"منّا وفينا" حملة لترميم قرى السويداء ورهان على عودة الاستقرار

13 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 12:42 (توقيت القدس)
حملة "منّا وفينا" لترميم قرى السويداء، سورية، 12 أكتوبر 2025 (فيسبوك/محافظة السويداء)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أطلقت الحكومة السورية حملة "منّا وفينا" لترميم المدارس ودور العبادة والمنازل المتضررة في ريف السويداء، مع إعادة تأهيل شبكات الكهرباء والمياه والطرق، وسط انقسام حاد وانتقادات من السكان.

- أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع عن تخصيص صندوق لدعم الحملة، داعياً للوحدة الوطنية ومساهمة السوريين في الداخل والخارج، مع خطط لترميم 50 مدرسة و35 دار عبادة و15 كنيسة وتجهيز 20 ألف منزل.

- رغم الدعم، واجهت الحملة انتقادات لكونها "تجميلية" دون معالجة جذرية للمشاكل، مع دعوات لفتح معابر إنسانية ومنح الإدارة الذاتية، ضمن مبادرات وطنية لتعزيز التضامن.

في خطوة وصفتها الحكومة السورية بأنها "رسالة وحدة وطنية"، أُطلقت في بلدة الصورة الصغرى بريف السويداء، جنوبي سورية، حملة واسعة تحت شعار "منّا وفينا"، تستهدف ترميم المدارس ودور العبادة والمنازل المتضرّرة، وإعادة تأهيل شبكات الكهرباء والمياه والطرق، ولا سيّما في الريفين الغربي والشمالي اللذين شهدا تدهوراً كبيراً في الخدمات خلال الأشهر الماضية.

وتأتي هذه الحملة واحدةً من أكبر المبادرات المدنية والرسمية التي تُطلق في المحافظة، وواحدةً من المبادرات التي أطلقت في معظم المحافظات السورية بهدف جمع تبرعات للمساهمة بترميم البنى التحتية، إلّا أن مبادرة السويداء جاءت في وقت تشهد فيه المحافظة حالة انقسام حاد بعد موجة عنف شهدتها المنطقة في الأشهر الأخيرة، أسفرت عن سقوط مئات القتلى، ما تسبب في توترات مستمرة بين المحافظة والحكومة في دمشق. الأمر الذي عرض المبادرة لحملة انتقادات واسعة من بعض سكان المحافظة على وسائل التواصل الاجتماعي الذين وجدوا فيها تجميلاً لصورة الحكومة وللانتهاكات التي ارتكبت بحق الأهالي دون محاسبة مرتكبيها، كما اتهموا المشاركين بهذه الحملة بالمساهمة بالتضليل الذي تقوم به الحكومة اتّجاه المحافظة.

وخلال اجتماع حكومي، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع تخصيص صندوق لدعم الحملة عبر جمع التبرعات المالية والعينية لصالح مشاريع إعادة الإعمار المحلي في السويداء، وقال الشرع في كلمة بثّها الإعلام الرسمي: "ندعو السوريين في الداخل والخارج للمساهمة في دعم السويداء لإظهار اللحمة الوطنية الحقيقية. أبناء السويداء هم من حافظوا على الوحدة الوطنية في مراحل صعبة، وما زال هذا الشعور حاضراً لديهم"، وأضاف: "الجرح الذي أصاب السويداء يحتاج وقتاً ليلتئم، لكن هذا لا يعني أن تبقى خارج مسار إعادة بناء الوطن. المحافظة كانت وستبقى جزءاً أساسياً من النسيج الوطني السوري"، كما وجّه الشرع رسالة مباشرة إلى الأطراف التي تدعو إلى فصل السويداء عن سورية، مؤكداً أن "هذه الجهات لا تمثل أبناء المحافظة، وأن الحملة تمثّل رداً عملياً على هذه الدعوات".

