إضراب سائقي سيارات الأجرة يشل حركة الشوارع بتونس

24 مايو 2017
انتشار النقل العشوائي في تونس (Getty)
+ الخط -
يجد صاحب سيارة الأجرة (التاكسي) محمد الناصري، نفسه مجبرا على مشاركة زملائه في الإضراب الذي ينفذه قطاع النقل الخاص منذ أول أمس، الإثنين، ولمدة ثلاثة أيام، رغم إدراكه بأن التوقف عن النشاط سيكبده خسارة لا تقل عن 150 دولارا، غير أن هذه الخسارة لا تمثل شيئاً أمام الصعوبات الكبيرة التي يعيشها قطاعه، وفق قوله.
ويعتبر محمد أن القطاع بات مهددا، مشيرا إلى أن أغلب زملائه انحدروا إلى دائرة الفقر بعد أن كان أصحاب سيارات الأجرة من الميسورين في تونس في الثمانينيات والتسعينيات.
ويشير المتحدث لـ"العربي الجديد"، إلى أن قرار الدخول في إضراب لمدة ثلاثة أيام وشل الحركة في العاصمة والمدن الكبرى كان اضطراريا بعد انسداد كل سبل التفاوض مع وزارة النقل التي لم تستجب للحد الأدنى من طلباتهم، مؤكدا أن القطاع الذي يشغل نحو 30 ألف شخص يواجه صعوبات كبيرة، الأمر الذي سمح للنقل العشوائي بالانتشار في غياب سلطة حازمة قادرة على فرض القانون والعدالة بين مختلف أصناف سيارات الأجرة.

ويشتكي أصحاب سيارات الأجرة بجميع أصنافها من ارتفاع غير مسبوق في الضرائب المفروضة عليهم وزيادة في أسعار التأمينات، فضلا عن مصاريفهم المتعلقة بسداد أقساط السيارات التي يستغلونها والتي تموّل شركات الإيجار المالي جزءا مهما منها.
ويعتبر أصحاب سيارات الأجرة أن تراجع المقدرة الشرائية للتونسيين أثر بشكل كبير على نشاطهم بالرغم من رداءة خدمات النقل العمومي، ما يدفع العديد من المواطنين إلى اللجوء لسيارات الأجرة الجماعية أو النقل العشوائي الأقل كلفة، في غياب أي من أشكال التنافس النزيه بين مختلف أصناف النقل الخاص.
وندد رئيس الاتحاد التونسي للتاكسي الفردي، فوزي الخبوشي، باستمرار تجاهل الحكومة لمطالب أهل المهنة ورفض التعددية النقابية للدفاع عنهم، محملا رئيس الحكومة يوسف الشاهد، مسؤولية تعطل مصالح المواطنين والفساد الذي ينخر القطاع.
وقال الخبوشي في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن كل القطاعات تحصل على دعم المحروقات من الحكومة باستثناء قطاع سيارات الأجرة الذي يتكبد أعباء مالية وجبائية كبيرة.

وأعرب رئيس غرفة التاكسي الفردي عن استعداد المهنيين للعودة إلى نشاطهم وتأمين نقل المواطنين في حال تلقي وعود جادة من أعضاء البرلمان بالنظر في ملفهم، مشددا على أن قطاعهم من أهم القطاعات الاقتصادية النشيطة التي توفر فرص العمل.
ويقول الخبوشي إن السلطات تصر على تجاهل مطالبهم وترفض حضور المفاوضات معهم، كما أن هناك رفضا للتعددية النقابية للدفاع عنهم، مضيفا أن الدخلاء المقدر عددهم بنحو 3 آلاف سائق تاكسي بتونس قد أضروا بمهنة التاكسي.
ويشكو رئيس الغرفة من عدم مواكبة التعرفات المعمول بها حاليا مع تطور الكلفة، مشددا على اقتناع أصحاب المهنة بأن وضع التونسيين لا يحتمل أي زيادة في الأسعار.
وطالب الحكومة بإيجاد حلول لتخفيف الضغط الجبائي على نشاطهم وأثر سحب دعم المحروقات عنهم.

وقال عضو البرلمان فيصل بن خليفة، إن لجنة الخدمات ستنظر في مطالبهم وسيعقد مع المهنيين اجتماعا خلال الأسبوع القادم لبحث حلول جذرية يتم على أثرها توثيق المطالب والحلول المقترحة في محضر رسمي يُرفع إلى الحكومة.
وأضاف عضو البرلمان في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "إشكاليات المهنة متعددة ومتشعبة ومتراكمة، ما يفرض الجلوس مع المهنيين لتفكيك هذه المشاكل تفاديا لأي من أشكال التصعيد مستقبلا"، لافتا إلى أن قطاع النقل الفردي في تونس غير مهيكل، ما يجعل وضعية العاملين فيه اجتماعيا ومهنيا في غاية الهشاشة، رغم أهميته الاقتصادية، حسب قوله.
ويبلغ عدد سيارات التاكسي في تونس الكبرى نحو 15 ألف سيارة، في حين يبلغ العدد الإجمالي لسيارات التاكسي الفردي في كامل ولايات الجمهورية نحو 32 ألف سيارة.

ولم تنجح سيارات النقل الجماعي ولا الحافلات أو المترو في تخفيف حدة إضراب التاكسي الفردي خلال الأيام الثلاثة الماضية، ما يعكس أهمية هذا القطاع وإسهامه في حركة النقل عموما في تونس.
ويبحث عدد من أصحاب سيارات الأجرة عن بدائل للحد من تداعيات ارتفاع أسعار المحروقات إما باستعمال الغاز أو التزوّد من السوق السوداء، ما ساهم بشكل كبير في توسع عدد الناشطين في تجارة المحروقات المهربة عبر الحدود.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نفذ أصحاب سيارات الأجرة إضرابا مماثلا احتجاجا على ما اعتبروه مبالغة في المخالفات التي تفرضها شرطة المرور على سائقي التاكسي بسبب المظهر والهندام.


دلالات
المساهمون