مقيمو بريطانيا ينتظرون تأشيرات السفر كالأجانب

27 ابريل 2025
العيش في بريطانيا لا يمنح امتيازات بالضرورة، 4 إبريل 2025 (كارل كورت/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه المقيمون الدائمون في المملكة المتحدة تحديات كبيرة في الحصول على تأشيرات السفر بسبب الوثائق المعقدة والرسوم الباهظة، مما يعيق حريتهم في التنقل مقارنة بالمواطنين البريطانيين.
- أطلقت شركة "أتليس" حملة توعوية وحلول تقنية مبتكرة، مثل أدوات الذكاء الاصطناعي ونظام التأهيل المسبق، لتسهيل عملية الحصول على التأشيرات وضمان استرداد الرسوم في حال التأخير أو الرفض.
- تتفاقم أزمة المقيمين غير البريطانيين بسبب تكاليف تجديد الإقامة ونظام التأشيرات الإلكترونية، مما يدعو الخبراء للمطالبة بإعادة النظر في سياسات الهجرة والسفر لتحقيق العدالة والمساواة.

في وقت ينعم المواطنون البريطانيون بحرية التنقل وحجز عطلات مفاجئة، يُواجه ملايين المقيمين الدائمين في المملكة المتحدة قيوداً بيروقراطية لمجرد أنهم لا يحملون جواز السفر البريطاني. وتُظهر تقديرات حديثة أن نحو 10 ملايين شخص، رغم سنوات إقامتهم الطويلة ومساهمتهم في الاقتصاد عبر الضرائب، يواجهون إجراءات شاقة عند التقدم بطلب تأشيرة سفر إلى دول الاتحاد الأوروبي أو غيرها.

وتتحوّل رحلة الحصول على تأشيرة إلى كابوس، في ظل كثرة الوثائق المطلوبة والرسوم الباهظة، تليها أسابيع من الانتظار للحصول على موعد، ثم فترة أخرى من الانتظار تصل إلى أشهر لاستكمال الإجراءات. هذه المعوقات تحول دون تمتعهم بحرية الحركة التي يعتبرها المواطنون البريطانيون أمراً مفروغاً منه، خاصة عندما يتعلق الأمر برحلات غير مخططة.  

وكان لافتاً أن تجول عربة تحمل نموذجاً عملاقاً لـ"جواز سفر ثقيل" في شوارع لندن، وقد توقفت في شارع أكسفورد وعند كاتدرائية سانت بول وغيرهما، في إطار حملة أطلقتها شركة التكنولوجيا الناشئة "أتليس" (ATLYS)، تهدف إلى تسليط الضوء على المعاناة اليومية للمقيمين غير البريطانيين، إذ يمثل جواز سفر العملاق العبء الذي يحمله هؤلاء بسبب جنسياتهم الأصلية، رغم كونهم جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والاقتصادي البريطاني.  

ويقول المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة، موهاك ناهاتا، لـ"العربي الجديد": "يواجه المتقدمون للحصول على التأشيرات نظاماً معقداً يتسم بتكرار الإجراءات وعدم وضوح المتطلبات، ما يتسبب في تأخير قد يمتد لأسابيع بسبب أخطاء بسيطة يمكن تجنبها. نحن في أتليس لا نسعى لإلغاء هذا النظام، بل تحسين تجربة التعامل معه من خلال تقديم حلول تقنية تزيد من الدقة وتقلل من الغموض السائد".

يضيف: "عملنا على تطوير أدوات ذكاء اصطناعي تساعد المتقدمين على تجنب الأخطاء الشائعة، كالصور غير المطابقة أو نقص المستندات. كما أنشأنا نظام التأهيل المسبق الذي يسمح للمستخدمين برفع وثائقهم الأساسية مرة واحدة لاستخدامها في أكثر من 100 نوع تأشيرة، بالإضافة إلى أداة تقييم احتمالية القبول التي تقدم تحليلاً فورياً لفرص الموافقة على الطلب".

جواز سفر بريطاني، 2 فبراير 2025 (مات كاردي/Getty)
جواز سفر بريطاني، 2 فبراير 2025 (مات كاردي/Getty)

ويوضح: "نهجنا لا يتخطى النظام الرسمي، بل يجعله أكثر سهولة في الاستخدام. صحيح أن نظام التأشيرات يعاني من نقاط ضعف مثل تعليمات غير واضحة ووثائق معقدة، لكن منصتنا تعمل على تبسيط هذه العملية من خلال توفير الشفافية والإرشاد الدقيق في كل خطوة. كما أن الميزات التي أضفناها مثل المسح الآلي لجوازات السفر والتحقق الفوري من الوثائق تقدم تجربة أكثر سلاسة للمستخدمين".

وعن الضمان الذي تقدمه الشركة، يوضح ناهاتا: "نضمن خدمتنا بمبدأ: في الوقت المحدد أو نتحمل الكلفة"، قائلاً إننا "نرد للمسافر كامل الرسوم في حال تأخرت التأشيرة أو رفضت، وهذا أمر نادر في قطاع معالجة التأشيرات. خلاصة القول إن أدواتنا مصممة لتمكين الأفراد من إتمام إجراءات السفر بثقة أكبر وسرعة أعلى، من دون المساس بالنظام القائم".

وتتعمق أزمة هؤلاء مع ما يصفه ناشطون حقوقيون بـ"نظام السفر ذي الطبقتين". ففي سبتمبر/ أيلول 2024، كشف تحقيق لصحيفة "ذا غارديان" أن مسار "العشر سنوات" الذي يفرض على الكثير من المهاجرين تجديد إقامتهم بشكل متكرر بتكاليف باهظة، يحمل صبغة تمييزية، إذ يثقل كاهل ذوي الدخل المحدود من خلفيات عرقية معينة، ويحول دون تحقيق الاستقرار المنشود.

الأرشيف
التحديثات الحية

وفي منعطف آخر أثار قلق المدافعين عن حقوق المهاجرين، بدأت الحكومة البريطانية استبدال بطاقات الإقامة البيومترية بنظام التأشيرات الإلكترونية (eVisas). ورغم المزاعم الرسمية بأن الخطوة تهدف إلى التحديث، إلا أن تقارير صحافية حذرت في يناير/ كانون الثاني الماضي من أن التحول الرقمي قد يترك كبار السن وغير المتقنين للتكنولوجيا في وضع هش، ويعرضهم لفقدان حقوق إقامتهم من دون وجود شبكة أمان كافية.  

في ظل هذه التطورات، يطالب خبراء وناشطون بإعادة نظر شاملة في سياسات الهجرة والسفر البريطانية، لتتوافق مع مبادئ العدالة والمساواة. ففي عصر أصبح فيه التنقل حقاً أساسياً والعمل عن بعد نمطاً شائعاً، لم يعد مقبولاً أن تظل حرية الحركة حكراً على حاملي جواز سفر بعينه، بينما يعاني آخرون من التمييز رغم سنوات من العطاء والاندماج في المجتمع. 

المساهمون