكة شديدة قد تؤدي إلى تقرحات جلدية، خصوصاً لدى الأطفال، كما ينعكس سلباً على الصحة النفسية، ويخلق وصمة داخل المجتمع، ما يدفع بعض العائلات إلى إخفاء الإصابة خوفاً من التنمر أو العزل". وأشار إلى أن كثيرين من سكان المخيمات يأتون إلى صيدليته للحصول على أدوية رخيصة لمعالجة القمل، إذ لا يوجد حالياً أي مخزون أدوية مخصص لأمراض الجلد أو الطفيليات في المراكز الصحية المجانية بعدما توقف الدعم عن معظمها، وأوضح أنه يبيع عبوة شامبو معالجة للقمل بمبلغ يتراوح بين دولارين وأربعة دولارات، وهذا مبلغ باهظ بالنظر إلى أن معظم العائلات تعيش تحت خط الفقر المدقع، ولا يزيد دخلها اليومي عن دولار واحد في أحسن الأحوال.

وذكر أن "واقع المخيمات في إدلب لا يعكس فقط أزمة صحية، بل أزمة بنيوية تشمل قدرة المنظومة الإنسانية على الاستجابة، إذ أن التركيز الدولي الذي يشمل ملفات سياسية وأمنية واحتياجات طارئة أكبر، مثل الأمن الغذائي، جعل ما يصنّف بأنها مشاكل صحية غير مهددة للحياة تتراجع على سلم الأولويات".

المساهمون