استمع إلى الملخص
- صحياً، ترفع العواصف درجات الحرارة وتقلل الرؤية، مما يزيد من الحوادث ومشاكل الجهاز التنفسي، خاصة بين الأطفال وكبار السن، بسبب الأتربة والمركبات الضارة.
- البنية التحتية تأثرت بشدة، حيث تسببت العواصف في انهيار أبراج نقل الطاقة وانقطاع الكهرباء، مما أثر على الحياة اليومية للسكان.
تستمر عواصف غبارية معروفة بـ"السَموم"، لليوم الثالث على التوالي، في ضرب المناطق الشرقية من سورية، وتشمل محافظات دير الزور والرقة والحسكة، انطلاقاً من البادية السورية، مخلّفةً أضراراً بشرية ومادية، إذ تسببت في مقتل شخصين على الأقل في الحسكة، وأسفرت عن عشرات حالات الاختناق والضيق في التنفس، فضلاً عن أضرار جسيمة في المزروعات، واقتلاع الأشجار، وتلف وتكسير ألواح الطاقة الشمسية المنزلية والزراعية.
وتصل سرعة رياح السموم أحياناً إلى أزيد من 100 كم/س، وتتسبب في ارتفاع حاد في درجات الحرارة، تصل إلى 40 درجة مئوية في بعض المناطق، كما تؤدي إلى انخفاض كبير في مدى الرؤية، وقد تنعدم كلياً أحياناً، ما يتسبب في وقوع حوادث سير مؤلمة. وقُتل سائق صهريج لنقل المحروقات وأصيب آخر، يوم الخميس، نتيجة تصادم صهريجيهما على طريق عام الحسكة ودير الزور بسبب انعدام الرؤية بفعل العاصفة الغبارية التي هبت على محافظة الحسكة. كما قُتل الطفل علي حمد الشبوط، البالغ من العمر ثماني سنوات، وأصيب ثلاثة آخرون نتيجة انهيار جدار منزل قيد الإنشاء في حي الزهور جنوبي مدينة الحسكة. وأدت العاصفة أيضاً إلى تدهور عدد من السيارات، واقتلاع الأشجار في مناطق متعددة من المحافظة.
في السياق نفسه، تُوفي شاب يبلغ من العمر 17 عاماً، مساء الثلاثاء الماضي، في مدينة القامشلي، متأثراً بإصاباته جراء سقوط جدار بجانبه بعد أن تعرّضت المدينة لعاصفة هوائية وغبارية استمرت نحو نصف ساعة.
وقال يوسف يعقوب، المدير الإداري في المشفى التخصصي بالقامشلي، لـ"العربي الجديد": "حاول الفريق الطبي تقديم الإسعافات الأولية للشاب، لكنه فارق الحياة عند وصوله إلى المشفى". وكان الشاب يعمل ضمن ورشة بناء، وسقط عليه جدار حديث البناء أثناء العاصفة. وأوضحت رانيا جمعة، ربة منزل من القامشلي، لـ"العربي الجديد": "ابني البالغ من العمر سبع سنوات يعاني من نوبات ربو وضيق في التنفس. ومع هبوب العاصفة الغبارية ودخول كميات كبيرة من الغبار والأتربة عبر الفتحات والمنافذ في المنزل، ساءت حالته، ما اضطرني لإسعافه إلى المشفى، رغم قيامي بغسل الشرفات والغرف، لكن قلة المياه لم تسعفني كثيراً في اتخاذ إجراءات أكثر فعالية، بسبب استمرار العاصفة أياماً متواصلة".
من جانبه، أكد بختيار أحمد من قرية "مستو هندي" في ريف عامودا، شمال الحسكة، لـ "العربي الجديد"، انّ العاصفة تسببت في أضرار كبيرة لسكان القرية، خاصة الأشجار وأعمدة الكهرباء والمنازل وألواح الطاقة الشمسية، تقدر قيمتها بآلاف الدولارات. من جهته، تحدث الطبيب وسيم عثمان لـ"العربي الجديد" عن آثار الغبار والأتربة المصاحبة للعاصفة قائلاً: "تؤدي هذه الأتربة إلى أضرار على صحة الإنسان، مثل أمراض الحساسية، وتهيّج الجهاز التنفسي، وسيلان وانسداد الأنف، وبحة الصوت، وضيق التنفس، والسعال، والتهاب العينين، والرمد الربيعي، فضلاً عن زيادة أعراض الحساسية لدى مرضى الربو. وتزداد الحالات الطارئة خلال فترات هبوب هذه الرياح، خاصةً بين الأطفال وكبار السن".
وأضاف عثمان: "تحمل رياح السموم، إلى جانب الأتربة والرمال، مركبات الرصاص والعديد من الميكروبات، إضافة إلى سموم البكتيريا التي تتغذى عليها حشرات الفراش. وعند تفكك هذه البكتيريا في الهواء، تنتشر جزيئاتها الصغيرة وتتطاير، ليتنفسها الإنسان، مسببة له التهابات في الشعب الهوائية والرئتين، وحساسية في الصدر". وأوضح أن هذه الرياح تضر أيضاً بالنباتات، إذ تمزق أوراقها، وتؤدي إلى نضج ثمارها بشكل أسرع، وتعرضها لأمراض مثل الإصابة بحشرة العنكبوت الأحمر.
وختم عثمان حديثه بالإشارة إلى سبل الوقاية من آثار رياح السموم، من بينها تجنّب الخروج من المنزل، ووضع قطعة قماش مبللة على الأنف لتصفية الهواء من الغبار، وتناول كميات كبيرة من المياه والسوائل الغنية بفيتامين C، لما له من دور في تقوية المناعة ومقاومة ملوثات الهواء بفضل خصائصه المضادة للأكسدة.
انقطاع وتضرر الشبكة الكهربائية
وتعرضت شبكة الكهرباء في الحسكة وريفها وأبراجها لأضرار جسيمة، الخميس، بسبب العاصفة الغبارية التي ضربت منطقة الجزيرة وشرق سورية بالكامل. وقالت هيئة الطاقة التابعة للإدارة الذاتية في منشور لها على صفحتها الرسمية في "فيسبوك" إن العاصفة الغبارية الشديدة التي اجتاحت مناطق شمال وشرق سورية مؤخراً، وخاصة مدينة الحسكة وريفها، تسببت في أضرار كبيرة طاولت البنية التحتية لقطاع الكهرباء بالجزيرة، إذ أدى تأثيرها المباشر إلى حدوث فصل في الخط السادس المغذي الرئيسي لمحطات الكهرباء بالجزيرة. وأوضحت أن السبب يعود إلى انهيار ثلاثة أبراج لنقل الطاقة الكهربائية، تقع على بعد نحو 25 كيلومتراً غرب مدينة الحسكة، نتيجة شدة الرياح وارتفاع كثافة العاصفة الترابية في المنطقة، مشيرة إلى توقف جميع محطات الكهرباء في الجزيرة عن العمل، إذ كانت تعتمد كلياً في تغذيتها خلال الفترة الماضية على الكهرباء الواردة من سد الفرات.