استمع إلى الملخص
- حققت جهود الأردن في مكافحة المخدرات نتائج ملموسة، حيث تم تفكيك شبكات دولية واعتقال مهربين، وضبط كميات كبيرة من المخدرات، مما يعكس الجهود لحماية المجتمع.
- تبقى الأجهزة الأمنية الأردنية يقظة في مواجهة التهريب، مع التركيز على التعاون الإقليمي والدولي، في ظل التغيرات السياسية في سورية واستمرار المراقبة لمواجهة التهديدات المحتملة.
تؤكد القيادة السورية الجديدة عزمها على إنهاء التهديدات التي كانت تطاول أمن الأردن وعلى رأسها تهريب المخدرات عبر الحدود بين البلدين
منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تعاملت قوات حرس الحدود الأردنية مرة واحدة مع مهربي مخدرات، وقتلت عدداً منهم ودمّرت آلياتهم، في حين كانت العمليات السابقة كثيفة ومتكررة، إذ تشهد الحدود الأردنية مع سورية التي تمتد 375 كيلومتراً منذ سنوات محاولات متكررة لتهريب المخدرات، خصوصاً حبوب الكبتاغون، التي تحوّلت سورية إلى مركز رئيسي لإنتاجها وتصديرها.
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال لقائه نظيره السوري أسعد الشيباني في 7 يناير/ كانون الثاني الجاري في العاصمة عمان، إن مكافحة تهريب المخدرات يعتبر تحدياً للأردن وسورية معاً، وسيواجهانه عبر تنسيق ميداني وسياسي كاملين، ولن تنتهي الأمور بين يوم وضحاها.
بدوره، تعهّد الشيباني بألا يشكل تهريب المخدرات تهديداً للأردن مجدداً في ظل الإدارة الجديدة، وبتعاون البلدين لمكافحة تهريب المخدرات والأسلحة.
وأعلن مدير إدارة مكافحة المخدرات في الأردن، العميد حسان القضاة، تفكيك شبكات تهريب دولية واعتقال مهربين متورطين بعصابات دولية وعدد كبير من التجار والمروجين خلال عام 2024، وأوضح أن الإدارة تعاملت مع 25,260 قضية تورط فيها 38,782 شخصاً، وشملت تعاطي المخدرات وقضايا الترويج والاتجار بالمواد المخدرة، وأعلن ضبط 27 مليوناً ونصف المليون حبة كبتاغون، و3 آلاف كيلوغرام حشيش، و262 كيلوغراماً من الماريجوانا، و62 كيلوغراماً من الكريستال، و33 كيلوغراماً من الحشيش الصناعي و11 كيلوغراماً من بودرة الجوكر، و13.5 كيلوغراماً من الهيروين، و2,9 كيلوغرام من مادة الكوكايين.
ويقول رئيس التحالف الوطني لتعزيز مكافحة المخدرات في الأردن المدير السابق لإدارة مكافحة المخدرات، اللواء المتقاعد طايل المجالي، لـ"العربي الجديد": "انتهى تهريب المخدرات برعاية رسمية من سورية إلى الأردن، لكن مجموعات تواصل محاولات التهريب، وتؤكد معلوماتنا الاستخبارية السابقة وجود مصانع كثيرة لإنتاج المخدرات في سورية، لكننا نتوقع أن يصبح التهريب على مستوى أفراد ومجموعات صغيرة، ما يسهل تعامل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية مع العصابات".
ويشير المجالي إلى أن "الأدلة واضحة على تهريب النظام السابق المخدرات إلى الأردن، فاستخدام المسيرات وصواريخ محددة وأنواع متفجرات لا تملكها إلا الجيوش، كما أن بعض المجموعات التي كانت تهرب المخدرات كان يصل عدد أفرادها إلى 150 شخصاً أحياناً، وبعض الأشخاص الذين اعتقلوا قالوا إن جهات عسكرية رسمية تقف خلفهم، ما يؤكد دقة الاتهامات الأردنية بوقوف جهات رسمية خلف تهريب المخدرات إلى الأردن. أكدت القيادة الجديدة في سورية التزامها بمواجهة تهريب المخدرات، ويمكن القول إن تهريب المخدرات سيخف كثيراً، وجرت ملاحظة مؤشرات لذلك في الفترة الأخيرة، والجيش الأردني سيتصدى لأي عمليات".