"منّا وفينا" حملة تضامن مع السويداء

ومع انطلاق الحملة، أجرى الشرع، اتصالاً هاتفياً مع محافظ السويداء، مصطفى البكور، ومع وجهاء وشيوخ عشائر بمحافظتَي السويداء ودرعا، للتعبير عن دعمه لها. من جهته، قال محافظ السويداء مصطفى البكور لـ"العربي الجديد" إن الحملة "تأتي من مسؤوليتنا تجاه أبناء المحافظة وحرصاً على إعادة الحياة إلى المناطق التي تضررت"، مضيفاً "السويداء ليست على الهامش، بل في صلب اهتمام الدولة، وهذه المبادرة ليست رمزية فحسب، بل بدأت فعلياً على الأرض"، موضحاً أن "عملية الترميم تشمل المناطق والقرى التي استعادت الدولة السورية السيطرة عليها مؤخراً، ولن يجري التعامل مع الخارجين عن القانون"، مشيراً في الوقت نفسه إلى "وجود تنسيق محدود مع بعض المديريات الخدمية داخل مناطق لا تزال خارج السيطرة الكاملة، بهدف استمرار الخدمات الأساسية للسكان". ولفت إلى أن المشاريع تتضمن ترميم 50 مدرسة و35 دار عبادة للطائفة الدرزية و15 كنيسة، إلى جانب تجهيز 20 ألف منزل و40 بلدية، وتأهيل شبكات مياه وكهرباء، وشوارع وإنارة عامة، ومحطة "سميع" التي تغذي الريف الغربي والشمالي، وأشار إلى أن الحملة جمعت في ختام فعالياتها أكثر من 14 مليوناً و633 ألف دولار.

أما وزير الطوارئ والإدارة المحلية رائد الصالح فأوضح لـ"العربي الجديد" أن اسم الحملة "يعكس قناعة القائمين عليها بأن السويداء جزء لا يتجزأ من سورية، وأن ما يوحّد السوريين أقوى من أي خلاف"، وأضاف: "أهداف الحملة تشمل جمع التبرعات المادية والعينية لدعم المشاريع الخدمية والتنموية في المحافظة، إلى جانب تمكين الشباب السوري وإبراز دورهم في قيادة المبادرات الوطنية والإنسانية، ومدّ جسور الثقة بين أبناء السويداء وسائر المحافظات السورية". مبيناً أن خطة العمل في حملة "منّا وفينا" تتركز على ثلاثة قطاعات رئيسية، تبدأ من التعليم عبر دعم المدارس والمراكز التعليمية وتأمين المستلزمات الضرورية للطلاب والمعلمين، مروراً بالقطاع الصحي من خلال تزويد المستشفيات والمراكز الطبية بالأدوية والمعدات الأساسية التي تفتقر إليها المحافظة منذ سنوات، وصولاً إلى قطاع البنى التحتية الذي يشمل إعادة تأهيل شبكات المياه والكهرباء والطرقات، بهدف تحسين الواقع الخدمي وخلق بيئة مستقرة تشجّع على عودة الأهالي إلى مناطقهم.

في سياق متصل، قال الشيخ جميل التركي أبو عبد الله من عشائر محافظة السويداء لـ"العربي الجديد": "نحن أهل وجيران، لذلك علينا أن نعيد الأمن والاستقرار من أجل أولادنا. اليوم نحتاج إلى ترميم المنازل ومتابعة أوضاع المهجرين، فهناك مئات العائلات التي تضرّرت وتدمرت منازلها ولا تملك شيئاً. علينا جميعاً أن نتحمل المسؤولية ونتابع أمورهم". 

ورغم الزخم الرسمي والشعبي، لم تخلُ الحملة من انتقادات وتحفظات من جانب بعض الأهالي والناشطين المحليين، الذين رأوا فيها "حملة تجميل للواقع من دون معالجة جذرية للمشاكل السياسية والأمنية"، وقال الناشط المحلي خلدون شاهين لـ"العربي الجديد": "الترميم جيّد، لكن ما نحتاجه فعلياً هو الأمان والثقة، وإعادة التواصل الحقيقي مع الدولة بعيداً عن الحلول الترقيعية". وتزامن إطلاق الحملة مع بيان جديد للرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري، جدد فيه المطالبة بفتح معابر إنسانية ومنح أهالي المحافظة حق الإدارة الذاتية، مستخدماً مصطلح "جبل الباشان"، ذو الأصول التوراتية، وهو ما أثار جدلاً واسعاً، كما تأتي هذه الحملة ضمن سلسلة مبادرات وطنية شهدتها محافظات سورية أخرى مثل "فزعة منبج" و"الوفاء لإدلب" و"أبشري حوران"، في سياق محاولات رسمية وشعبية لترميم النسيج الاجتماعي وتعزيز التضامن الأهلي.

المساهمون