"مطبخ العيلة" و"جهد النساء"... مشاريع صغيرة تُعيد بهجة العيد للسوريين

29 مارس 2025   |  آخر تحديث: 14:18 (توقيت القدس)
لا تكتمل فرحة عيد الفطر إلا بتجهيز الحلويات وإحياء العادات، مارس 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في ظل التحديات الاقتصادية في سوريا، يُعتبر إعداد الحلويات جزءاً أساسياً من احتفالات عيد الفطر، حيث يساهم في إدخال الفرح إلى المنازل رغم انخفاض القدرة الشرائية.

- مشاريع الحلويات المنزلية أصبحت مصدراً اقتصادياً مهماً، حيث تساهم في تخفيف البطالة ودعم الأسر الفقيرة، مع انخفاض أسعارها مقارنة بالعام الماضي، مما يجعلها بديلاً مفضلاً عن الحلويات الجاهزة.

- تواجه صناعة الحلويات تحديات مثل انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار الغاز، ورغم ذلك، تبقى الحلويات المنزلية رمزاً للتحدي والأمل، محافظةً على تقاليد العيد.

يأتي صوت طرق قوالب المعمول المصنوعة من الخشب مترافقاً مع غناء النسوة وضحكاتهن، ليخلق تناغماً خاصاً يسبق حلول عيد الفطر في سورية. وسط رائحة الحلويات التي تفوح في الأزقة والبيوت، يستعد السوريون للاحتفال بالعيد، بالرغم من التحديات الاقتصادية التي تفرض نفسها على حياتهم اليومية.

تروي هبة الجابر، صاحبة مشروع "مطبخ العيلة"، عن نشاط عملها قبل العيد قائلة لـ"العربي الجديد": "بالرغم من الظروف الصعبة، يحرص الجميع على إدخال الفرح إلى منازلهم، من شراء ثياب الأطفال إلى تجهيز الحلويات". مشروع هبة، الذي تديره مع زوجها وأخواتها في منطقة قدسيا الواقعة في محافظة ريف دمشق، يُقدّم أصنافاً متعددة من الحلويات المنزلية، مثل القراص والبيتفور والمعمول. تؤكد هبة أن طقوس إعداد الحلويات تبقى جزءا لا يتجزأ من الأعياد، وتقول: "نحن فقط من يستطيع أن يجعل حياتنا سعيدة أو حزينة".

طقوس إعداد الحلويات تبقى جزءا من العيد، مارس 2025 (العربي الجديد)
طقوس إعداد الحلويات تبقى جزءاً من العيد، مارس 2025 (العربي الجديد)

تتنوع حشوات المعمول بين الفستق الحلبي والجوز والعجوة وجوز الهند واللوز والكاجو، وتشهد أيام العيد طلبا مرتفعا على معمول العجوة والفستق الحلبي، وتختلف النقشات والقوالب حسب كل نكهة.

أما سامر خلف، زوج هبة، فيُعلق بأن انخفاض القدرة الشرائية أدى إلى زيادة توجه العائلات لتحضير الحلويات في المنزل، حيث يُمكن لربة المنزل إعداد كميات كافية بتكلفة أقل. ورغم الظروف الاقتصادية، يحتفظ المعمول بمكانته أحدَ أبرز رموز العيد. فهو ليس مجرد حلوى، بل جزء من ذاكرة جماعية تسكن قلوب السوريين، في إشارة إلى عراقة طقوس الأعياد التي تستمر عبر الأجيال.

يحتفظ المعمول بمكانته كأحد أبرز رموز العيد، مارس 2025 (العربي الجديد)
يحتفظ المعمول بمكانته أحدَ أبرز رموز العيد، مارس 2025 (العربي الجديد)

مصدر اقتصادي 

في مطبخها المتواضع، تقضي سامية الصالح الستينية مع بناتها ما يزيد عن عشر ساعات يوميا، تُعد خلالها طلبات الزبائن المتزايدة مع اقتراب عيد الفطر. سامية، التي أطلقت مشروعها لتحضير الحلويات المنزلية، تقول لـ"العربي الجديد": "هذا المشروع أصبح من أهم المصادر الاقتصادية المنزلية، يساهم في تخفيف البطالة ويساند الأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل في تلبية احتياجاتها المعيشية".