يضيف المجالي: "شهدت المنطقة الجنوبية في الفترة الأخيرة عمليات تهريب، وجرى إسقاط أكثر من عشر طائرات مسيّرة، وهناك احتمالان لتهريب المخدرات، إذ يمكن أن تكون من إسرائيل أو من منطقة سيناء، فإسرائيل تريد الشر للأردن، لكن حتى الآن لم تجزم الأمور بشأن من يقف خلف هذه العمليات. لا توجد صناعة مخدرات في الأردن، وجرى وأد بعض المحاولات في مهدها، أما زراعة المخدرات بشكل تجاري فغير موجودة، وغالبية الحالات التي ضبطت كانت محاولات شخصية محدودة بمنظورها العام".
وعن آثار نقص المخدرات على المتعاطين، يرى المجالي أن "قانون المخدرات والمؤثرات العقلية فيه نوع من المرونة، فعلى سبيل المثال من يطلب العلاج يقدم له مجاناً، وهناك مراكز علاجية، أحدها تابع للأمن العام وآخر لوزارة الصحة الأردنية، إضافة إلى مركز في القطاع الخاص، ويستطيع الجميع مراجعتها من دون تبعات، خاصة أنها حققت نتائج جيدة. أنصح الأهالي بمتابعة أبنائهم، والتواصل مع الأجهزة الأمنية إذا لاحظوا شيئاً عليهم، كما أن جهود الأردن لا تقتصر على حماية المواطنين، إذ إنها حدّت من وصول المواد المخدرة إلى دول عربية في الخليج".
من جهته، يقول الخبير في القضايا الأمنية فراس الطلافحة لـ"العربي الجديد": "يعلم الجميع أن سورية كانت خلال فترة حكم بشار الأسد، خصوصاً بعد عام 2011، مركزاً لصناعة وتجارة وتهريب المخدرات في المنطقة، وأن دول الجوار تأثرت بذلك، خصوصاً الأردن الأكثر قرباً إليها. وبعد سقوط النظام السابق، شاهدنا عبر فيديوهات الأعداد الكبيرة لمصانع المخدرات، خصوصاً الكبتاغون، ما يدل على أن هذه المصانع كانت تنتج المخدرات، وتدار من خلال أجهزة الدولة الرسمية، وبرعاية حكومية من أعلى المستويات".
يتابع: "حتى الآن لا تزال الرؤية ضبابية في ما يخص هذه المرحلة، وانتقال الحكم وسقوط النظام السابق، ومن المبكر جداً التفاؤل بالقضاء على عصابات تهريب المخدرات، أو التخوف من زيادتها، وذلك لأن ملامح المرحلة لم تتضح بعد، ولا أحد يستطيع أن يتكهن بما سيحدث في المستقبل القريب، لكن من المؤكد والضروري مواصلة الحذر واليقظة ومتابعة التحركات ورصدها من قبل الجيش الأردني، والتي تنفذها العصابات لمواصلة نشاطاتها".
يضيف: "لا أعتقد بأنه في حال ضبط الحدود ومنع المخدرات من الوصول إلى الأردن نهائياً في المستقبل سيزرع تجار نباتات لصنع مخدرات لأن الأجهزة الأمنية الأردنية قوية جداً في متابعة هذا الأمر والتصدي له، كما لا توجد مساحات مخفية عن أعينها. أيضاً لا توجد مصانع للمخدرات في الأردن، وشاهدنا وسمعنا من خلال وسائل إعلام عن حالات خجولة لزراعة المخدرات كانت تضبطها الأجهزة الأمنية".
ويشير إلى أنه "في الأشهر الأخيرة من العام الماضي زادت عمليات تهريب المخدرات من جنوب إسرائيل إلى جنوب المملكة، باستخدام مسيّرات، وهذا تطور ملحوظ يحتاج إلى مراجعة، وإنشاء وإطلاق أكثر من تساؤل لفتح باب الشك باحتمالات كثيرة وتورط أشخاص في ذلك، وأعتقد بأن الهدف من ذلك هو محاولة النيل من الأمن الوطني الأردني، وإضعافه داخلياً من خلال إغراقه بالمخدرات التي توازي بمفعولها وتأثيرها على المدى البعيد تأثير الأسلحة الفتاكة".