"عمو علوش"... حكاية مهرج فلسطيني يزرع البسمة في غزة

10 فبراير 2016
"عمو علوش" يقدم أحد عروضه للأطفال والكبار(عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
بخفة ومرح، يقفز المهرج الفلسطيني قصير القامة، علاء مقداد، من مدينة غزة، أمام الأطفال، بعد أن زين وجهه بألوان زاهية، ولبس باروكة ملونة، ليقدم لوحة من لوحات الدعم النفسي لأطفال قطاع غزة، الذي يحاصره الاحتلال الإسرائيلي منذ عشرة أعوام.
"عمو علوش" هو اسم الشهرة، الذي ينادي به أطفال غزة المهرج، علاء مقداد، 32 عاماً، الذي يقطن معسكر الشاطئ غرب مدينة غزة، صاحب الحضور اللافت في احتفالات الأطفال وأعيادهم ومناسباتهم، وقد ساعده في ذلك قصر قامته التي لا تتجاوز الـ 90 سنتيمتراً.
قصر القامة لم يكن العقبة، التي حالت بين "علوش" ومجتمعه، بل كان أحد أهم أسباب الإصرار والتحدي التي دفعته إلى مواجهة النظرات السلبية وكلمة "قزم"، ليوجِد لنفسه اسماً في محافل الأطفال، بعد أن نذر نفسه ووقته للترفيه عنهم ورسم البسمة على شفاههم.
"العربي الجديد" حلت ضيفة على المهرج "علوش"، الذي كان منسجماً برؤية صور الاحتفالات والفيديوهات الخاصة به، مع طفلته إيلين، التي بدت فخورة رغم حداثة سنها بوالدها خفيف الظل، عندما شاهدته محاطاً بالأطفال، وقد غمرتهم ابتسامة جماعية.
يقول لـ "العربي الجديد": شاركت منذ صغري في الإذاعة المدرسية وفي الاحتفالات والمسرحيات والأنشطة، التي كانت تعرض داخل المدرسة، إلى أن أنهيت الثانوية العامة سنة 1999، لأبدأ بعدها بالتفكير في التفرغ للعمل المسرحي، والعمل مع مؤسسات مجتمعية خاصة بالأطفال.
ويضيف "علوش": النظرة المجتمعية كانت سلبية للأشخاص قصيري القامة مثلنا، فجمعيات المعاقين كانت وما زالت تعتبرنا معاقي حركة، ونحن لسنا كذلك، إضافة إلى الأذى النفسي والجسدي، الذي كان يلحق بنا نتيجة استهزاء بعض الأطفال بقامتنا القصيرة.
ويشير إلى أنه يعرف ما لا يقل عن 70 شخصاً من ذوي القامة القصيرة في غزة، تسبب لهم النظرة المجتمعية أذى نفسيا، وحرجا من الخروج إلى الشارع ومشاركة الناس، نتيجة عدم وجود مسمى إعاقة يشخص حالتهم، مثل باقي الأشخاص غير الأسوياء، لذلك فكرت بتنظيم مبادرة للأشخاص قصار القامة، لكن الفكرة قوبلت بالرفض.
ويتابع دون أن يخفي ابتسامته، التي رافقت حديثه منذ البداية: "حاولت التغلب على كل هذه السلبيات من خلال عملي مع المؤسسات في المسرح والتهريج، إلى أن تحولت تلك النظرة، إلى نظرات إعجاب وحب وتقدير، فعندما أنتهي من العروض التي أقدمها، أفاجأ بأشخاص كانوا يستهزئون بي، وقد رسمت على ملامحهم علامات الفخر والإعجاب".
وتمكن مقداد من تحويل وجهة النظر تلك لقصيري القامة، مما عزز إيمانه بقدراته، ودفعه إلى تطوير أدائه المسرحي وحركات التهريج التي أصبح يجددها دوماً من خلال متابعة فرق التهريج على المستوى العالمي عن طريق الإنترنت، مؤكداً أنه يؤدي تلك الحركات ويمزجها بفكرة هادفة تفيد الأطفال.
ويشير "عمو المهرج" إلى أنه يحاول، من خلال عمله، تسليط الضوء على سلوك الأطفال، وحالتهم النفسية، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة، التي يمر بها قطاع غزة المحاصر، لافتاً الى أن النجاح الذي حققه أدى إلى تلاشي الشعور بالحرج، وقَلب النظرة السلبية، إلى إيجابية.
ويوضح أنه يعمل مع مجموعة فرق للترفيه عن الصغار، منها فريق غزة للسيرك، فرقة النمر الوردي، بسمة أمل، المروج، والتقاء للثقافة والفنون، مبيناً أنه قدم برنامج "نانا وفلفل" الذي تم بثه على قناة فلسطين الفضائية، لمناقشة العادات السلبية عند الأطفال، إلى جانب مشاركته في حلقات برامج الكاميرا الخفية.
ويضيف: "نقوم أنا وصديقي ماجد كلوب بفقرة (علوش وملوش) أو (الدكتور المهرج)، والتي نزور من خلالها مستشفيات قطاع غزة والتهريج للأطفال المرضى، لتخفيف الآلام عنهم، وتحويل أجواء الغرفة الكئيبة إلى مرح وسرور، علاوة على تغيير نظرة الأطفال للدكتور".
ويأمل "علوش"، الذي يعتبر التهريج مصدر رزقه الوحيد، أن يشارك في مختلف المحافل، وأن يساهم بتحسين حالة الأطفال النفسية، مضيفاً: "لدينا الكثير من المبادرات المجانية، والتي تهدف إلى الترفيه عن الأطفال، ومنها مبادرة (جمعة حلم)، التي ننفذها بعد عصر كل يوم جمعة في مختلف مناطق قطاع غزة".
المساهمون