ليبيا.. 230 إصابة بالعيون خلال العيد بسبب "مسدسات الخرز"
استمع إلى الملخص
- تعود مشكلة إصابات "مسدسات الخرز" إلى سنوات سابقة، حيث استقبل مستشفى العيون في طرابلس 400 حالة في عيد الفطر 2023، مما يشير إلى تجدد الظاهرة سنويًا دون حلول جذرية.
- يحذر الأطباء من مضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى فقدان البصر، مشددين على ضرورة منع تداول هذه الألعاب وتكثيف الحملات التوعوية للأهالي والمدارس.
أعلنت مستشفيات ليبية في مدن عدّة تسجيل نسبة إصابات كبيرة بين الأطفال خلال أيام عيد الفطر الثلاثة، بسبب "مسدسات الخرز"، أدى بعضها إلى فقدان البصر. وتشير البيانات الرسمية الصادرة عن مستشفيات حكومية إلى تسجيل أكثر من 230 إصابة في أربع مدن ليبية خلال ثلاثة أيام فقط، بينما يرى بعض الأطباء أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى بسبب توجه بعض الأهالي إلى العيادات الخاصة.
وفي العاصمة طرابلس، أعلن مستشفى العيون الحكومي وصول أكثر من 60 حالة إصابة بالعين خلال أيام العيد الثلاثة، راوحت ما بين البسيطة والمتوسطة. وتعرضت بعض الحالات لنزف داخلي ومضاعفات. كذلك أعلن مستشفى ابن سينا التعليمي في مدينة سرت وسط شمال البلاد، تسجيل 26 حالة إصابة، بينما استقبل مركز سبها الطبي (جنوبي البلاد)، 63 إصابة، منها حالتان استدعتا تدخلاً جراحياً عاجلاً.
أما في أجدابيا، شرقي البلاد، فقد بلغ عدد الإصابات في مستشفى الشهيد إمحمد المقريف 85 حالة، تفاوتت ما بين المتوسطة والبليغة، مع دخول أربع حالات المستشفى بسبب تعرضها لنزف، فضلاً عن التعرض لتلف في شبكية العين.
ويتجاوز إجمالي الحالات المعلنة في المدن الأربع 230 إصابة، وهو رقم يسلّط الضوء على حجم المخاطر التي تسببها هذه الألعاب التي لا تزال تباع في الأسواق والمحال وعلى الأرصفة من دون رقابة فعالة.
هذه الإصابات المتكررة لفتت الانتباه إلى أن المشكلة ليست جديدة، بل هي امتداد لأزمة سبق أن تفاقمت خلال الأعوام الماضية. خلال أيام عيد الفطر 2023، أعلن مستشفى العيون في طرابلس وحده استقبال 400 حالة إصابة في العين بسبب مسدسات الخرز، ما يشير إلى أن الظاهرة تتجدد سنوياً من دون وجود حلول جذرية لمنع هذه الألعاب أو الحد من انتشارها، وإن كانت أرقام العام الحالي تكشف عن انخفاض نسبي في عدد الإصابات.
إلى ذلك، يُعرب رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، محمد بعيو، عن قلقه جراء استمرار بيع هذه الألعاب الخطرة، معتبراً إياها "أدوات تسبب الأذى الشديد الجسدي والنفسي". ويؤكد في بيان نشره على صفحته على موقع "فيسبوك"، أن هذه الألعاب "تسببت ولا تزال في خسارة أطفال كثيرين لبصرهم أو تعرضهم للإصابة في عيونهم". وينتقد التجار الذين يستوردون ويبيعون هذه الألعاب بهدف التربح، رغم معرفتهم بمخاطرها على صحة الأطفال، لافتاً إلى أن ما يحدث هو "استهتار بحياة الأجيال". ولم يكتفِ بعيو بانتقاد التجار، بل ألقى بالمسؤولية أيضاً على عاتق الأهالي الذين سمحوا لأطفالهم باستخدام هذه الألعاب أو اشتروها لهم من دون إدراك لعواقبها، داعياً إلى تكثيف الحملات التوعوية وتشديد الرقابة على الأسواق.
من جهته، يوضح طبيب العيون في مستشفى طرابلس، خالد المريّض، أن الإصابات المسجلة هذا العام راوحت ما بين إصابات سطحية في شبكية العين ونزف داخلي، مع وجود حالات نادرة بلغت درجة فقدان البصر. ويشير في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن الأرقام المعلنة صدرت عن مستشفيات حكومية، لافتاً إلى أن بعض الأهالي يلجأون إلى العيادات الخاصة لإسعاف أطفالهم بسبب قرب المسافة، أو بحثاً عن علاج جيد قد لا يتوفر في المستشفيات الحكومية.
ويحذّر المريّض من أن بعض الإصابات، خصوصاً تلك التي تتضمن نزفاً في الحجرة الأمامية للعين أو تلفاً في الشبكية، قد تؤدي إلى مضاعفات طويلة الأمد، بما في ذلك فقدان جزئي أو كلي للبصر إذا لم تُعالج بشكل فوري وفعال.
ويشدّد على ضرورة قيام الجهات المسؤولة عن مراقبة الأسواق واستيراد الألعاب بدورها في منع تداول هذه المسدسات، مؤكداً أن الحل لا يكمن في العلاج الطبي وحده، بل في منع المصدر الرئيسي للخطر.
يضيف أن الحملات التوعوية يجب أن تستهدف الأهالي والمدارس، لتوضيح مدى خطورة ما يبدو لهم مجرد "لعبة عادية"، علماً أنها في الواقع قد تغير حياتهم إلى الأبد. ويشير إلى أن بعض الحالات التي عاينها تعود لأطفال لم تتجاوز أعمارهم عشر سنوات، ما يضاعف المأساة إذا لازمتهم الأضرار سنوات طويلة.