تنشط مشاريع تحضير الحلويات المنزلية قبل العيد، مارس 2025 (العربي الجديد)
تنشط مشاريع تحضير الحلويات المنزلية قبل العيد، مارس 2025 (العربي الجديد)

تسلّط صاحبة المشروع الضوء على التفاوت الكبير لأسعار الحلويات المنزلية بين عام 2025- 2024، مشيرةً إلى انخفاض ملحوظ في تكلفة التحضير المنزلية مقارنةً بالعام الماضي. تقول سامية :"يبلغ سعر كيلو المعمول بالتمر المصنوع منزليا نحو 50 ألف ليرة سورية، في حين كانت تكلفته في العام الماضي تصل إلى 150 ألف ليرة، أما كيلو المعمول بالفستق الحلبي فيكلف 223 ألف ليرة، مقارنةً بـ335 ألف ليرة العام الماضي، بينما تراجع سعر كيلو المعمول المحشو بالجوز من 155 ألف ليرة إلى 118 ألف ليرة حاليا".

"قبل الحرب، كنا نشتري حلويات العيد من سوق الميدان الشهير بدمشق، أما اليوم ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية، أصبح من الصعب على الأسر محدودة الدخل شراء الحلويات الجاهزة"، تضيف سامية بحزن، مشيرة إلى أن العديد من العائلات تعتمد اليوم على الحلويات المنزلية لتلبية حاجتها.

تعتمد عائلات على الحلويات المنزلية لتلبية حاجتها (العربي الجديد)
تعتمد عدة عائلات على الحلويات المنزلية لتلبية حاجتها، مارس 2025 (العربي الجديد)

مشروع سامية لا يُعد مصدر دخل فحسب، بل يعيد الحياة إلى تقاليد عريقة، إذ تُجهز المعمول المحشو بالتمر والجوز والمعجون بالسمن بنقوش جميلة تُحاكي ذاكرة العيد، ليكون بذلك رمزا للتحدي والأمل في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها السوريون.

انخفاض 25% 

شهدت أسعار الحلويات في سورية انخفاضاً ملحوظاً بمعدل 25% مقارنة بالعام الماضي، وفقا لما كشف عنه رئيس الجمعية الحرفية للحلويات بسام قلعجي. وأوضح قلعجي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن هذا التراجع يعود بشكل رئيسي إلى انخفاض أسعار المواد الأولية، مثل السكر والجوز والطحين، حيث بلغ سعر كيلو السكر 7 آلاف ليرة بعد أن كان 19 ألفا، فيما تراجعت أسعار الجوز من 200 ألف إلى 65 ألف ليرة، بالإضافة إلى انخفاض أسعار الطحين والسمنة بنسب تراوحت بين 30% و40%. كما انخفضت تكلفة مستلزمات التغليف بنحو 35%.

لا تكتمل فرحة العيد إلا بتحضير حلويات متنوعة، مارس 2025 (العربي الجديد)
لا تكتمل فرحة العيد إلا بتحضير أصناف متنوعة من الحلويات، مارس 2025 (العربي الجديد)

ورغم هذا التراجع، تُعتبر أجور اليد العاملة العامل الأساسي في تحديد الأسعار، حيث يصل راتب العامل إلى 50 ألف ليرة يوميا، والبعض وصل راتبه اليومي إلى 250 ألف ليرة سورية. وأشار قلعجي إلى أن أسعار الحلويات تختلف حسب نوع المكونات المستخدمة، فعلى سبيل المثال، سجل سعر كيلو البقلاوة الفاخرة 280 ألف ليرة، في حين يتراوح سعر الكيلو في سوق الميدان بدمشق بين 170 ألفا و200 ألف ليرة، وفي أسواق ريف دمشق بين 170 ألفا و180 ألف ليرة، أما المعمول المحشو بالجوز، فسجل سعره 140 ألف ليرة، بينما تراوحت أسعار الهريسة بين 75 ألفا و80 ألف ليرة، والبرازق والغريبة عند 65 ألف ليرة للكيلو الواحد.

ورغم الانخفاض في أسعار الحلويات، لا يزال انقطاع التيار الكهربائي وغلاء سعر الغاز يُشكّلان تحديا كبيرا لصناعة معمول العيد في سورية، ما يزيد من صعوبة تحضير الحلويات بكميات كبيرة لتلبية الطلب في الأسواق.

 

المساهمون