أكثر من ثلاثة آلاف سجين في امتحان البكالوريا بالجزائر

30 مايو 2016
سجناء يخوضون امتحانات البكالوريا (فيسبوك)
+ الخط -
ربما تكون ثمناً للبراءة، أو جسر العبور نحو الفرج، إنها شهادة البكالوريا بالنسبة للسجناء في الجزائر، التي يطمح عشرات المساجين فيها لاجتياز امتحاناتها المصيرية.

عمار، ذو 27 ربيعاً، لم يكن يعرف طعم النوم ولا الحياة سوى اليوم، يقول لـ"العربي الجديد" بعدما منحت لهم عشرات الفرص للتعلم في السجن: "نعم خارج أسوار السيلونة (السجن باللهجة الشعبية الجزائرية) لم أكن أعرف معنى النجاح وهدف النجاح، هنا والحمد لله بعد العقاب بالسجن لمدة عشر سنوات، جاءني الفرج بالتوفيق في اجتياز الامتحان، والأهم أنه سيكون لي مستوى حتى وإن لم أنجح في البكالوريا، والأهم أنني سأحصل على فرصة تقليص العقوبة بفضل حسن السيرة والدراسة أيضا".

الهدف من تدريس المساجين هو محاولة إدماجهم في الحياة من جديد. ويقول المربي النفسي محمد دراجي لـ"العربي الجديد": "كثيرون منهم يستحقون الرعاية ومن السهل متابعتهم يومياً، وإعادتهم إلى جادة الصواب"، مضيفا "الأهم هو القضاء على المرض الذي دفعهم إلى السجن، وما اجتياز البكالوريا إلا وسيلة للوصول إلى ذلك".

ويطمح كثيرون للفوز بشهادة البكالوريا، على اعتبارها "صك الغفران" بالنسبة للسجناء، من بينهم نساء وفتيات "زجت بهن انحرافات الحياة وراء القضبان، يطمحن للبحث عن طريق العودة إلى المسار الصحيح"، حسب تعبير سمية (31 سنة)، التي رمت بها الظروف في أحضان المخدرات والمتاجرة بها، وبعد وفاة والدتها وجدت نفسها في الشارع لسنوات طويلة مع مجموعات السوء، على حد تعبيرها. وتوضح لـ"العربي الجديد" أنها سئمت العيش وراء القضبان، وتبحث عن ملاذ يعيدها إلى المسار الصحيح، داعية السلطات الجزائرية إلى مساعدتها وتقديم العون لمثيلاتها بالدخول في مؤسسات التعليم بعد أن فقدن الكثير، في مجتمع "لا يرحم".

بلغة الأرقام، كشفت وزارة التربية الجزائرية عن ترشح 3257 شخصا من نزلاء المؤسسات العقابية، من بينهم 100 امرأة، موزعين على 40 مؤسسة عقابية، أكبرهم يبلغ من العمر 76 سنة، وهو في سجن البوني في عنابة.

ويشرف الديوان الجزائري للامتحانات والمسابقات بالتنسيق مع وزارة العدل الجزائرية على مراكز للامتحانات الرسمية للمساجين، بعد أن تلقى النزلاء المساجين دروساً طيلة العام من طرف 720 أستاذاً، بالإضافة إلى حصص للتحضير النفسي بإشراف الأخصائيين النفسانيين لقطاع إدارة السجون".



وقال المدير العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، مختار فليون، في تصريحات صحافية إن وزارة العدل الجزائرية تعمل دورياً على إثراء الإجراءات للمساجين المتعلمين، والتي تهدف إلى تقويم سلوك المنحرفين والسماح لهم بالاندماج في المجتمع بعد انقضاء فترة عقوبتهم، مشيراً إلى أن ثمة تغييرا في الذهنيات لمحو آثار الجريمة لدى المجتمع، التي عادة ما تبقى لصيقة بالجاني رغم انقضاء عقوبته.

كما كشف أن بإمكان المؤسسة العقابية السماح للناجحين في شهادة البكالوريا بمزاولة دراستهم العليا صباحاً في مدرجات جامعية والعودة مساء للمؤسسة.

كما تم تسجيل، خلال هذا الموسم الدراسي، 41410 محبوسين لمواصلة الدراسة، منهم 32796 سجيناً في التعليم عن بُعد، و997 في التعليم العالي، في حين يتابع 7617 سجيناً دراستهم في أقسام محو الأمية.

شهادة البكالوريا في عين هؤلاء المساجين هي تأشيرة الولوج إلى الحياة وليس إلى الجامعة فقط، ورغم قساوة نظرات المجتمع للمساجين إلا أن كثيرين منهم يريد الإثبات للنفس قبل الآخرين أنهم يستحقون فرصاً أخرى.

المساهمون