Skip to main content
مصر: فرح منقوص بالعيد حزناً على غزة
عبد الكريم سليم ــ القاهرة
من ساحات عيد الفطر في مصر، 10 إبريل 2024 (العربي الجديد)

شعر مؤنس، وهو معلم رياضيات من العريش، شمال شرقي مصر، بغصة لدى محاولته نشر السعادة بين أفراد عائلته في عيد الفطر، فجميعهم يتابعون بحزن، كما عادتهم منذ نحو نصف عام، أخبار الدم والدمار في غزة، وهم كانوا ينتظرون خبر نجاح هدنة في العيد قد تعيد الابتسامات إلى وجوه الفلسطينيين، وبعدهم المصريين الذين تعايشوا مع محنة غزة بعجز عن فعل أي شيء. وفيما أفشلت الأنباء الدامية القادمة من غزة محاولات صنع بهجة عابرة، ذهب أفراد أسرة مؤنس لأداء صلاة العيد مرتدين كوفيات وحاملين الأعلام الفلسطينية، وانضموا إلى حشود ضمت مئات الأشخاص الذين توجهوا إلى الصلاة سيراً على الأقدام.

وقال مؤنس لـ"العربي الجديد": "تمنينا لو أكملنا الزحف إلى غزة بهذه الحشود الضخمة، خصوصاً أن تكبيرات العيد بثت الحماسة، وترافقت مع وعود النصر لعباد الله الصادقين، والعزة لجنوده المجاهدين". ومن المعتاد في مصر أن تمتد طقوس عيد الفطر طوال أيامه الثلاثة، لكن أحداث غزة حلّت ثقيلة على نفوس غالبية الناس الذين شعروا بغصة منعتهم من الاحتفال كما يجب. هذه كانت حال إبراهيم، وهو محاسب من القاهرة، خلال نظره إلى أبنائه الثلاثة الصغار الفرحين بالعيد وارتداء ألبسة جديدة، وأيضاً إلى شاشة هاتفه الخليوي، حيث قرأ رد فعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية على استشهاد أبنائه الثلاثة في القصف الإسرائيلي لغزة. 

وقال إبراهيم لـ"العربي الجديد": "تحطم قلبي على هنية. فشلت كل محاولاتي لمقاومة الحزن، وتفادي تسلله إلى أفراد أسرتي في هذا اليوم تحديداً". وتذكّر عيد العام الماضي، حين قصد متنزهات في القاهرة المزدحمة بعد صلاة العيد، وارتدى أطفاله أجمل الملابس، وقال: "لم يبقَ من طقوس العيد إلا تبادل الزيارات مع الأهل".

الصورة
من ساحات عيد الفطر في مصر (العربي الجديد)

ورغم محاولة حمادة عماد إدخال البهجة إلى قلوب أفراد أسرته بالعيديات وشراء الملابس الجديدة والكعك، وذلك خلال إجازته التي أمضاها في بلدته بأسيوط (جنوب)، بعد عودته من السعودية، فوجئ برد فعل أولاده الذين طالبوه بأن يتبرع لغزة بالمبلغ الذي سينفقه لشراء ملابس وحلويات وكعك لهم، ووصف شعوره تجاه رد فعل أبنائه بالقول: "كان هذا أجمل عيد مرّ علي على صعيد سلوك أبنائي الذي فاجأني وأسعدني".

وحضرت أعلام فلسطين في عدد من الساحات التي احتضنت صلاة العيد في مناطق بالقاهرة والأقاليم، ودعا أئمة وخطباء لفلسطين وغزة، بينما احتلت جريمة قتل أبناء إسماعيل هنية جانباً من أحاديث المصريين خلال الزيارات العائلية. وقالت هناء رمضان، وهي ربة منزل، لـ"العربي الجديد": "لم تخلُ زيارات أسرتي للأقارب أو زيارتهم لنا من الحديث عمّا يجري في غزة، خصوصاً جريمة قتل أبناء هنية التي كشفت أنهم كانوا موجودين في غزة ولم يغادروها إلى أوروبا، كما زعم نشطاء يكرهون فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي". وأضافت: "لمست أن كثيرين في محافظة القليوبية (شمال)، يصمتون عن الاحتفال بالعيد احتراماً لحزن جار في حال حداد، وهذا كان شعور كثيرين بشأن ما يجري في غزة". 

كما مزج نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تهاني العيد بعبارات التعاطف مع غزة والدعاء لها، فيما اعتبر كثيرون أن الفيديو الذي نشرته المقاومة لكمين الزنة هو عيدية المقاومة للمسلمين في أنحاء العالم، مؤكدين أنها مسحت عنهم بعض أحزانهم، وأدخلتهم العيد ببعض الفرح. ونظمت مؤسسات وجمعيات خيرية نشاطات لمشاركة بهجة العيد مع فلسطينيين نزحوا إلى مدن قريبة، مثل بور سعيد والعريش، من أجل التخفيف عنهم، وشهدت بعضها توزيع ملابس جديدة وألعاب وكعك العيد على الأسر الفلسطينية على نغمات أنشودة "أنا دمي فلسطيني".