إصرار حكومي بحريني على تعزيز قطاع الزراعة

29 ابريل 2015
محدودية الأراضي الزراعية في البحرين(فرانس برس)
+ الخط -
تقف المساحة البسيطة لمملكة البحرين (762 كيلومتراً مربعاً)، وندرة المياه الجوفية فيها مع زيادة الطلب عليها، وملوحة التربة وشح الأمطار، وراء تدني مساهمة قطاع الزراعة في الناتج المحلي إلى نحو 0.3%، بينما تبلغ المساحة القابلة للزراعة نحو 64 كيلومتراً مربعاً يزرع فعلياً منها أقل من 40 كيلومتراً مربعاً.

مبادرة وطنية
ومنذ العام 2010، دشنت المملكة المبادرة الوطنية لتنمية القطاع الزراعي، وذلك لتلبية احتياجاتها من المنتجات الزراعية بمفهومها العام (الزراعي والسمكي والحيواني)، وتشجيع المستثمرين ورواد الأعمال للانخراط في هذا القطاع الحيوي، وتعزيز مفهوم الأمن الغذائي لدى البحريين انطلاقاً من تدعيم المناهج الدراسية عبر سنوات التعليم المختلفة، لإحياء قطاع الزراعة من جهة والتنبيه إلى وسائل الري والزراعة غير التقليدية نظراً للظروف الجغرافية للمملكة.

يقول الخبير في الاستثمار الزراعي في مملكة البحرين، عبد الحميد أحمد عبد الغفار: "منذ أزمة الغذاء في العام 2007، ومنطقة الخليج، ومن بينها البحرين، تسعى لتلافي حدوث أزمات مماثلة، وذلك عبر استراتيجية تقوم على محورين: الأول، البحث عن الفرص الاستثمارية في الدول القريبة أو البعيدة جغرافياً، والتي تتمتع بميزة نسبية، من أجل إنتاج أصناف زراعية معينة، والثاني، تشجيع المستثمرين المحليين على الدخول في استثمارات لإنتاج محاصيل أخرى تتناسب مع طبيعة البيئة الجغرافية للمملكة وما تعانيه من شح في موارد المياه".


ويضيف: "من جهة أخرى، يمكن لمملكة البحرين الاعتماد على تقنية "الزراعة بدون تربة" والتي يمكن من خلالها تحييد كثير من العناصر، مثل قلة المساحة الصالحة للزراعة وندرة والمياه، وذلك عبر تصميم مبانٍ متعددة الطوابق تسمح بتوفير تربة غير تقليدية، ولعل انتشار هذه التقنية في بلدان كثيرة ونجاحها يكون حافزاً على تبنيها في بلدان الخليج بشكل عام".

كما يلفت إلى غياب إدراج شركة زراعية (مساهمة ـ مقفلة) في بورصة البحرين تعمل في المجال الزراعي، مقارنة مع البورصة السعودية التي توجد بها 16 شركة تعمل في مجال الزراعة والصناعات الغذائية، ويرجع ذلك إلى ضعف الفرص التمويلية المقدمة للقطاع، بالإضافة إلى الزحف العمراني الذي يؤدي إلى تآكل الرقعة الزراعية وانحسار مساحتها بشكل لافت للغاية.

ومن جانبه، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور يوسف المشعل، أن نمو القطاع الزراعي ليس أمراً صعباً، شريطة توفير بيئة استثمارية محفّزة للمستثمرين، تقلّل من المخاطر التي يتعرض لها المنخرطون في هذا القطاع، مع ضرورة أن تشارك الحكومة باستثمارات في هذا القطاع، تشمل تهيئة البيئة الأساسية، والمتمثلة في وسائل الري والصرف، والبحوث الزراعية ونقل التكنولوجيا والتقنيات الزراعية المتقدمة.


ويؤكد، لـ"العربي الجديد"، أنه بالنظر إلى استراتيجية الحكومة في القطاع الزراعي في المملكة، نجد أنها ترتكز على عدة محاور، منها: تحقيق أمن غذائي نسبي وتشجيع الاستثمار الزراعي وتعزيز الرعاية الصحية الزراعية مع المحافظة على الموارد الطبيعية، بالإضافة إلى التطوير الزراعي واستخدام التقانات الحديثة وتنمية وحماية الأراضي الزراعية مع بناء وتطوير القدرات الوطنية ورفع كفاءة الكوادر العاملة بالقطاع ودعم صغار المزارعين والمربين، وهي عناصر متكاملة شريطة أن يتم تطبيقها على أرض الواقع.

دعم وتقنيات حديثة
من جهته، يرى مدير إدارة الهندسة الزراعية، أحمد المدني، ضرورة الاهتمام بالقطاع الزراعي لما له من أهمية اقتصادية فضلاً عن الجوانب الصحية، مع تشجيع المبادرات الرائدة في هذا المجال لتأخذ طريقها نحو التنفيذ، مع تنمية الأراضي الزراعية والحفاظ عليها وإدخال التقنيات الزراعية الحديثة. ويقول إن المملكة تسعى لتوفير الدعم للمزارعين للاستمرار في مهنتهم مع رفدهم بكل ما هو جديد وحديث في القطاع وتوفير قروض لتشجيع صغار المستثمرين.

ويضيف: "لدينا مبادرات ناجحة في المجال الزراعي تستحق الإشادة، أبرزها مشروع الحاضنة الزراعية في "هورة عالي"، حيث تم خلاله تدريب وتأهيل العديد من المزارعين واحتضان رواد الأعمال الزراعيين والعمل على تأهيلهم للبدء بمشاريعهم الزراعية وتقديم الخدمة والمشورة لهم، مع العمل على تمكينهم من تسويق منتجاتهم وتطوير إمكانياتهم لمشاريع زراعية رائدة ذات عائد اقتصادي جيد وقائمة على تقنيات حديثة تنقلهم من الطرق التقليدية إلى الطرق الحديثة".

ويشير إلى أن تشجيع المبادرات الناجحة ورعايتها من جانب الحكومة يساهم في سد الفجوة الغذائية ويؤمّن قدراً من الاحتياجات الضرورية للمواطنين، كما لا يمكن إغفال الجهود الرامية إلى تعزيز الاستثمارات الزراعية في الخارج، ومن ذلك ما تم الاتفاق عليه أخيراً مع جمهورية السودان، حيث منحت حكومة البحرين المستثمرين مساحة 100 كيلومتر مربع، وهو ما يعادل 250% من مساحة الأراضي الزراعية بالبحرين، لاستثمارها زراعياً لمدة 99 سنة، وهي خطوة مهمة على طريق التكامل العربي في مجال الأمن الغذائي.

إقرأ أيضا: نموّ الاستثمار الزراعي في قطر لتحقيق الاكتفاء الذاتي
المساهمون