رحلة المخاطر... أطفال في العراق يعبرون النهر للوصول إلى المدرسة
استمع إلى الملخص
- مطالبات ببناء جسر: الأهالي يناشدون الحكومة لإنشاء جسر بسيط ينقذ حياة الأطفال، لكن غياب التنفيذ يحول دون تحقيق هذا المطلب الضروري.
- رمز لفشل السياسات الخدمية: المشهد يعكس ضعف التخطيط الحكومي في تقديم الخدمات الأساسية، مما يزيد من المخاطر مع اقتراب موسم الأمطار وارتفاع مناسيب المياه.
في رحلة يومية لا تخلو من المخاطر، يركب تلاميذ قرية في محافظة ميسان، جنوبي العراق، النهر الذي يفصل بينهم وبين مدرستهم التي تقع على ضفته الثانية، في مشهد مؤلم يتجدد يومياً ووسط إهمال حكومي لإيجاد حل، تتصاعد التحذيرات من المخاطر والانتقادات لعدم وجود حل حكومي.
ونقلت محطات إخبارية محلية ومدونون على صفحات التواصل الاجتماعي، صوراً مؤثرة لأطفال قرية الجيازنة التابعة لقضاء المجر الكبير، لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات وهم يستقلون المشحوف (القارب الخشبي) في طريقهم إلى المدرسة، مؤكدة أن "هذه المعاناة يومية وأنهم يواجهون خطراً محدقاً، إذ قد تتحول أي موجة مائية أو رياح مفاجئة إلى حادث مأساوي يهدد حياة الصغار".
ولا يوجد طريق قريب يؤدي إلى المدرسة، إذ إن الطرق التي تمر بالقرية تحتاج إلى وقت طويل حتى تمر بالمدرسة، ما يضطر الأطفال إلى عبور النهر.
ووجه أهالي القرية، مناشدات متكررة إلى إدارة المحافظة والحكومة المركزية، لإنهاء معاناة أبنائهم التي طال أمدها، مؤكدين أن مشروعاً صغيراً لبناء جسر يمكن أن ينقذ حياة العشرات من الأطفال، إلا أن غياب التنفيذ حوله إلى مطلب مؤجل رغم بساطته وأهميته القصوى.
ولم يصدر عن الحكومة المحلية في ميسان أي تعليق على الملف، إلا أن مكتب النائب عن المحافظة، جاسم عطوان الموسوي، وبعد انتشار صور الأطفال، أكد أن النائب "خاطب فريق الجهد الخدمي والهندسي في محافظة ميسان، لغرض إنشاء جسر في المنطقة للتقليل من معاناة الأهالي وخصوصاً تلامذة المدارس، وتجنيبهم مخاطر العبور بواسطة القوارب".
ويصف أحد أهالي قضاء المجر، الرحلة بـ"رحلة الموت"، وقال الحاج علي الساعدي، لـ"العربي الجديد"، إن "أطفال قرية الجيازنة يخوضون كل يوم رحلة الموت للوصول إلى المدرسة، وإن الأهالي يعيشون قلقاً دائماً خشية أن يغرقوا في النهر في أي لحظة". مضيفاً، "طالبنا مراراً وتكراراً بإنشاء جسر مشاة بسيط، فالمسافة قصيرة والحل ممكن، لكننا لم نلمس أي استجابة حقيقية من الحكومة المحلية"، مبيناً أن "الوعود تتكرر في كل موسم دراسي، ومعها يتجدد الخوف ذاته بلا أي حل".
ناشطون في المحافظة أكدوا، أن "المشهد يعكس واقع القرى المنسية في معظم المحافظات"، وقال الناشط عن محافظة ميسان، محمد اللامي، لـ"العربي الجديد"، إن "المشحوف الذي كان رمزاً للتراث الشعبي في الجنوب العراقي، أصبح اليوم دليلاً على فشل السياسات الخدمية وضعف التخطيط الحكومي والعجز عن تقديم الخدمات". مضيفاً أن "القضية لا تتعلق بمجرد جسر، بل بفكرة غياب الخدمات في القرى بشكل شامل".
وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، علق ناشطون ومدونون على صور الأطفال، وقال الصحافي سلام العراقي، في تدوينة له على الفيس بوك، إن "تلاميذ قرية الجيازنة يواجهون صعوبات كبيرة أثناء ذهابهم إلى المدرسة حيث يضطرون إلى عبور النهر بواسطة القوارب"، مؤكدة أن "ذلك يعرضهم لمخاطر عديدة".
ومع اقتراب موسم الأمطار، تتزايد المخاوف من ارتفاع مناسيب المياه في النهر، الأمر الذي يجعل عبوره أكثر خطورة على حياة الأطفال، وسط أزمة تكشف ضعف التنسيق بين الحكومات المحلية والمركزية في معالجة الملفات الخدمية العاجلة، خصوصاً تلك المتعلقة بحقوق الأطفال والتعليم.