"ذعر وارتياب" لدى أطباء وباحثين أميركيين مع عودة ترامب

05 فبراير 2025
في أحد مختبرات المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، 2 نوفمبر 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه الأطباء والباحثون تحديات كبيرة بسبب انعدام الشفافية في البيانات الوبائية وتجاهل بعض الأمراض مثل السل، مما يثير قلق الأوساط الطبية والعلمية.
- علقت الحكومة الجديدة التواصل مع وكالات الصحة الفيدرالية وأعادت تصميم مواقعها، مما أدى إلى اختفاء قواعد بيانات مهمة، وتوقفت مراكز مكافحة الأمراض عن نشر تقاريرها الأسبوعية المعتادة.
- بدأت الأوساط العلمية في البحث عن حلول بديلة، مثل جمع البيانات يدوياً وأرشفة المعلومات، مشددين على أهمية الاستلهام من الناشطين في الدفاع عن الحقوق الصحية.

مع عودة دونالد ترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة الأميركية، بولاية رئاسية ثانية، يجد الأطباء والباحثون الأميركيون أنفسهم وسط المجهول، فالبيانات الوبائية باتت غير مُتاحة فيما اختفت توصيات طبية كثيرة ويُصار إلى تجاهل إصابات تُسجَّل بمرض السلّ. وتقول الطبيبة المتخصصة في الأمراض النسائية والتوليد ناتالي ديسينزو، العضو في جمعية "أطباء من أجل الصحة الإنجابية" (فيزيشنز فور ريبروداكتيف هيلث)، في حديث إلى وكالة فرانس برس إنّ "هذا وضع غير مسبوق على الإطلاق"، في إشارة إلى "الذعر والارتياب" اللذَين يسودان "الأوساط الطبية والعلمية".

ويعبّر كثيرون في هذا القطاع، تماماً كما ديسينزو، عن قلقهم، بعدما علّقت الحكومة الأميركية الجديدة التواصل مع وكالات الصحة الفيدرالية وبدأت بإعادة تصميم مواقعها. وعلى موقع المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي)، يبيّن إعلان أنّ الصفحات "قيد التعديل لتتماشى مع أوامر ترامب التنفيذية"، ولا سيّما تلك المتعلقة بسياسات التنوّع. وفي الأيام الأخيرة، اختفت قواعد بيانات عن مواضيع مختلفة من حالات كوفيد طويل الأمد وصولاً إلى حالات اكتئاب، كذلك اختفت موارد متعلقة بالتحيّز العنصري في الطبّ وحتى إشارات إلى "النوع الجنسي".

وتوضح ديسينزو أنّ "أكثر ما أثار اهتمامي هو حذف المبادئ التوجيهية المتعلقة بالأمراض المنقولة جنسياً"، مضيفة "لا أرى بالفعل أين الجانب اليساري الراديكالي في ما يتعلق بعلاج مرض السيلان". وعادت صفحات معيّنة، خصوصاً تلك المتعلقة بإنفلونزا الطيور، إلى الظهور بعد غياب قصير، في حين اختفى أحد التطبيقات المخصّصة لمقدمي الرعاية من منصات التنزيل، الأمر الذي سبّب إرباكاً كبيراً.

السلّ وإنفلونزا الطيور في عهد ترامب الثاني

من أبرز المخاوف التي يعبّر عنها الأطباء والباحثون في الولايات المتحدة الأميركية انعدام الشفافية في ما يخصّ المعلومات المحذوفة أو المعدّلة، ووقف عمليات التواصل الخارجية الرئيسية. وتعبّر الأستاذة في علم الأوبئة لدى جامعة "براون" جنيفر نوزو عن قلق إزاء التغييرات التي أجراها "ليس علماء بل سياسيون" و"تقويض السياسات المرتبطة بالصحة العامة". وتقول لوكالة فرانس برس إنّه "بسبب وقف التواصل، لم تعد مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها تُعلِم السلطات الصحية المحلية بمسائل مثل إنفلونزا الطيور التي أودت بحياة شخص واحد في الولايات المتحدة الأميركية" وتنتشر بصورة كبيرة بين الدواجن والمواشي.

والأمر نفسه في ما يخص "أحد أكبر أوبئة السلّ في تاريخ البلاد الحديث"، وقد سُجّلت إصابات به في كانساس في الوقت الراهن. وتشير نوزو إلى أنّه كان من المفترض أن تتطرّق مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها إلى هذه الحالات في تقاريرها. لكن منذ تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، للمرّة الثانية، توقّف نشر هذه التقارير المرجعية التي تُنشر أسبوعياً منذ أكثر من 60 عاماً. وكلّما مرّ الوقت، يزداد الارتياب، بحسب ما يؤكد نوزو. وتعلّق الباحثة في جامعة ولاية "لويزيانا" ريبيكا كريستوفرسون: "أتساءل عمّا إذا كان بإمكاننا الوثوق بالبيانات (المبلّغ عنها من مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها) أو عن احتمال إخفاء عناصر لسبب أو لآخر".

عودة إلى الأساليب البدائية

في مواجهة هذا الوضع غير المسبوق، بدأت الأوساط العلمية تتحرّك لإيجاد حلول. وتقول الباحثة في جامعة "جونز هوبكنز" كايتلين ريفرز إنّها تعمد إلى "جمع البيانات يدوياً" منذ أسبوعَين لضمان المراقبة المستمرّة لانتشار الإنفلونزا. أمّا بالنسبة إلى المعلومات التي اختفت من المواقع الرسمية، فقد تعهّد عدد كبير من الأشخاص، من بينهم الناشطة في مجال حقوق المرأة جيسيكا فالنتي، ومؤلّفة نشرة إخبارية مخصّصة للحقوق الإنجابية، أرشفة قواعد البيانات والصفحات من موقع المراكز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها قبل حذفها. تضيف لوكالة فرانس برس: "نأمل أن نجعل من هذا الأرشيف مصدراً للأشخاص الذين يحتاجون إليه".

وفي هذا السياق، تلفت ديسينزو إلى أنّه "في المرحلة الراهنة، لا يمكننا الاعتماد على هذه المؤسسات لإنقاذنا. أعتقد أنّ على الباحثين والمهنيّين الصحيّين الاستلهام جماعياً من الناشطين"، مشيرةً إلى العمل الذي قامت به منظمات الدفاع عن الإجهاض والمثليّين على مدى عقود. ومن بين الأولويات التي ينبغي الدفاع عنها، الاستمرار في معاملة الجميع "بطريقة متساوية"، في الوقت الذي تهاجم فيه إدارة ترامب الأشخاص المتحوّلين جنسياً وغير الثنائيّين، بالإضافة إلى معارضتها الحقوق الإنجابية. وتلفت ديكينزو إلى أنّه "كما تعلمون، في الأوساط العلمية والأكاديمية، نحن أذكياء، وسوف نجد طرقاً أخرى لنشر المعلومات".

(فرانس برس)

المساهمون